انضمنت شركة "بتروتشاينا" إلى "ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز" الذي أطلقته رئاسة COP28 لتسريع خفض الانبعاثات، في خطوة تعزز جهود مكافحة تغير المناخ والتحول في مجال الطاقة.
وبهذه الخطوة تنضم شركة بتروتشاينا إلى 52 شركة أخرى ملتزمة بالميثاق تمثل حوالي 40 بالمئة من إنتاج النفط العالمي، حيث يفوق عدد شركات النفط الوطنية 60 بالمئة منها، وهو أكبر عدد على الإطلاق من تلك الشركات يلتزم بمبادرة لخفض الانبعاثات.
ويدعو الميثاق شركات النفط والغاز إلى تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 وإزالة انبعاثات غاز الميثان ووقف عمليات حرق الغاز بحلول 2030، والالتزام بأفضل الممارسات العالمية لخفض الانبعاثات، بالتزامن مع الاستثمار في بناء منظومة الطاقة المستقبلية.
وفي كلمته أمام الاجتماع الوزاري الثامن للعمل المناخي المقام في مدينة ووهان الصينية، أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، رئيس مؤتمر الأطراف COP28، أن التزام "بتروتشاينا" بالميثاق يعدُّ خطوة مهمة تعزز الدور الريادي للصين في جهود خفض الانبعاثات عالمياً، وتشجع المزيد من المؤسسات العالمية على الانضمام إليه.
وأضاف الجابر أن منهجية التكاتف وتضافر الجهود كانت أساس نجاح رئاسة COP28 في التوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي في ختام المؤتمر الذي استضافته دولة الإمارات في ديسمبر الماضي، وأنها تسهم حالياً في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة، مشيراً إلى إعلان شركة "بتروتشاينا"، التي تمثل نحو 3.5 بالمئة من إنتاج النفط العالمي، انضمامها إلى "ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز" الذي تم إطلاقه خلال COP28 لتسريع خفض انبعاثات القطاع.
وأكد الجابر ضرورة مشاركة كافة الأطراف التي ساهمت في التوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي في تنفيذ الالتزامات التي نص عليها وتحويل المساهمات المحددة وطنياً إلى خطط عملية وشاملة تغطي جميع مجالات العمل المناخي، بما في ذلك خفض الانبعاثات ومنع إزالة الغابات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للجميع.
وأشار إلى دور رئاسة المؤتمر في تحفيز الدول لتحويل مساهمتها المحددة وطنياً إلى خطط فعالة تدعم جهود التنفيذ وتشمل مجالات التخفيف والتكيّف بشكل متوازن.
وأضاف أن ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف تساهم في توحيد جهود COP28 مع رئاستَي COP29 الذي تستضيفه أذربيجان العام الجاري وCOP30 الذي تستضيفه البرازيل في العام القادم، وتقوم بدور مهم في بناء الزخم السياسي اللازم لتحقيق أهداف العمل المناخي.
ولفت النظر إلى ضرورة تركيز كافة القطاعات على تعزيز المرونة المناخية، وتبني استراتيجيات تضمن مواكبة نماذج أعمالها للمستقبل، وتضع الحفاظ على البشر وحماية بيئة كوكب الأرض ضمن أهم أولوياتها.
وأكد ضرورة تعزيز الاستثمار في منظومات الطاقة النظيفة بالتزامن مع خفض الانبعاثات من منظومة الطاقة الحالية، وأشار إلى أن هدف زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات خلال العقد الحالي الذي نص عليه "اتفاق الإمارات" التاريخي سيساهم في رفع سقف الطموح المناخي العالمي.
وأشار إلى حاجة العالم لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة بنسبة 16.4 بالمئة سنوياً حتى عام 2030، بحسب أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، مشيراً إلى أنه على مدى التاريخ استطاعت البشرية تحقيق إنجازات عظيمة تفوق التوقعات رغم الشكوك والمخاوف، ومؤكداً أن المجتمع الدولي أحرز تقدماً استثنائياً في هذا المجال خلال العقدين الماضيين حتى أصبح العالم يضيف إلى قدرته الإنتاجية من الطاقة الشمسية الآن 2 غيغاوات يومياً، وهو ضعف ما أضافه في عام 2004 بأكمله.
وأوضح الدكتور سلطان الجابر أن الصين ساهمت بشكل كبير في هذا التقدم، حيث تُنتِجُ أكثر من نصف إجمالي القدرة الإنتاجية العالمية من الطاقة الشمسية، وما يزيد على 80 بالمئة من الألواح الشمسية، مؤكداً أهمية الاسترشاد بنموذج تجربتها.
كما أشار في كلمته إلى الإمكانيات الكبيرة للذكاء الاصطناعي التي تتيح له المساهمة بشكل فعّال في خفض الانبعاثات وإحداث تأثير إيجابي ملموس في قطاعَي الطاقة والنقل، وأوضح أن تطوير تقنياته سيؤدي إلى زيادة الطلب العالمي على الطاقة، مما يستدعي تلبية هذا الطلب بأساليب ذكية للاستفادة من تطبيقاته.
ولفت النظر أيضاً إلى حاجة العالم للتوسّع في مصادر الطاقة النووية، وتسريع التصاريح لإقامة مشروعات الطاقة النظيفة، وتحديث البنية التحتية اللازمة لشبكات الكهرباء، وتعزيز الاعتماد على الغاز الطبيعي في توفير الطاقة.
وجدد الجابر الدعوة إلى إعادة هيكلة الإطار العالمي للتمويل المناخي، بما يمكّنه من توفير مزيد من التمويل بشروط ميسّرة وتكلفة مناسبة، بالإضافة إلى تحفيز استثمارات القطاع الخاص، وأوضح أن هذه المهمة تشكّل تحدياً في ضوء تزايد أعباء الديون على العديد من الدول ومحدودية خيارات السياسات المالية لديها، مشيراً إلى ضرورة خفض المخاطر التي تتعرض لها استثمارات القطاع الخاص لضمان مشاركته إلى جانب الحكومات في توفير تريليونات الدولارات اللازمة لتمويل العمل المناخي.
وأشار الجابر إلى إمكانية تطوير آليات العمل المناخي العالمي بشكل ملموس من خلال المبادرات الجديدة التي شهدها COP28 مثل "ألتيرَّا"، الذي أطلقته دولة الإمارات كأكبر صندوق استثماري خاص يركز على مواجهة تغير المناخ برأس مال أولي قدره 30 مليار دولار.
كما قال إن "اتفاق الإمارات" ساهم في تعزيز الطموح المناخي العالمي، وشدد على ضرورة التزام الأطراف برفع سقف الطموح إلى مستوى أعلى في النسخة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً، واتِّخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تحويل هذه المساهمات إلى إجراءات عملية ملموسة.
جدير بالذكر أن ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف تستضيف، خلال الأسبوع الجاري ضمن فعاليات "المؤتمر الوزاري المعني بالعمل المناخي"، اجتماعاً وفق أسلوب المجلس الإماراتي يركز على حماية واستعادة وتعزيز مخازن الكربون الطبيعية كالغابات والأراضي الرطبة والمسطحات المائية، بما في ذلك من خلال الاستفادة من الروابط العديدة بين مجالَي التنوع البيولوجي والمناخ. وتأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة "مجالس العمل الطَموح"، التي أطلقتها الترويكا العام الجاري خلال فعاليات "حوار بيترسبرغ للمناخ" في العاصمة الألمانية برلين، في إطار جهودها لمساعدة الأطراف على رفع سقف الطموح في الجولة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً.