لأول مرة منذ نحو أربعة أعوام قررت لجنة السياسة النقدية لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، لتصل إلى مستوى يتراوح بين 4.75 و5 بالمئة، هذا التغيير في السياسة النقدية، والذي تبعه العديد من البنوك المركزية الأخرى حول العالم، يفتح الباب أمام أسئلة مهمة حول مستقبل أموالك، هل أنت مستعد للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة؟ أم أنك تشعر بالارتباك حيال الخطوات التالية؟
إن انخفاض أسعار الفائدة هو بمثابة إشارة انطلاق لسباق جديد في عالم المال والأعمال. فمن جهة، قد يشجع هذا الانخفاض على زيادة الاقتراض والاستثمار، مما قد يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد وزيادة فرص العمل. ومن جهة أخرى، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول مثل العقارات والأسهم، مما قد يجعل من الصعب على البعض المشاركة في هذا النمو.
في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" يقول الخبير المالي والاقتصادي الإماراتي حسين القمزي مخاطباً المستهلك والمستثمر "عندما تنخفض أسعار الفائدة، مثلما حدث مؤخراً فمن المهم أن تتفهم تأثير هذا التغيير على جوانب حياتك المالية، فإذا كنت قد اقترضت لشراء عقار أو سيارة، قد يكون من الحكمة إعادة تمويل هذه القروض للاستفادة من الفائدة المنخفضة، مما يقلل من الدفعات الشهرية ويساهم في التوفير بتقليل الفوائد على المدى الطويل".
وكذلك، قد يكون الوقت مناسباً للحصول على تمويل جديد لمشاريع أو استثمارات عقارية، حيث إن تكاليف الاقتراض أصبحت أقل، أما بالنسبة لمدخراتك، قد تصبح العوائد أقل جاذبية، لذا يمكنك النظر في استثمار أموالك في أصول ذات عوائد أعلى مثل الأسهم أو الصناديق الاستثمارية، مع الحفاظ على سيولة كافية لمواجهة أي طوارئ، بحسب المحلل المالي القمزي.
ولفت إلى أن "ارتفاع أسعار الأصول مثل العقارات والأسهم يحدث خلال فترات الفائدة المنخفضة نتيجة زيادة الطلب عليها، قد يمثل فرصة لتحقيق أرباح رأسمالية. لذلك، من الضروري موازنة قراراتك المالية بعناية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الظروف الاقتصادية".
ديناميكيات التمويل الشخصي
الخبير المالي والاقتصادي علي حمودي يقول في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "أحدث القرار الذي اتخذه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة موجات في الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك تلك الموجودة في الشرق الأوسط. ويمكن لمثل هذه الخطوة أن تؤثر بشكل كبير على ديناميكيات التمويل الشخصي في المنطقة. وفي حين يمكن لأسعار الفائدة المنخفضة أن تحفز النمو الاقتصادي من خلال جعل الاقتراض أرخص، فإنها تتطلب من الأفراد إعادة معايرة استراتيجياتهم المالية".
وأوضح أنه يمكن أن يكون لأسعار الفائدة المنخفضة العديد من الآثار المترتبة على التمويل الشخصي وفقاً لما يلي:
- تكاليف اقتراض أرخص، بالنسبة للأفراد والشركات تصبح تكلفة القروض والرهن العقاري بأسعار معقولة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الاقتراض، سواء لشراء المنازل أو السيارات أو تمويل المشاريع التجارية.
- انخفاض العائدات على المدخرات، قد تقدم حسابات التوفير والودائع الثابتة وبعض أدوات الاستثمار عائدات أقل، مما يدفع المدخرين إلى إعادة التفكير في استراتيجياتهم الاستثمارية.
- جاذبية الاستثمار: نظراً لأن أدوات الادخار التقليدية تحقق عائدات أقل، فقد يسعى المستثمرون إلى تحقيق عائدات أعلى من خلال الأسهم والعقارات وفئات الأصول الأخرى.
- زيادة إنفاق المستهلك: قد يشعر العديد من المستهلكين بمزيد من الثقة في الإنفاق بسبب انخفاض تكاليف الاقتراض، مما قد يحفز النشاط الاقتصادي.
5 استراتيجيات لاتخاذ القرار المالي
وأشار الخبير المالي حمودي إلى خمس استراتيجيات لاتخاذ القرارات المالية وفقاً لمايلي:
- إعادة تقييم ديونك: في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، يعد الوقت مناسباً لإعادة تقييم ديونك الحالية، وإعادة تمويل القروض الحالية، وخاصة الرهن العقاري، للاستفادة من الأسعار المنخفضة، حيث يمكن أن يؤدي هذا إلى خفض المدفوعات الشهرية وتقليل إجمالي الفائدة المدفوعة بمرور الوقت، إلى جانب التركيز على الديون ذات الفائدة المرتفعة، بمعنى سداد الديون ذات الفائدة المرتفعة مثل بطاقات الائتمان، والتي قد لا تستفيد من الأسعار المنخفضة بنفس الطريقة التي تستفيد بها أنواع أخرى من القروض.
- إعادة التوازن إلى محفظة الاستثمار الخاصة بك: مع انخفاض أسعار الفائدة على حسابات التوفير، فكر في تنويع استثماراتك، وابحث عن الاستثمار في الأسهم أو صناديق الاستثمار المتداولة، وخاصة في القطاعات التي من المرجح أن تستفيد من انخفاض تكاليف الاقتراض، مثل العقارات والسلع الاستهلاكي، وينظر العديد من الأفراد إلى العقارات باعتبارها استثماراً قوياً. قد توفر أسعار الرهن العقاري المنخفضة حافزاً للاستثمار في العقارات، سواء للحصول على دخل من الإيجار أو زيادة رأس المال.
- تعظيم العائدات على المدخرات: في حين أن حسابات التوفير قد تقدم فائدة أقل، فمن الضروري الحفاظ على استراتيجية ادخار قوية، من خلال الحفاظ على صندوق طوارئ قوي لتغطية 6-12 شهراً من النفقات إذ يعد وجود السيولة أمراً بالغ الأهمية، وخاصة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، واستكشف خيارات الادخار البديلة، أي فكر في حسابات التوفير ذات العائد المرتفع، أو غيرها من المنتجات الاستثمارية التي قد تقدم عوائد أفضل من حسابات التوفير التقليدية.
- التخطيط لعمليات شراء كبيرة: قد تكون أسعار الفائدة المنخفضة وقتاً جيداً للاستثمارات الكبيرة، مثل شراء المنازل، إذ قد يكون الآن وقتاً ممتازاً لتأمين قرض عقاري بمعدل أقل، مما يقلل من العبء المالي الطويل الأجل، وكذلك تمويل المركبات، من خلال البحث عن قروض السيارات التي قد تأتي بأسعار فائدة أقل، مما يجعل شراء مركبة جديدة أو مستعملة أرخص.
- إعادة تقييم أهدافك المالية: مع تغير أسعار الفائدة، من الضروري إعادة النظر في تخطيطك المالي، كـن تستمر في المساهمة في حسابات التقاعد، وبالنسبة لأولئك الذين لديهم أطفال، عليهم التفكير في خطط الادخار للتعليم أو حسابات الاستثمار التي يمكن أن توفر إمكانات النمو بمرور الوقت.
وختم حمودي بقوله: "إن التنقل خلال فترة انخفاض أسعار الفائدة يمثل تحديات وفرصاً للأفراد. من خلال فهم آثار هذه التغييرات وتعديل استراتيجياتك المالية وفقاً لذلك، يمكنك اتخاذ قرارات مستنيرة تضعك في وضع يسمح لك بالنجاح على المدى الطويل. سواء كان الأمر يتعلق بإعادة تقييم الديون أو تنويع الاستثمارات أو الاستعداد لعمليات شراء كبيرة، فإن المفتاح هو البقاء استباقياً وقابلًا للتكيف في بيئة اقتصادية تتطور باستمرار. إن اتخاذ هذه الخطوات لن يؤمن موطئ قدمك المالي فحسب، بل سيوفر أيضاً مساراً لتحقيق أهدافك المالية طويلة الأجل".