بعد موجة بيع عاصفة في الأسواق العالمية، وفيما غلف اللون الأحمر معظم المؤشرات حول العالم يوم الاثنين 5 أغسطس متأثرة ببيانات الوظائف الأميركية الضعيفة التي حركت مخاوف الركود، عادت الأسواق لالتقاط الأنفاس من جديد.

شهدت الأسواق الإماراتية انتعاشاً، يعيدها إلى مسارها الصحيح بعد الأداء القوي الذي قدّمه سوقي دبي وأبوظبي خلال شهر يوليو الماضي، عندما وصلتا إلى مستويات غير مسبوقة منذ أكثر من عام.

أخبار ذات صلة

أسهم أوروبا تتعافى بعد تسجيل أدنى مستوياتها في 6 أشهر
انتعاش معظم أسواق الخليج بعد تعليقات من مسؤولي الفيدرالي

الأفضل أداءً خليجياً

في يوليو الماضي، شهدت أسواق الأسهم الإماراتية أداءً لافتاً، حيث سجل مؤشر دبي المالي زيادة ملحوظة، محققاً مكاسب هي الأعلى منذ أكثر من عام، مما جعله يتصدر الأسواق الخليجية من حيث الأداء. في الوقت نفسه، حقق مؤشر أبوظبي أيضاً نمواً ملحوظاً، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عام.

كما سجلت الأسواق الإماراتية في هذا الشهر مكاسب كبيرة في قيمتها السوقية، بفضل نتائج الأعمال الإيجابية للشركات المدرجة خلال النصف الأول من العام. وقد ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة بشكل ملحوظ، مما يعكس التحسن المستمر في الوضع الاقتصادي والمالي للمنطقة.

  • خلال تعاملات شهر يوليو الماضي، سجل مؤشر سوق دبي المالي ارتفاعاً بنحو 6 بالمئة ليصل إلى مستوى 4268 نقطة، فيما يُمثل أكبر مكاسب شهرية منذ أكثر من عام، وتحديداً منذ يونيو من العام الماضي 2023، ليتصدر قائمة الأسواق الأفضل خليجياً من حيث الأداء خلال الشهر.
  • أما مؤشر أبوظبي، فارتفع بنسبة 3.07 بالمئة إلى مستوى 9338.96 نقطة (مرتفعاً بحوالي 279 نقطة مقارنة بإغلاق يونيو عند مستوى 9060 نقطة)، عند أفضل مستوى منذ مارس من العام الماضي 2023.

نتائج الأعمال والتدفقات الاستثمارية

بدوره، يعزو محلل أسواق الأسهم الخليجية والعالمية، نايل الجوابرة، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" الانتعاش الذي شهدته أسواق الإمارات إلى عدة عوامل، من بينها موسم نتائج أعمال الشركات بنهاية الربع الثاني من العام 2024، والتي كانت إيجابية في مجملها.

من بين الأسباب أيضاً التي يشير إليها الجوابرة ما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية التي يتم ضخها بالسوق ضمن عوامل انتعاش أسواق الأسهم الإماراتية.

يشار في هذا السياق، إلى أن تدفق الاستثمارات الأجنبية في سوق أبوظبي عزز ارتفاعات الأسهم الإماراتية، إذ بلغ صافي التدفقات 1.3 مليار درهم (صافي شراء). في الوقت الذي بلغت فيه حصيلة استثمارات المؤسسات نحو 760 مليون درهم (صافي شراء) من بينها 580 مليون درهم صافي سيولة جديدة ضختها البنوك في السوق.

كما يلفت الجوابرة في الوقت نفسه إلى تبعات هدوء الأوضاع الجيوسياسية في الفترات الماضية، وبما عزز (قبل التراجعات الحادة التي شهدتها الأسواق العالمية أخيراً) عودة الأسواق إلى ما كانت عليه قبل تفاقم التوترات الجيوسياسية وما تفرضه من ضغوطات على الأسواق.

واستقطبت أسواق الأسهم المحلية، رسملة سوقية جديدة ناهزت 21.3 مليار درهم، بفضل 3 طروحات أولية جديدة شهدتها الأسواق منذ بداية العام الجاري، بما يتماشى مع خطط الأسواق لمضاعفة قيمتها السوقية إلى حدود 6 تريليونات درهم خلال السنوات المقبلة.

وأسهمت الطروحات الأولية والإدراجات الجديدة في زيادة عمق الأسواق، وتعزيز جاذبيتها الاستثمارية، واستقطاب شريحة جديدة من المستثمرين، بما يرسخ مكانة الأسواق المالية في الدولة كواحدة من أهم أسواق المال والأعمال في العالم، وفق وكالة أنباء الإمارات "وام".

أدنوك للحفر ترفع توقعات الأداء لما تبقى من عام 2024

الانضباط المؤسسي

من جانبه، يوضح مدير عام شركة تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية، رضا مسلم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن استقرار الأسواق في دولة الإمارات تضمنه عدة عناصر رئيسية مهمة، وهي:

  • الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.
  • الانضباط المؤسسي للاقتصاد.
  • عنصر الأمان، فحدوث الأزمات في الإمارات يكاد يلامس الصفر بسبب التشريعات المنضبطة والمتطورة جداً.

ويضيف: "هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية تطور باستمرار القرارات والتشريعات الخاصة بالانضباط المؤسسي داخل الأسواق المالية، وسط أسواق العالم المرتبكة، والتي تصل إلى منحنيات خطيرة جداً"، موضحاً أن "دولة الإمارات تحميها القرارات التي تصدر للانضباط المؤسسي، والدرهم الإماراتي قوي ومرتبط بالدولار، وتضمنه احتياطات قوية جداً".

  • حققت أسواق الأسهم الإماراتية الشهر الماضي مكاسب بلغت 82 مليار درهم في قيمتها السوقية، وذلك بدعمٍ من نتائج أعمال الشركات المدرجة عن النصف الأول من العام.
  • ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة إلى مستوى 3.558 تريليون درهم، وفقاً لأسعار إغلاق آخر جلسة في يوليو، مقارنة مع 3.476 تريليون درهم بنهاية شهر يونيو 2024.
فادي رياض: لا أحد يمكنه جزم الركود الاقتصادي من عدمه

التأثر بالأسواق العالمية

من جانبها، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الأسواق الإماراتية تأثرت كما تأثرت الأسواق العالمية بانخفاض مؤشراتها أخيراً؛ بسبب البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية، الممثلة في بيانات التوظيف الضعيفة، التي عززت مخاوف الركود.

تراجع مؤشر دبي 4.5 بالمئة وهو أكبر انخفاض يومي له منذ مايو 2022، متأثرا بهبوط سهم إعمار العقارية 7.6 بالمئة، خلال تعاملات الاثنين التي شهدت موجة بيع واسعة المدى على الأسواق العالمية.

أظهرت بيانات وزارة العمل، أن الاقتصاد الأميركي أضاف 114 ألف وظيفة خلال يوليو الماضي، بأقل كثيرا من التوقعات البالغة 176 ألف وظيفة. كما عدلت البيانات عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد الأميركي في يونيو بالخفض إلى 179 ألف وظيفة.

وارتفع معدل البطالة في أكبر اقتصاد بالعالم ليصل إلى 4.3 بالمئة في يوليو، مقابل 4.1 بالمئة في يونيو الماضي. وتباطأ متوسط نمو الأجور في الساعة بأكثر من المتوقع إلى 3.6 بالمئة في يوليو، من 3.8 بالمئة في يونيو الماضي.

وتشير رمسيس إلى أن سوقي دبي وأبوظبي -كما الأسواق الأخرى- واجهت الصدمة في تعاملات الاثنين، لكن مع الإعلان عن بيانات مؤشر مديري المشتريات في الولايات المتحدة فقد أعطى ذلك انطباعاً إيجابياً للأسواق. وكان بمثابة بارقة أمل بالنسبة للأسواق الخليجية والعالمية.

وتشير إلى الارتفاعات التي تحققها الأسواق في جلسة الثلاثاء، بعد التراجعات الأخيرة، للعودة إلى المسار الطبيعي بعد التصحيح الأخير، لافتة في الوقت نفسه إلى عوامل مختلفة مثل نتائج الأعمال الإيجابية والاهتمام الواسع بقطاعات مثل السياحة والطيران، ضمن العوامل التي تؤثر إيجاباً على أداء مؤشرات الأسهم الإماراتية ومعظم الأسواق الخليجية في الفترة الحالية.

وخلال تعاملات اليوم قفز مؤشر دبي بأكثر من 2 بالمئة، كما ارتفع مؤشر سوق أبوظبي بأكثر من 1 بالمئة.

أسبوع حافل بالبيانات الاقتصادية