أصبحت الأسهم والسندات أكثر حساسية للمؤشرات الاقتصادية مقارنة بالماضي ــ لأن المستثمرين أصبحوا يدركون مدى تأثير الهبوط الناعم على الاقتصاد.
وبهذا الصدد، كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال عن التقلبات الحادة التي تعاني منها الأسواق المالية، وذكر أن حتى التغيرات الطفيفة في الاقتصاد يتم تضخيمها وتهويله إلى حد كبير قد يصل إلى الخوف من الوقوع في براثن الركود أو حتى الارتدادات الكبيرة في الأسهم بسبب تقلبات مزاج المتداولين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن انحسار بعض الضجة المحيطة بالذكاء الاصطناعي والتحركات الأخيرة في الأسهم تبدو غير منطقية في كثير من الأحيان.
لكن تقرير وول ستريت جورنال ركز على محورين رئيسين جديدين وهما:
السوق المالية قد دخلت مرحلة جديدة تتمحور حول مخاوف النمو الاقتصادي بدلاً من التضخم. وفي هذا الصدد، تغلبت الأسهم غير مرغوبة سابقًا على نجوم السوق، بمساعدة تخفيضات وشيكة لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
لكن السؤال الكبير للمستثمرين هو ما إذا كانت هذه التغييرات ستستمر.
تقول سونيا لاود، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "ليجال آند جنرال لإدارة الاستثمار": "تحاول السوق تقدير المسار المستقبلي واستكشاف إمكانية حدوث تحول في النظام". لكنها أضافت: "من الواضح أن الأغلبية لا تزال تتوقع هبوطًا ناعمًا للاقتصاد الأميركي، والبيانات قد تدعم ذلك".
يبدو أنه قد حدث تغير كبير في التركيز على صحة الاقتصاد في الوقت الذي بدا فيه التضخم يظهر أنه أصبح تحت السيطرة، بينما ضعفت سوق العمل. كما تحول الفيدرالي من القلق بشأن النمو المفرط إلى القلق بشأن النمو القليل جدًا، وارتفعت احتمالات الركود - وإن كانت من مستويات منخفضة للغاية.
وفي هذا الصدد، تقول جوهانا كيركلوند، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شرودرز: "قبل ستة أشهر كان خطر الركود يساوي صفراً" .. الآن هناك خطر خاصة عندما يبدأ الضعف في الاستهلاك بين الأسر ذات الدخل المنخفض وانعكاسه السلبي على بقية الاقتصاد.
وأوضح تقرير وول ستريت جورنال أن الأسواق أصبحت أكثر حساسية للمؤشرات الاقتصادية مما كانت عليه في الماضي - لأن المستثمرين يدركون مدى الاعتماد على الهبوط الناعم.
هذا الأسبوع، أدت بعض بيانات التصنيع الأضعف قليلاً من المتوقع إلى إعادة تقييم أخرى للتوقعات، مع انخفاض الأسهم بشكل حاد وانخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات بنسبة 0.08 نقطة مئوية.
أصبحت التحركات بهذا الحجم في سندات الخزانة شائعة بشكل كبير مؤخرًا، رغم أننا لم نكن نشهدها سابقا إلا في حالة حدوث صدمات كبرى؛ حيث لم يكن هناك سوى انخفاض واحد بهذا الشكل في عوائد السندات في عام 2018 بأكمله، على سبيل المثال.
في سياق متصل، يظهر التركيز على الضعف الاقتصادي أيضًا في العلاقة المتغيرة بين الأسهم والسندات. عندما ركز السوق على التضخم، كانت الأخبار الجيدة بشأن الاقتصاد عمومًا أخبارًا سيئة للأسهم لأنها تعني ضغطًا تصاعديًا على الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي.
الآن، الأخبار الجيدة عن الاقتصاد جيدة للأسهم، لأنها تخفف من القلق بشأن النمو، ومن المتوقع تخفيض أسعار الفائدة على أي حال. والعكس صحيح أيضًا: الأخبار السيئة عن الاقتصاد سيئة الآن للأسهم.
وبالتالي فإن النتيجة لذلك، انعكس الارتباط بين مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وعوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات الذي ظل مستمرا وقائما لمدة عام. أصبح هناك ميل طفيف للأسهم وعوائد السندات للارتفاع والانخفاض معًا بشكل طفيف، بدلاً من التحرك في اتجاهات متعاكسة كما كان يحدث سابقًا.
يعتبر انخفاض عوائد السندات جزءًا من سبب الانتعاش في الأسهم الغير مرغوبة (بسبب ارتفاع الفائدة)
منذ عطلة عطلة التاسع عشر من يونيو الماضي، عندما وصلت أسهم شركة إنفيديا إلى أعلى مستوى لها، حققت الأسهم الرخيصة "من حيث القيمة" أداءً أفضل بكثير من أسهم النمو.
وارتفع مؤشر روسل 1000 بنسبة 5 بالمئة، كما تفوقت الأسهم العادية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أيضًا على المؤشر بشكل عام، بعد أن تأخرت كثيرًا في النصف الأول من العام.
وانعكس هذا أيضًا بالنسبة لأفضل وأسوأ القطاعات أداءً. تحول قطاع التكنولوجيا وخدمات الاتصالات من الأفضل إلى الأسوأ، بينما تحول العقارات ذات الرافعة المالية العالية من الأسوأ إلى الأفضل بفضل انخفاض عوائد سندات الخزانة.
ومع ذلك، فإن قصة السوق ليست مكتملة، فقد حققت البنوك أداءً جيدًا في كلا الفترتين، بدعم من منحنى العائد الأكثر انزلاقا حيث انخفضت عوائد السندات طويلة الأجل بشكل أقل من عوائد السندات قصيرة الأجل (تجاوز عائد السندات لعشرة سنوات عائد السندات لأجل عامين مؤقتًا الأربعاء للمرة الأولى منذ عامين).
استفادت شركات الخدمات والمرافق من انخفاض العائد على السندات، لكنها حصلت على دفعة طوال العام من خلال طفرة في الطلب على الكهرباء لتشغيل معالجات الذكاء الاصطناعي. وتفوقت أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية، التي من المفترض أن تحقق أداءً جيدًا في الاقتصاد الضعيف، على قطاع السلع الاستهلاكية الاختيارية في كلا الفترتين.
كما فشلت الشركات الأصغر حجمًا في مواكبة الأمر أيضا. فهي لم تستفد من انخفاض عائدات السندات، على الرغم من أنها تحمل ديونًا أكثر. ولم يكن هناك فرق يذكر في أداء الشركات الصغيرة ذات النمو السريع والشركات الصغيرة ذات القيمة المنخفضة.
وفي الختام، توقع تقرير وول ستريت جورنال أن يطل السوق شديدة الحساسية لعلامات الدالة على الضعف الاقتصادي، حتى بعد أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، حيث سيظل الركود يشكل خطرًا لفترة طويلة.