حقق اقتصاد منطقة اليورو نموا متواضعا في الربع الثاني من العام، مقارنة مع النمو في الولايات المتحدة الذي فاق التوقعات، ما يسلط الضوء على فجوة النمو عبر الأطلسي المستمرة مع بقاء ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا - في حالة من الركود ومع قيام المستهلكين المترددين بمزيد من الادخار بدلا من الإنفاق على المساكن أو السيارات الجديدة.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 0.3 بالمئة في الربع الثاني على أساس فصلي، بعد نموه بنفس النسبة في الربع الأول، وفقا للإحصاءات الرسمية التي أصدرتها وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي "يوروستات"، الثلاثاء.
وجاء معدل النمو في الربع الثاني أعلى من التوقعات بأن ينمو 0.2 بالمئة فقط، وذلك بفضل نمو اقتصادات كل من أيرلندا، وليتوانيا، وإسبانيا.
يعد أداء منطقة العملة الموحدة أفضل مما كان عليه عام 2023، لكن خبراء اقتصاد ما زالوا يشعرون بالقلق حيال الوضع بالنسبة للعام بأكمله رغم الدفعة المتوقعة من استضافة فرنسا لدورة الألعاب الأولمبية.
وبينما قد يأتي النمو الأفضل من المتوقع مبشّرا بالنسبة لكثر، تسود مخاوف حيال وضع ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، والتي تؤثر سلبا على أداء منطقة العملة الموحدة.
وانزلقت ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، إلى الانكماش، مسجلة انخفاضا نسبته 0.1 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي.
على النقيض، نما الاقتصاد الأميركي بنسبة 0.7 بالمئة في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول، وبواقع 2.8 بالمئة على أساس سنوي.
ينفق المستهلكون الأميركيون بحرية، في حين يساهم الإنفاق الحكومي من العجز الأكبر في الموازنة والإعانات المخصصة للاستثمار التجاري في مجال الطاقة المتجددة بموجب قانون خفض التضخم وفي إنتاج أشباه الموصلات والبنية الأساسية، في نمو اقتصاد الولايات المتحدة أيضا.
الصورة في أوروبا تخالف هذين الاتجاهين، حيث يدخر المستهلكون بمستويات قياسية، وبدأت الحكومات في تقييد الإنفاق لتقليص عجز الموازنة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي بأن تسجل منطقة اليورو نموا بنسبة 0.9 بالمئة عام 2024، مقارنة مع 2.6 بالمئة في الولايات المتحدة و5 بالمئة في الصين.
تحركات الفائدة
وقال برت كوليين من مصرف "آي إن جي" إن "اقتصاد منطقة اليورو يشبه نوعية مياه نهر السين: يبدو في بعض الأيام بوضع لا بأس به لكنه بالمجمل سيء بما يكفي ليتواصل القلق حياله"، وذلك في إشارة إلى المخاوف بشأن إن كان النهر الفرنسي نظيفا بما يكفي لاستضافة مسابقات السباحة في المياه المفتوحة خلال الأولمبياد.
وأشار إلى أن الأرقام لن تمنع تحركات البنك المركزي الأوروبي لخفض معدلات الفائدة أكثر، رغم أن المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقرا أشارت للحاجة إلى مزيد من الوقت قبل خفض معدلات الفائدة أكثر.
ولفت خبراء اقتصاد آخرون إلى أن البيانات تدعم رؤية البنك المركزي الأوروبي بعدم وجود حاجة للمسارعة لخفض المعدلات.
وقال كوليين "بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، يعني ذلك بأن خفض المعدلات سيبقى خيارا مطروحا فيما يستبعد بأن يؤدي الطلب المحلي إلى ازدياد التضخم".