في إحدى أسواق كراكاس يحسب خوان بيديه حزمة أوراق نقدية مجعدة لشراء 12 بيضة وكيسا من طحين الذرة الصفراء قائلا بانفعال "هذا جنون!" بعد أن أنهكه التضخم القياسي الذي ارتفع إلى 29% منذ بداية السنة.
وفي طوابير الانتظار الطويلة يفقد الكثير من الناس أعصابهم ويقول فنان رسام في السبعين من حي غواراتارو غرب العاصمة "هذا شيء فظيع! كيف يمكن أن يعتمد بلد نفطي إلى هذا الحد على الاستيراد؟ نحن لا ننتج شيئا هنا".
ويقول لفرانس برس إن إحباطه "ليس بدون سبب" إذ أن فنزويلا تعاني من أعلى نسبة تضخم في أميركا اللاتينية تزيدها تفاقما ندرة مواد أساسية.
ومن أكثر الأشياء التي يبحث عنها الفنزويليون ورق التواليت ومعجون الأسنان والصابون والحفاضات.
وتستورد البلاد التي تملك أحد أكبر احتياطي نفطي في العالم، تقريبا كل ما تستهلكه.
لكن الدولارات ليست متوفرة خصوصا بسبب المراقبة الصارمة التي فرضتها السلطات على العملات منذ عشر سنوات للحد من هروب رؤوس الأموال.
وتضع هذه الظروف، إضافة إلى القيود المفروضة على المستوردين، الفنزويليين أمام مشكلة نقص خطير في المواد الاستهلاكية. وقيم البنك المركزي مؤشر ندرة المواد الأساسية بـ19,4% بينما يقارب التضخم العشرين في المئة منذ عدة سنوات.
ولخصت مارينا لوبيس (50 سنة) أمام رفوف فواكه وخضر الوضع بالقول "كل شيء غال، علينا أن نفعل المعجزات، فالرواتب تصعد الدرج بينما الأسعار تركب المصعد، إذا استمر هذا الحال سيتعين علي أن أزرع سطح البناية كي أحصل على طعام".
وتشاطرتها الرأي كارولينا باتشيكو (35 سنة) وهي ربة منزل، وقالت إن "التضخم أضر بنا كثيرا، فأنا الآن أنفق ضعف ما كنت أنفقه في فبراير أو أكثر، لا يمكننا أن نستمر في هذه المعاناة".
وتنسب حكومة نيكولا مادورو التي تحاول إبقاء الحد الأدنى من الرواتب في مستوى مقبول، -سيرتفع مجددا من 390 إلى 430 دولار في سبتمبر- هذا الثنائي (التضخم وندرة المواد) إلى المضاربين الذين تتهمهم بتخزين السلع لرفع الأسعار.
لكن خفض قيمة العملة (البوليفار) بأكثر من 30% في فبراير (من 4,3 إلى 6,3 دولار) لإتاحة خفض العجز الضريبي في البلاد لم يوقف حمى التضخم.
ويرجع العديد من الاقتصاديين المحليين مثل اسدروبال اوليفيروس من معهد ايكونواناليتيكا هذا الوضع الى عدة عوامل منها ضعف الإنتاج الوطني واحتكار السلطات للورادات وازدواجية صرف العملة (الدولار في السوق السوداء يبلغ خمسة أضعاف سعره الرسمي) وندرة العملة الصعبة.
وفي محاولة للتخفيف عن كاهل الفنزويليين فرضت حكومات هوغو تشافيز (1999-2013) ووريثه السياسي نيكولا مادورو الذي انتخب في أبريل، مراقبة على أسعار المواد الأساسية مثل الرز واللحوم والحليب والدجاج والسكر والقهوة وطحين الذرة الصفراء الضرورية لإعداد خبز "أريباس" الذي يعتبر الغذاء التقليدي الأساسي.