اتسمت العلاقات بين الرئيس الأميركي السابق، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، والرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ بالتوتر الشديد والعداء، وهو ما عكسه تصريح الأول أخيراً، وتهديده بسجن الأخير إذا أعيد انتخابه مرة أخرى.
وكان زوكربيرغ قد قال إن رد فعل ترامب على إطلاق النار عليه في تجمع جماهيري في بنسلفانيا كان "مثيراً للسخرية"، لكنه رفض تأييد مرشح رئاسي في هذه الدورة الانتخابية. ومن ناحية أخرى، قال ترامب إنه سيسجن زوكربيرغ إذا أعيد انتخابه.
تقرير لـ "بيزنس إنسايدر" ألقى نظرة على التسلسل الزمني لعلاقتهما المضطربة على مر السنين، فقد التقى الطرفان في مناسبات عديدة، كما كان لهما اجتماع غير معلن مسبقاً في البيت الأبيض في سبتمبر 2019 .
وقال متحدث باسم شركة ميتا في ذلك الوقت: "يتواجد مارك في واشنطن العاصمة، حيث يجتمع مع صناع القرار للاستماع إلى مخاوفهم والتحدث عن تنظيم الإنترنت في المستقبل، كما عقد اجتماعاً جيداً وبناءً مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض اليوم".
وقال ترامب عن اجتماعهما: "كان لقاء لطيفاً مع مارك زوكربيرغ من فيسبوك في المكتب البيضاوي اليوم". والتقى ترامب وزوكربيرغ مرة أخرى في الشهر التالي.
- من المحطات البارزة في علاقة الطرفين أيضاً، تصريحات ترامب التي قال فيها إنه كان سيحظر فيسبوك أثناء رئاسته، لكن زوكربيرغ "واصل الاتصال به".
- في العام 2021، أشاد ترامب بنيجيريا لحظرها تويتر ، وقال ترامب في بيان في ذلك الوقت: "يجب على المزيد من الدول حظر تويتر وفيسبوك لعدم السماح بحرية التعبير (..)".
- وأضاف: "ربما كان ينبغي لي أن أفعل ذلك عندما كنت رئيساً.. لكن زوكربيرغ ظل يتصل بي ويذهب إلى البيت الأبيض لتناول العشاء ويخبرني بمدى روعتي".
وانتقد ترامب زوكربيرغ بسبب تعليق حسابه على فيسبوك إلى أجل غير مسمى بعد تصريحاته التي أسهمت في أحداث الكابيتول في 6 يناير؛ ففي العام 2021 قامت شركة "ميتا" بتعليق حسابات ترامب "إلى أجل غير مسمى" في أعقاب أعمال الشغب آنذاك، مبررة ذلك برفضها "استخدام منصتنا للتحريض على التمرد العنيف ضد حكومة منتخبة ديمقراطيا".
وأعادت الشركة بعد ذلك الحسابين في أوائل عام 2023 قائلة إنها ستراقب منشورات ترامب تحسبا لاكتشاف المزيد من الانتهاكات التي قد تؤدي إلى تعليق آخر لمدة تتراوح بين شهر وعامين.
والشهر الجاري، كشفت "ميتا" عن قرار يتعلق بالقيود التي كانت قد فرضتها على حسابات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في "فيسبوك" و"إنستغرام". وقالت إنها قررت رفع بعض القيود التي كانت مفروضة على حسابي ترامب على فيسبوك وإنستغرام في الأسابيع المقبلة.
وقالت ميتا: "في تقييم مسؤوليتنا عن السماح بالتعبير السياسي، نعتقد بأن الشعب الأميركي يجب أن يكون قادراً على سماع المرشحين للرئاسة على نفس الأساس.. نتيجة لذلك، لن يخضع الرئيس السابق ترامب، بصفته مرشح الحزب الجمهوري، لعقوبات الإيقاف المشددة".
- كان ترامب قد عبر عن رغبته في مقاضاة فيسبوك، وقال في مقابلة مع قناة فوكس بيزنس في يونيو 2019: "ينبغي لنا مقاضاة غوغل وفيسبوك وكل ذلك، وربما نفعل ذلك".
- أدلى ترامب بهذه التصريحات في سياق الغرامات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل بسبب انتهاكها قواعد مكافحة الاحتكار في الاتحاد .
- في العام 2021، فعل ترامب ذلك بالضبط، ورفع دعوى قضائية ضد فيسبوك وغوغل وتويتر والرؤساء التنفيذيين لهذه الشركات، زاعمًا أنهم يفرضون رقابة غير قانونية عليه وعلى المحافظين الآخرين. بينما في مايو 2022، تم رفض الدعوى القضائية.
تجاوز الأزمة
من جهته، أكد خبير تكنولوجيا المعلومات، العضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- شركات التكنولوجيا باتت تعد من أهم القطاعات التي تقود الاقتصاد الأميركي خلال الفترة الأخيرة.
- المرشح الرئاسي والرئيس السابق دونالد ترامب صاحب توجهات اقتصادية، ومن المؤكد أنه سيكون حريصاً على علاقته مع شركات التكنولوجيا وأن لا تصبح تلك العلاقات ذات طابع صدامي.
- من المعتاد عن ترامب أنه "ظاهرة صوتية" دائم التهديدات وإثارة المشكلات، لكن ما يحكم توجهاته ويقودها في النهاية هو المصلحة.. على سبيل المثال حينما كان في الحكم سابقاً كان عدواً للعملات المشفرة وأصبح الآن مؤيداً لها.
- ترامب منذ فترة كانت علاقته سيئة بشركات تكنولوجيا عملاقة، لكن بمجرد دعمه في سباق الانتخابات يختلف الأمر، كما حدث مع إيلون ماسك.
ويشار هنا إلى العلاقة القوية التي تجمع ترامب والرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، ومع تعهدات الأخير بدعم حملة الرئيس الأميركي السابق.
- كان قد تم حظر حساب ترامب على منصة تويتر، إكس حاليا، في عام 2021.
- وأعاد الملياردير إيلون ماسك صاحب منصة إكس حساب ترامب بعد فترة وجيزة من الاستحواذ على الشركة في عام 2022 لكن ترامب لم ينشر سوى منشور واحد منذ ذلك الحين.
وأكد سعيد أن علاقة ترامب بشركات التكنولوجيا أصبحت أفضل مما كانت عليه من قبل، ولم يعد هناك توتر على نحو واسع سوى مع شركة ميتا متمثلة في خلافة مع زوكربيرغ بسبب الخلاف الشخصي بينهما، مردفاً: "في النهاية، أعتقد بأن ترامب حال عودته إلى البيت الأبيض سيبحث عن مصلحته أينما كانت وسيجد طريقة لتحسين علاقته مع مارك زوكربيرغ.. ويكون تصريحه الأخير بشأن سجن زوكربيرغ "تهديد ليس له قيمة بهدف تحقيق بعض المكاسب الانتخابية".
ويسوق أنصار الرئيس الأميركي السابق، اتهامات مُتكررة لشركات التكنولوجيا بالتدخل في الانتخابات ومحاولة توجيه الناخبين.
وذكر أن ترامب دائماً ما يؤكد دعمه الشركات الأميركية في مواجهة الشركات الصينية، وفي الوقت الذي تعد فيه الشركات التكنولوجية قائداً أساسياً للاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة فمن المؤكد أن كل الخلافات الظاهرة على السطح الآن لن يكون لها وجود حينما يكون في موقع مسؤولية.
اتهامات لشركات التكنولوجيا
ودخل على الخط إيلون ماسك، مساء الاثنين، عندما شارك منشوراً يُبرز ظهور أخبار عن نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس (والأقرب لنيل بطاقة الترشح عن الحزب الديمقراطي) عند البحث عن ترامب.
سبقه نجل الرئيس ترامب أيضاً والذي انتقد محرك البحث، بتعمد عدم إظهار "محاولة اغتيال ترامب" ضمن خيارات البحث التلقائية المقترحة عند كتابة الكلمات الأولى من البحث.
تمكين التكنولوجيا
وفي السياق، أفاد خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بأن:
- موقف ترامب من مارك زوكربيرغ "شديد الصعوبة".
- في حين أن موقف ترامب قد تغير من الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"؛ لأن الأخير كان استباقياً بإعلانه دعمه في الانتخابات الرئاسية، لا تزال المشكلة قائمة مع زوكربيرغ.
- الولايات المتحدة دولة مؤسسات في الأساس.. وبالتالي فالرئيس الأميركي لا يمكنه اتخاذ قرار منفرداً.. لكن الخوف من أن ترامب كان في فترة رئاسته الأولى صدامياً ويسعى لإجبار كل الهيئات المؤسسية أن تستجب له.
- على الجانب الآخر، فإن مارك زوكربيرغ، يمتلك نطاقاً اقتصادياً استثمارياً مهماً ومنصة عالمية لا يمكن تعطيلها، خاصة وأن العالم مرتبط بها وهناك استثمارات عديدة.
وعليه أكد أن ترامب لن يستطيع إيقاف أعمال ميتا في أميركا أو التأثير عليها في هذا السياق، لكن ستكون هناك تحديات أمام زوكربيرغ وشركته فيما يخص التوسع بأعمالها وفقاً لموقفه مع الرئيس الأميركي المحتمل، وهو ما سيكون له تأثير مباشر حين تولي ترامب الرئاسة.
لكنه شدد في الوقت نفسه أنه إلى جانب أن لـ "ترامب" بعض الآراء الخاصة والشخصية، والتي قد تكون مؤثرة على القطاع الاقتصادي، إلا أنه مستثمر ورجل أعمال لديه بُعد اقتصادي يحاول الحفاظ عليه.
وأضاف:
ترامب يشجع الشركات الأميركية، ويتبنى سياسة تمكين تلك الشركات من أجل أن تكون في الريادة ضد منافسيها من دول كالصين ودول أخرى.
وفقا لخطابات ترامب وخلال فترة توليه إدارة البيت الأبيض، فإنه كان يقدم دعماً للشركات من أجل أن تحتكر أو تستحوذ على قطاع كبير من الخدمات التي تقدمها فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات، وتمكين التكنولوجيا الأميركية، خاصة وأن لديه منافساً شرساً يحصل على حصة سوقية كبيرة في العالم (الصين).. ومن هنا يُمكن النظرة لموقف شركة ميتا وأهميتها في هذا السياق.