روج الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب وأبناؤه لمنصة تشفير جديدة، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه المرشح الرئاسي الجمهوري إلى جذب قطاع الأصول الرقمية قبل 50 يومًا فقط من الانتخابات الأميركية.
وانضم ترامب ودونالد ترامب جونيور وإريك ترامب، إلى جانب مطور العقارات المقيم في نيويورك والمانح الكبير لترامب ستيف ويتكوف وأبنائه أليكس وزاك ويتكوف، إلى محادثة X Spaces يوم الاثنين الماضي؛ حيث تم الإعلان رسمياً عن World Liberty Financial.
وقالت الشركة إن مهمتها واضحة تماماً، وهي "جعل العملات المشفرة وأميركا عظيمة من خلال دفع التبني الجماعي للعملات المستقرة والتمويل اللامركزي".
ولم يتم تقديم سوى القليل من التفاصيل الإضافية، على الرغم من أن عديداً من المتحدثين أبرزوا الرغبة في تحسين إمكانية الوصول والاستخدام لمستخدمي العملات المشفرة.
وقال مستشار المشروع، كوري كابلان، إنه سيتم أيضًا تقديم رمز مميز.
وقال ترامب في مقطع فيديو الأسبوع الماضي: "نحن نحتضن المستقبل بالعملات المشفرة ونترك البنوك الكبيرة البطيئة والقديمة خلفنا".
خلال المقابلة التي أجريت في منتجعه مار إيه لاغو بولاية فلوريدا يوم الاثنين، أخبر ترامب المذيع ومن وصفه بـ "الأخ الفخور بالعملات الرقمية" فاروخ سرمد، بأن المحادثات مع أبنائه غيرت رأيه بشأن فوائد الأصول الرقمية.
وقال ترامب عن ابنه بارون البالغ من العمر 18 عامًا: "إنه يتحدث عن محفظته - لديه أربع محافظ أو شيء من هذا القبيل". "وأنا أقول، 'ما هي المحفظة؟ اشرح لي هذا".
وأضاف ترامب خلال المقابلة التي جاءت بعد يوم من استهدافه في محاولة اغتيال على ما يبدو في ملعب للغولف في فلوريدا: "يبدو الأمر وكأن الشباب يعرفون ذلك بشكل أفضل بكثير من كبار السن".
وقال ستيف ويتكوف خلال الحدث الذي أقيم يوم الاثنين: "أعتقد بأن التمويل اللامركزي هو طريق المستقبل"، حسبما نقل تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
وقال زاك فولكمان، أحد موظفي الشركة، إن شركة وورلد ليبرتي فاينانشال لن "تعيد بناء العجلة" بل ستستخدم "منتجات بسيطة"، تتفاعل مع الرموز المعروفة باسم العملات المستقرة، والتي ترتبط قيمتها بالدولار الأميركي.
ولم تقدم الشركة الكثير من التفاصيل حول كيفية عملها أو المنتجات التي ستقدمها.
وحذرت في برنامج X مساء الاثنين: "احذر من عمليات الاحتيال! تنتشر الرموز المزيفة وعروض AirDrop. لم نقم بتشغيلها بعد".
ترامب يغير موقفه
كانت تعليقات ترامب المؤيدة للعملات المشفرة بمثابة انحراف عن آرائه السابقة. فقد قال إن قيمة العملات المشفرة "مبنية على الهواء" وأن الاستثمار فيها "كارثة محتملة تنتظر الحدوث".
لكن ترامب تبنى الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية للعام 2024، وتقبل التبرعات بالعملات المشفرة، ودعا إلى أن تكون الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة على مستوى العالم".
وقد حصل على دعم المستثمرين في القطاع مثل المستثمرين المؤثرين مارك أندريسن وبين هورويتز، والمؤسسين المشاركين لبورصة جيميني تايلر وكاميرون وينكلفوس، والمؤسس المشارك لبورصة كراكن جيسي باول.
وقد مارست مجموعات التشفير قوتها بشكل متزايد، وجمعت مئات الملايين من الدولارات لدعم المرشحين المتعاطفين وكثفت حملة الضغط ضد جاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة، الذي شن حملة صارمة على الصناعة.
في يوليو ، وعد ترامب في مؤتمر بيتكوين 2024 في ناشفيل بأنه سوف "يطرد" رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة جاري جينسلر في أول يوم له في منصبه، وسط هتاف كبير من الجمهور.
رئيس العملات المشفرة
كبير الاقتصاديين في شركة ACY، نضال الشعار، أشار إلى أن تصريحات ترامب الأخير حول اعتزامه أن يكون حرفياً رئيس العملات المشفرة تشكل تحولًا جذريًا في مواقفه السابقة، فحينما كان في منصبه كرئيس، كان معارضًا بشدة للعملات المشفرة، إذ قال في العام 2019 إن "بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى ليست نقودًا" وإن قيمتها غير مستقرة وتستند إلى "الهواء". هذه التصريحات كانت تعكس موقفه المتشدد تجاه هذه الأصول.
لكن اليوم، يُظهر ترامب انفتاحًا متزايدًا على العملات الرقمية، معترفًا بأن إدارته السابقة كانت حذرة تجاه هذا المجال، لكنه يرى الآن أن لهذه الأصول إمكانات كبيرة قد تُحدث ثورة في عالم المال وسلاسل التوريد والأمن السيبراني.
هذا التحول في موقفه قد يكون له أثر بالغ على صناعة العملات الرقمية، خاصة إذا فاز في الانتخابات الرئاسية وأصبح قادرًا على توجيه السياسات الحكومية ودفع الرأي العام نحو تبني هذه التكنولوجيا بشكل أكبر، وفق الشعار في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
بالإضافة إلى ذلك، تناول الشعار تأسيس ترامب لشركة "وورلد ليبرتي فاينانشال" التي تهدف إلى دعم قطاع العملات الرقمية عبر توفير السيولة وإطلاق عملة مشفرة جديدة.. الشركة ستوزع ملكيتها بين المؤسسين والمشتركين والجمهور، مما يُظهر توجهًا استثماريًا كبيرًا نحو دعم هذا القطاع.
ورغم التفاؤل السائد في السوق بشأن هذه الخطوة، أشار الشعار إلى وجود تحديات أخلاقية وقانونية قد تواجه ترامب بسبب استغلال نفوذه كرئيس سابق لدعم مصالحه الشخصية، خاصة وأن الشركة عائلية الطابع. بالإضافة إلى ذلك، تبقى تفاصيل المشروع غامضة وغير مفهومة بالكامل، مما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات متعددة بشأن مستقبل هذه المبادرة.
قاعدة عريضة
جو يرق، رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، أشار لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن إطلاق مشروع العملات المشفرة الأخير يتضمن منصتين أساسيتين: "كريبتو بايكنج" التي تتيح التعامل بالعملات المشفرة وتشجع المستثمرين على الاقتراض والاستثمار في هذا المجال، بالإضافة إلى عملة "WLFE".
وأضاف أنه قد تم توزيع هيكل المشروع بنسبة 20 بالمئة للمؤسسين، 17 بالمئة للمشتركين، و63 بالمئة للجمهور، مما يعكس نهجًا يهدف إلى جذب قاعدة عريضة من المستثمرين.
يرق أوضح أن ترامب، الذي كان سابقًا معارضًا للعملات المشفرة، بات الآن يروج لها بشكل كبير، مستهدفًا السوق الأميركية التي يمتلك فيها نحو 50 مليون مواطن عملات مشفرة. هذا التحول في موقف ترامب يضيف دفعة قوية للصناعة في الولايات المتحدة، مما يضع تركيزًا متزايدًا على هذا المجال الحيوي.
ومع ذلك، حذر يرق من أن المشروع قد يتعرض لمخاطر كبيرة في حال عدم عودة ترامب إلى السلطة. يذكر أن مشاريع سابقة لترامب، مثل "ترامب ميديا"، حملت طابع المخاطرة العالية نظرًا لارتباطها الوثيق بشخصيته وتأثيره الشخصي. هذا المشروع الجديد، رغم التفاؤل المبدئي، يتطلب متابعة دقيقة لآليات إدارته وأسعار التداول فيه، خاصة وأنه لا يزال في مراحله الأولى ولا يمكن تقييم أدائه بشكل شامل بعد.