تستقبل الأسواق المالية الأميركية مرحلة حاسمة يوم الانتخابات الرئاسية وما بعدها، حيث تشهد المؤشرات الرئيسية حالة من الترقب الشديد وسط توقعات بتقلبات قد تؤثر على الأداء العام في الأجل القصير.
وتاريخياً، أظهرت البيانات أن أسواق الأسهم تميل إلى تحقيق مكاسب بين يوم الانتخابات ونهاية العام، لكن تلك الفترة غالباً ما تتسم بتذبذبات ملحوظة مباشرة بعد التصويت.
تأتي هذه الانتخابات في عام قوي للأصول الاستثمارية، مما يضيف مزيداً من التحديات أمام المستثمرين الذين يسعون للاستفادة من تحركات السوق وسط حالة من عدم اليقين السياسي.
وفي ظل احتمالية تأخر الإعلان عن النتائج النهائية لبعض السباقات الرئاسية أو البرلمانية، يُنظر إلى الانتخابات الآن كمحرك رئيسي للأسواق، حيث يترقب المستثمرون تأثيرها على اتجاه المؤشرات الأمريكية وتداعياتها على المدى الطويل.
ما الذي تكشفه البيانات التاريخية؟
وبحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، فإن:
- الأسهم تميل إلى الارتفاع بعد الانتخابات الرئاسية، لكن على المستثمرين أن يستعدوا لبعض التقلبات قصيرة الأجل، حسبما تظهره البيانات التاريخية.
- البيانات التي جمعتها الشبكة تشير إلى أن المؤشرات الرئيسية الثلاثة (داو جونز وناسداك وستاندرد آند بورز 500) قد شهدت ارتفاعات في المتوسط بين يوم الانتخابات ونهاية العام في سنوات الانتخابات الرئاسية منذ العام 1980. ومع ذلك، لا ينبغي للمستثمرين توقع ارتفاع مستمر في السوق فور إغلاق صناديق الاقتراع.
- أظهرت المؤشرات الثلاثة انخفاضات في المتوسط في اليوم الأول والأسبوع التالي ليوم الانتخابات، لكن الأسهم تعود عادة لتعويض معظم هذه الخسائر أو جميعها خلال شهر واحد.
- هذا يعني أنه لا ينبغي للمستثمرين توقع ارتفاع سريع في الأسعار يوم الأربعاء أو في الأيام القليلة التالية.
- يزداد هذا احتمالاً نظراً لأن السباق الرئاسي، الذي يعتبر متقارباً، قد لا يُحسم بحلول صباح الأربعاء. كما قد تحتاج أميركا لانتظار النتائج النهائية للسباقات البرلمانية القريبة لتحديد الحزب الذي سيسيطر على أحد مجلسي الكونغرس أو كليهما.
ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية للأبحاث الاستراتيجية في جيه بي مورغان، إيمي هو، قولها: "الانتخابات الآن في صدارة المشهد كأحد المحفزات الرئيسية للأسواق المالية"، مضيفة: "نحذر من احتمال استمرار حالة عدم اليقين بشأن النتائج، حيث قد يستغرق الأمر عدة أيام لتأكيد نتائج السباق الرئاسي، وقد تستمر أسابيع للسباقات البرلمانية".
تأتي هذه الانتخابات في ظل عام قوي للأسهم، حيث دفعت السوق الأوسع إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. ومع مكاسب تقارب 20 بالمئة، كان العام 2024 أفضل أول عشرة أشهر لسنة انتخابات رئاسية منذ العام 1936، وفقاً لمجموعة Bespoke Investment Group.
سيناريوهات
رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets جو يرق، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- أداء وول ستريت بعد الانتخابات يبدأ يعكس نتائج التصويت.
- النتائج متقاربة إلى حد كبير -حسب ما تُظهره استطلاعات الرأي- وهناك حالة من عدم الاستقرار، مع احتمالية قائمة بخصوص إعادة فرز الأصوات في بعض الولايات بعد ذلك.
- بغض النظر عن من سيفوز بالرئاسة، فإن هناك سيناريوهات مختلفة لأداء الأسواق.
- إذا فاز ترامب، فمن المتوقع أن يكون هناك أداء جيد لـ "وول ستريت" بفضل سياساته الحمائية، التي تشمل تخفيض الضرائب ودعم الاقتصاد المحلي، علاوة على السياسات المتشددة تجاه الهجرة. وقد يتجه إلى تخفيض الضرائب على الشركات من 21 بالمئة إلى 15 بالمئة، إلى جانب فرض ضرائب إضافية على الشركات والبضائع الأجنبية.
وفيما يتعلق بالأداء المتوقع خلال جلسات هذا الأسبوع، فيوضح أنه إذا تأخرت النتائج في ظل حالة عدم الاستقرار -مع تقارب المرشحين- فقد يؤدي ذلك إلى مسار هبوطي للأسواق حتى تتضح الرؤية بشأن الرئيس القادم للولايات المتحدة، خاصة وأن النتائج في نحو 6 إلى 7 ولايات لا تزال متقاربة (الولايات المتأرجحة)، مما يخلق حالة من عدم اليقين.
ويشدد على أنه في حالة فوز ترامب، من المرجح أن تشهد الأسواق ارتفاعاً بعد ذلك. أما في حالة فوز كامالا هاريس ونجاح بعض الديمقراطيين بالسيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب، فقد يؤدي ذلك إلى استقرار في الحكم ونتائج إيجابية لوول ستريت أيضاً.
خلال تعاملات أول أيام الأسبوع وقبل يوم واحد من إجراء الانتخابات الرئاسية، سجلت المؤشرات الأميركية الرئيسية الثلاث تراجعاً، بعد جلسة متقلبة فقد خلالها مؤشر داو جونز نحو 400 نقطة قبل أن يقلص خسائره بنهاية الجلسة إلى نحو 250 نقطة متراجعاً بنحو 0.61 بالمئة عند مستوى 41,794.60 نقطة.
كذلك مؤشر S&P 500 فقد تراجع بنحو 0.28 بالمئة، لينهي التعاملات عند مستوى 5,712.69 نقطة. كما تراجع مؤشر ناسداك بنحو 0.33 بالمئة، منهياً التعاملات عند مستوى 18,179.98 نقطة.
تأثر إيجابي
تتفق خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، مع تقديرات يرق، وتعتقد بأنه:
- في كلتا الحالتين، سواء فاز ترامب أو كامالا هاريس، ستتأثر مؤشرات وول ستريت بشكل إيجابي، ولكن نسبة التأثير هي التي ستختلف من هاريس إلى ترامب.
- في حالة فوز كامالا هاريس، من الممكن أن يكون التأثير أضعف على الأسهم بشكل عام، لكنه سيكون أكبر على قطاعات معينة مثل الأدوية والرعاية الطبية؛ نظراً لاهتمامها بدعم المواطن وإصدار تشريعات لتحسين مستوى الخدمات.
وفيما يخص موقف الفيدرالي، تشير إلى أنه في كلتا الحالتين (فوز أي من المرشحين)، سيلجأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة، حيث ينتهج سياسة تيسيرية لا تختلف بين فوز هاريس أو ترامب.
وتهتم هاريس بقطاعات محددة، مثل الطاقة المتجددة والرعاية الطبية، والتي قد تشهد تحركاً داخل وول ستريت في حال فوزها، ولكن تأثيرها سيكون محدوداً على بقية الأسهم في المؤشرات الأميركية، وفق رمسيس، التي تضيف: "أما في حال فوز ترامب، فهو يواجه مسألة رفع التعريفات الجمركية، وسيمدد تخفيضات الضرائب للشركات، مما يعزز من عمليات الاستحواذ والاندماج ويدعم الاستثمار في الوقود الأحفوري، مما قد يؤدي إلى تحسين أداء مؤشرات السوق".
وتستطرد: "إلا أن مخاوف رجال الأعمال من التعريفات الجمركية والسياسات الحمائية العالية قد تؤثر سلباً على قطاع التكنولوجيا، وخاصة شركات الإلكترونيات وأشباه الموصلات، نظراً لموقفه الحاد".
تستند سياسات ترامب الحمائية إلى رؤية تهدف إلى حماية المنتجات الأميركية، لكنها تؤثر سلباً على مبيعات تلك الشركات، مما قد يؤثر على أدائها في وول ستريت. لكن رمسيس تعتقد بأنه ستكون حركة المؤشرات أكثر مرونة مع تولي ترامب، حيث يعد من ناحية أخرى بعديد من الإعفاءات والمحفزات الاقتصادية.
أسبوع متذبذب
ونقلت "رويترز" عن كبير استراتيجيي الاستثمار في سي.إف.آر.إيه للأبحاث في نيويورك، سام ستوفال، قوله:
- "نظراً لأننا سنستغرق حتى يوم الخميس أو نحو ذلك على الأقل لمعرفة من فاز، فمن المؤسف أن هذا سيكون أسبوعًا متقلبًا للغاية".
- "إن الأرباح تسير بشكل جيد، ومن المرجح أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، والشك الحقيقي الوحيد هو الانتخابات، ونأمل أن يتم الانتهاء منها عاجلاً وليس آجلاً حتى يتمكن المستثمرون من العودة إلى الاستثمار".
قرار الفيدرالي
وبعيداً عن الانتخابات، ينتظر المستثمرون قرار أسعار الفائدة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، والمقرر صدوره يوم الخميس، وتعليقات جديدة من رئيس البنك جيروم باول على تحركات البنك المركزي في السياسة في المستقبل.
ويضع المتداولون في الحسبان احتمالات بنسبة 98 بالمئة لخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بعد خفضها بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر ، وفقًا لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME .