من الممكن أن تتراجع "تجارة ترامب" بعد انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من الانتخابات الرئاسية للعام 2024، ليلقي بثقله خلف نائبة الرئيس كامالا هاريس.
أدى أداء بايدن المثير للقلق في المناظرة الرئاسية ومحاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، هي عوامل دفعت الأسواق إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية استنادًا إلى توقعات جديدة للسياسات المحتملة في حال فوز الجمهوريين.
وتشير "تجارة ترامب" إلى المضاربات على الأسهم التي من المتوقع أن تستفيد إذا عاد الرئيس السابق إلى البيت الأبيض، بحسب ما نشرته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية في تقرير اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
وذكرت الشبكة سابقاً أن وول ستريت ترى أن فوز ترامب يعد أمراً جيداً للأسهم، حيث دعا المرشح الجمهوري إلى خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية. على العكس من ذلك، توقع التجار أن تتأثر أسهم الطاقة الخضراء بزيادات التعريفات الجمركية المقترحة من قبل ترامب، والتي قال بعض الاقتصاديين إنها قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم.
وكانت الأسواق الآسيوية منخفضة في الغالب صباح يوم الاثنين في المنطقة الأولى التي تستأنف التداول الطبيعي بعد إعلان بايدن.
تقلبات
من جانبه قال كبير استراتيجيي الأبحاث في شركة الوساطة Pepperstone ومقرها أستراليا، مايكل براون، إن الانسحاب كان متوقعاً إلى حد كبير، نظراً للضغوط المتزايدة من الديمقراطيين و"الأداء الكارثي في المناظرة".
وأضاف أنه يتوقع حدوث تقلبات عبر فئات الأصول؛ نظراً لحالة عدم اليقين التي تسيطر على الانتخابات، بعد أن أصبح السباق على البيت الأبيض الآن أكثر انفتاحاً إلى حد كبير. وتوقع الخبير الاستراتيجي أن يتراجع الدولار الأميركي مع تراجع بعض "تجارة ترامب"، مضيفاً أنه يعتقد بأن احتمال فوز الديمقراطيين قد زاد بشكل طفيف.
- كما يتوقع أيضاً أن تنخفض الأسهم على المدى القريب.
- لكنه أشار إلى أن أي انخفاضات يتعين أن يُنظر إليها على أنها فرص شراء على المدى المتوسط، نظراً لأنه لا يزال من المتوقع أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة، وأن يظل النمو الاقتصادي ونمو الأرباح مرناً.
ومن المقرر أن تعلن الولايات المتحدة عن أرقام الإنفاق الاستهلاكي الشخصي – مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي – للربع الثاني يوم الخميس المقبل.
وقال رئيس شركة Quantum Strategy، ديفيد روش، في مذكرة في وقت مبكر من يوم الاثنين، إنه من المرجح أن تحظى هاريس بتأييد الحزب الديمقراطي، مشيراً إلى أن "تغيير هاريس في هذه المرحلة سيكون أكثر فوضى وسيثير الكثير من القضايا حول التمويل الحالي".
ومع ذلك، قال روش إن ترشيح هاريس يزيد من فرصة فوز ترامب، لكنه يقلل من احتمالات فوز الجمهوريين بمجلسي الكونغرس.
سباق جديد كلياً
في المقابل، اتخذ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Signum Global Policy الاستشارية، تشارلز مايرز، موقفاً مختلفاً بشأن ترشيح هاريس المحتمل.
وفي حديثه للشبكة الأميركية، قال مايرز إن كون هاريس المرشحة الأوفر حظاً لترشيح الحزب الديمقراطي جعل الأمر يبدو كما وأنه "سباق جديد تماماً".
وأضاف: "هناك مرشحة جديدة تتمتع بقدر هائل من الوحدة والحماس خلفها.. ستكون محركاً رئيسياً للنساء والشباب والناخبين السود.. أعتقد بأن الناس سوف يقللون من شأنها".
- لقد صنعت هاريس التاريخ بالفعل كأول امرأة وأول شخص أسود يتولى منصب نائب الرئيس.
- في حال فوزها بترشيح الحزب الديمقراطي، ستصبح ثاني امرأة تترشح للانتخابات الرئاسية، بعد هيلاري كلينتون في عام 2016.
وقال مايرز: "أعتقد بأنه من السابق لأوانه أن تعلن الأسواق فوز ترامب (..)". مشدداً على أن "تجارة ترامب" معرضة للخطر، على الأقل في المدى القصير.
وبحلول الوقت الذي يبدأ فيه المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في 19 أغسطس المقبل، قال مايرز إن هاريس ستكون قد اختارت نائبة، وتوقع أنها "ستفوز بالترشيح بقدر هائل من الزخم"، مما يسمح لنائب الرئيس بالتقدم على ترامب في استطلاعات الرأي.
ترامب داعم لأسواق الأسهم
ومع تصاعد فرص فوز ترامب، يقول رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه في حال عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض، فإن ذلك "سينعكس بصورة إيجابية على وول ستريت بصورة مباشرة".
ويضيف:
- ثمة عدة عوامل تدعم تحقيق ذلك؛ تتمثل في الخلفية الاقتصادية التي يتمتع بها الرئيس ترامب، وهي خلفية قوية، والتي تعد داعماً للاقتصاد الأميركي وسوق الأسهم.
- فترة الرئيس ترامب شهدت أيضاً خفض معدلات الضرائب على الشركات مع استهداف خفضها في حالة وصوله للرئاسة إلى 15 بالمئة، وهو ما سيدعم زيادة الإنفاق الحكومي، وبما يشكل دافعاً ومحركاً للاقتصاد.
ويوضح أن خطط الرئيس ترامب تستهدف أيضاً فرض وزيادة الرسوم على جميع المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج لاسيما المنتجات الصينية، وهو ما سيمثل دعماً قوياً للشركات وقطاع الأعمال الأميركي.
وبناءً على ذلك يُتوقع أن تتعامل الأسواق بإيجابية مع تزايد فرص وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض من جديد، لا سيما بعد تنحي بايدن عن استكمال السباق مع الأداء الضعيف الذي ظهر به أخيراً.
مستهدفات ترامب
المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، كان قد أعلن رغبته في خفض الضرائب على الشركات الأميركية، وعزمه فرض رسوم جديدة على الصين.
وقال ترامب في مقابلة مع "بلومبرغ بيزنس ويك".
- سأفرض رسوماً جديدة على الصين بين 60 و100 بالمئة، و10 بالمئة على الواردات من الدول الأخرى.
- أريد خفض الضرائب على الشركات إلى 15 بالمئة ولم أعد أخطط لحظر "تيك توك".
- سأسعى إلى خفض أسعار الفائدة وكذلك الضرائب.
- ينبغي أن يحجم المركزي الأميركي عن خفض الفائدة قبل انتخابات نوفمبر.
- لن أسعى إلى إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول قبل انتهاء فترة ولايته.
- سأدرس تعيين جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورغان وزيرا للخزانة إذا فزت في انتخابات الرئاسة.
فرص نمو للأسهم
بدوره، يوضح الباحث في الشؤون الاقتصادية مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن قرار الرئيس جو بايدن بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية يحمل تأثيرات كبيرة على أسواق الأسهم، خاصة مع تزايد احتمالات فوز دونالد ترامب.
- تاريخياً، تتمتع الأسواق المالية الأميركية بتقلبات ملحوظة خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وغالباً ما تكون أكثر حساسية للأحداث السياسية الكبيرة.
- مع انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، تزداد احتمالات فوز ترامب والذي شهدت فترة ولايته السابقة انتعاش الأسواق المالية بصورة ملحوظة مدفوعة بسياسات خفض الضرائب والإنفاق الكبير.
- في حال فوز ترامب مرة أخرى، يمكن أن تصاحب هذه الفترة تحديات اقتصادية جديدة، مثل تصعيد الحرب التجارية مع الصين وفرض تعريفات جمركية جديدة تصل إلى أكثر من 60 بالمئة على السلع الصينية، حيث من المحتمل أن تزيد هذه السياسات من التضخم وتدفع بأسعار الفائدة للارتفاع، مما قد يضع ضغوطًا على الأسهم.
ويشير إلى أن فرض تعريفات جمركية جديدة قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة مع تأثير سلبي على أرباح الشركات، بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي، مما يجعل الصادرات الأميركية أقل تنافسية على المستوى العالمي، وهو ما قد يشكل تحدياً إضافياً للأسواق المالية.
ويؤكد أنه رغم هذه التحديات، قد تستفيد الأسواق المالية من زيادة الاهتمام بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن يشكل ذلك فقاعة جديدة تدفع الأسهم للارتفاع، مشيراً إلى أنه بناءً على هذه المعطيات وبالنظر إلى التاريخ، فإن الأسواق تُظهر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات السياسية، ولكن الاستراتيجية المثلى تبقى في التركيز على المؤشرات الاقتصادية الأساسية لتحقيق استقرار على المدى الطويل.