تشهد أسهم الذكاء الاصطناعي ارتفاعات واسعة، وتدفع شركات مثل إنفيديا ومايكروسوفت السوق إلى مستويات قياسية جديدة.
ولكن "غولدمان ساكس" يقول إنه إذا كانت هذه الشركات تريد الحفاظ على تقييماتها المرتفعة، فسوف تحتاج في النهاية إلى إظهار شيء ما بعد إنفاق مبالغ ضخمة.. فما هو؟
يشير "غولدمان ساكس" إلى أن كلاً من أمازون وميتا ومايكروسوفت وألفابيت أنفقوا مجتمعين 357 مليار دولار على الإنفاق الرأسمالي والبحث والتطوير على مدى الأرباع الأربعة الماضية، موضحاً أن "جزءاً كبيراً" من هذا المبلغ تم تخصيصه للذكاء الاصطناعي.
مع وضع ذلك في الاعتبار، يراقب مؤلفو مذكرة صادرة عن غولدمان ساكس - بقيادة رايان هاموند - عن كثب عمليات مراجعة الإيرادات بحثاً عن علامات على أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي لا يؤتي ثماره. إذا لم تتحقق هذه النتائج، فإنهم يتوقعون خسائر في الأسهم في المستقبل لأكبر قادة السوق، وفق تقرير نشرته بيزنس إنسايدر.
وكتب المحللون: "سوف يتعين على الشركات العملاقة اليوم في نهاية المطاف أن تثبت أنها سوف تحقق عائدات وأرباحاً من استثماراتها.. وقد تؤدي العلامات المبكرة التي تشير إلى أن هذه العائدات والأرباح قد لا تتحقق، وفقاً لمراجعات المبيعات السلبية، إلى خفض تقييمها".
وأشار غولدمان ساكس إلى أن المخاوف بدأت تتسلل إلى محادثاتهم مع المشاركين في السوق.
وكتب المحللون: "عبر المستثمرون عن عدم اليقين بشأن العائد على تلك الاستثمارات في أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة، لكن هذه الأسهم لا تزال تحظى بشعبية كبيرة".
وتابعوا: "حتى بين المستثمرين المتفائلين على المدى الطويل بشأن المكاسب المحتملة من اعتماد الذكاء الاصطناعي، يبدو أن هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين بشأن الجدول الزمني".
ويشير غولدمان ساكس أيضاً إلى أنه وفقاً لمقياس يتتبعه، فإن 5 بالمئة فقط من الشركات تستخدم حالياً الذكاء الاصطناعي لإنتاج السلع والخدمات.
ومع ذلك، فإن الفجوة بين الإنفاق الرأسمالي والمبيعات والأرباح الفعلية ليست واضحة الآن كما كانت خلال فترات الماضي من الفائض الملحوظ.
فيما كتب المحللون أيضاً: "عند تعديل أرباح هذه الشركات، فإن دورة الإنفاق الرأسمالي في مجال الذكاء الاصطناعي لا تزال باهتة مقارنة بفقاعة التكنولوجيا".
هيمنة على السوق
يقول خبير الشؤون الاقتصادية، مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- الذكاء الاصطناعي يهيمن بشكل متزايد على مختلف القطاعات، مما يرفع من القيم السوقية للشركات في البورصة (الأميركية) بشكل كبير.
- استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، وزيادة الإنتاجية، وتحسين تجربة العملاء، وتطوير منتجات وخدمات جديدة، مما ينعكس إيجاباً على الأداء المالي للشركات وبالتالي على قيمتها السوقية.
- في قطاع التكنولوجيا، تعتبر شركات مثل أبل وغوغل ومايكروسوفت أمثلة بارزة على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز من قيمتها السوقية.
- على سبيل المثال، تستخدم "غوغل" الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الخاص بها لتحسين نتائج البحث وتقديم إعلانات موجهة بدقة، مما يزيد من عائدات الإعلانات. وفي العام 2023، حققت شركة الفابيت إيرادات تجاوزت ربع تريليون دولار، مما أسهم في رفع قيمتها السوقية لتتجاوز 2.3 تريليون دولار حاليا.
ويضيف: "في قطاع الصحة، تعمل الشركات مثل "Roche" على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الطبية وتقديم تشخيصات دقيقة وسريعة. وتستخدم الشركة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الطبية وتقديم توصيات علاجية، مما يحسن من نتائج المرضى ويخفض التكاليف الطبية".
هذه الابتكارات تساعد الشركات على تحسين أدائها المالي وزيادة قيمتها السوقية. خلال العام الحالي، ارتفعت قيمة "Roche" السوقية بنسبة 5 بالمئة إلى 210 مليار دولار بعد إطلاق منتجات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
- في قطاع التصنيع، تستخدم شركات مثل "تسلا" و"جنرال إلكتريك" الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات الإنتاج وتحقيق الكفاءة التشغيلية. كذلك "تسلا" تستخدم الذكاء الاصطناعي في تطوير السيارات الذاتية القيادة، مما يعزز من مبيعاتها ويزيد من رضا العملاء. في عام 2023، زادت مبيعات "تسلا" بنسبة 30%، مما أسهم في رفع قيمتها السوقية بواقع 13٪ لتصل إلى 780 مليار دولار حاليا.
- كذلك في قطاع التجزئة، تعتمد شركات مثل "أمازون" و"علي بابا" على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلك وتقديم توصيات مخصصة، مما يزيد من معدل التحويل والمبيعات. كذلك "أمازون" تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوجيه الإعلانات وتحسين سلسلة التوريد، مما يساعد في خفض التكاليف وزيادة الكفاءة.
ومن ثم فإن وول ستريت تشهد هيمنة متزايدة لشركات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزى إلى الطموحات العالية التي يحملها هذا القطاع الواعد، إذ تعد شركات الذكاء الاصطناعي من بين الأسرع نمواً والأكثر ابتكاراً، حيث تقدم حلولاً ثورية تتناسب مع مختلف الصناعات والقطاعات. من الرعاية الصحية إلى التمويل والتكنولوجيا وحتى الزراعة، نجد أن الذكاء الاصطناعي يسهم بشكل ملحوظ في تحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية، ما يعزز من جاذبية هذه الشركات للمستثمرين.
- هذه الهيمنة المتزايدة يُتوقع أن تستمر لفترة طويلة في ظل الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- الشركات تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير بهدف تقديم منتجات وخدمات جديدة ومتطورة تلبي احتياجات السوق المتنامية.
- كما أن الأثر الإيجابي لهذه التقنيات على الأداء المالي للشركات والاقتصادات بشكل عام يعزز من مكانة شركات الذكاء الاصطناعي على وول ستريت، مما يجعلها لاعبا رئيسيا في المستقبل القريب.
ثورة تقنية هائلة
من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يارك، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- العالم يشهد منذ عدة سنوات ثورة تقنية هائلة يقودها الذكاء الاصطناعي.
- تعتمد كبريات الشركات، مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل وإنفيديا، بشكل متزايد على هذه التقنية لتحسين أدائها وكفاءتها.
- مع ذلك، لا يزال تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد غير واضح تماماً.
- بينما يتوقع البعض أن تُحدث هذه التقنية ثورة حقيقية في مختلف القطاعات، يرى آخرون أن تأثيرها لن يظهر إلا على المدى الطويل.
ويضيف: العوامل التي ستحدد نجاح الذكاء الاصطناعي، تتمثل في:
- الاستثمارات: تحتاج شركات الذكاء الاصطناعي إلى استثمارات ضخمة لتطوير تقنياتها وتحسين أدائها.
- الربحية: يجب أن تكون منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي مربحة حتى تستمر الشركات في تطويرها واستخدامها.
- قبول المستهلك: لكي ينجح الذكاء الاصطناعي، يجب أن يقبل المستهلكون هذه التقنية ويستخدموها.
- الأداء: يجب أن يكون أداء تقنيات الذكاء الاصطناعي أفضل من البدائل التقليدية حتى تُصبح مقبولة على نطاق واسع.
ويرى يرق أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل الذكاء الاصطناعي على المدى القصير. ففي الوقت الحالي، لا تزال الأساسيات والاستثمارات والآمال المعقودة على هذه التقنية غير واضحة.
ولكن على المدى المتوسط والطويل، من المرجح أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في مختلف جوانب حياتنا. وسنرى المزيد من التطبيقات المبتكرة لهذه التقنية في مجالات مثل الرعاية الصحية والنقل والتعليم والتصنيع.
ويضيف: "لا يزال من المبكر الحكم على ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة حقيقية أم لا.. ولكن من المؤكد أن هذه التقنية تمتلك إمكانات هائلة لتغيير العالم.. وسنرى خلال السنوات المقبلة كيف ستؤثر على اقتصادنا ومجتمعنا وحياتنا اليومية".