في تطور غير متوقع، تعرض الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لحادثة إطلاق نار خلال تجمع انتخابي له في ولاية بنسلفانيا.

أثارت هذه الحادثة مخاوف كبيرة في الأسواق المالية، مما يؤدي إلى اندفاع المستثمرين نحو عدة ملاذات استثمارية، بما في ذلك الملاذات الآمنة التي عادة ما يتم اللجوء إليها في حالات عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

يُعتبر مثل هذا الحدث غير المتوقع محفزاً قوياً لتغييرات كبيرة في السلوك الاستثماري، حيث يسعى عديد من المستثمرين أيضاً إلى تقليل المخاطر وتأمين أموالهم في أصول أكثر أماناً.

  • عند وقوع حادثة من هذا النوع، عادةً ما تشهد الأسواق المالية تراجعاً حاداً في الثقة.
  • يمكن أن تؤدي مثل هذه الأحداث إلى تقلبات كبيرة في الأسواق، مع تزايد الطلب على الأصول التي تُعتبر ملاذًا آمنًا مثل الذهب، والسندات الحكومية، والعملات المستقرة.

فيما لوحظ اتجاه المستثمرين لملاذات المخاطرة الأعلى مثل العملات المشفرة التي سجلت ارتفاعاً خلال الساعات الأخيرة، على رأسها البتكوين الذي كسر حاجز الـ 60 ألف دولاراً، مرتفعاً بأكثر من 2.5 بالمئة.

أخبار ذات صلة

داو جونز الأميركي يلامس مستوى تاريخيا جديدا فوق 40 ألف نقطة
صناديق الذهب المتداولة تسجل أسوأ أداء نصف سنوي منذ 2013

أبرز الملاذات

  • الذهب يُعد من أبرز الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي.
  • سندات الخزانة تُعد ملاذًا آمنًا آخر.. يتميز هذا النوع من الاستثمارات بانخفاض مخاطره، حيث يُعتبر الدين الحكومي استثماراً موثوقاً نسبياً.
  • العملات مثل الدولار الأميركي والين الياباني تُعد كذلك من الملاذات الآمنة. وهذه العملات غالباً ما تكون محط أنظار المستثمرين في أوقات الأزمات، حيث يُعتبر الاقتصادان الأميركي والياباني من أقوى الاقتصادات العالمية.

تعود الأسباب الرئيسية للاندفاع المتوقع نحو الملاذات الآمنة إلى العوامل النفسية والسلوكية التي تحكم تصرفات المستثمرين في أوقات الأزمات. ذلك أن المخاوف من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي تدفع المستثمرين إلى البحث عن الاستثمارات الأكثر أمانًا، حتى وإن كان ذلك يعني عوائد أقل.

وبحسب مراقبين، فإنه من المتوقع أن تستمر هذه الحالة من عدم الاستقرار في الأسواق لفترة من الزمن، خاصة إذا استمرت التوترات السياسية في الولايات المتحدة في التصاعد.

كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى استمرار ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة، مع استمرار المستثمرين في البحث عن استثمارات ذات مخاطر أقل.

تأثيرات محتملة

يقول خبير الشؤون الاقتصادية، مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • مدى تأثير محاولة الاغتيال على الأسواق المالية سيعتمد على الاستجابات السياسية والاقتصادية للحكومة الأميركية، بالإضافة إلى تطورات الأحداث وكيفية إدارتها.
  • المحافظة على الاستقرار السياسي وتقديم رسائل طمأنة للمستثمرين أمور يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تهدئة الأسواق وتقليل التقلبات.
  • من المتوقع أن يستمر المستثمرون في البحث عن الملاذات الآمنة في حال استمر عدم الاستقرار السياسي.
  • الذهب والسندات الحكومية والعملات الرقمية هي من الأصول التي يلجأ إليها المستثمرون في مثل هذه الأوقات، لذا من المحتمل أن نرى زيادة في الطلب عليهما، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعارهما.

ويضيف: "استمرت العملات الرقمية، وخاصة البيتكوين، في جذب الاهتمام كملاذ بديل وسجلت ارتفاعا نحو 3 بالمئة"، موضحا أن تزايد الاهتمام بالأصول الرقمية يمكن أن يعزز أسعارها، خصوصاً في ظل تزايد القلق من التحولات السياسية المفاجئة وتأثيرها على الأسواق التقليدية.

وفيما يتعلق بسوق الأسهم، من المتوقع أن تشهد تقلبات متزايدة على المدى القصير، ذلك أن حالة عدم اليقين السياسي يمكن أن تؤدي إلى تراجع في مؤشرات الأسهم، حيث يميل المستثمرون إلى بيع الأصول ذات المخاطر العالية والتحول إلى الأصول الأكثر أماناً. هذا قد يخلق فرصاً لبعض المستثمرين الذين يبحثون عن صفقات شراء عند انخفاض الأسعار.

ويتابع أرشيد: على الصعيد العالمي، قد نشهد تأثيراً على الأسواق الأوروبية والآسيوية أيضاً.. الأحداث السياسية في الولايات المتحدة غالباً ما يكون لها تأثير واسع على الأسواق العالمية، حيث يتابع المستثمرون التطورات عن كثب لاتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

الأصول المرتبطة بترامب

ووفق مراقبي السوق، سيتجه المتداولون في البداية إلى أصول الملاذ وإعادة تقييم الصفقات الأكثر ارتباطًا بترشيح الرئيس السابق دونالد ترامب بعد إطلاق النار عليه في تجمع جماهيري.

وبحسب كبير محللي السوق في ATFX Global Markets نيك تويدال، فإنه تبعاً لذلك "أظن أن الذهب قد يختبر أعلى مستوياته على الإطلاق، وسنرى شراء الين والدولار، وتدفقات إلى سندات الخزانة أيضاً".

وكانت أسعار الذهب، قد تراجعت في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، لكنها سجلت مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، بعد أن عززت بيانات التضخم الأميركية التي جاءت أضعف من المتوقع الآمال في قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

ومع ذلك، تشير التعليقات المبكرة للسوق إلى أن إطلاق النار سيعزز فرص ترامب في الفوز بالانتخابات، مما سيحول التركيز إلى الأوراق المالية الأكثر تعرضاً لسياساته وقد يكون في النهاية سلبياً بالنسبة لسندات الخزانة.

تتراوح الأصول المرتبطة بما يسمى بـ "تجارة ترامب"، من الدولار إلى سندات الخزانة إلى أسهم ذات المخاطر العالية وشركات بطاقات الائتمان وشركات التأمين الصحي.

يرى المستثمرون أن سياسات الجمهوريين بشأن التعريفات الجمركية والهجرة والعجز تؤدي إلى دولار أقوى وعوائد سندات أعلى وبيئة أكثر ملاءمة لقطاعات الأسهم هذه.

ترقب لتعاملات الاثنين

كما سيراقب المتداولون عن كثب مقاييس السوق للتقلبات المتوقعة يوم الاثنين، مثل تلك الخاصة باليوان الصيني الحساس.

وقال ترامب إنه أصيب برصاصة في أذنه اليمنى بعد اندلاع إطلاق نار في تجمع سياسي له في ولاية بنسلفانيا.  وقالت حملته في بيان إنه "بخير" بعد الحادث الذي شهد خروجه مسرعًا من المنصة. بينما أصيب أحد الحاضرين في التجمع بالرصاص وتوفي، وقتل مطلق النار على يد جهاز الخدمة السرية الأميركي.

مسار متقلب

كان الاستراتيجيون يتوقعون بالفعل مساراً متقلباً للانتخابات في نوفمبر، لا سيما وأن الديمقراطيين ما زالوا يعانون من ترشيح الرئيس جو بايدن بعد أدائه في المناظرة الشهر الماضي.

كما كان المستثمرون ينظرون بمزيد من القلق حيال احتمال أن تنتهي الانتخابات بنزاع طويل الأمد أو عنف سياسي.

ولكن هناك سابقة قليلة لأحداث مثل بنسلفانيا. عندما أصيب الرئيس رونالد ريجان بالرصاص قبل أربعة عقود، انخفضت سوق الأسهم قبل الإغلاق المبكر. في اليوم التالي، 31 مارس 1981، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 1 بالمئة وانخفضت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 9 نقاط أساس إلى 13.13 بالمئة، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

السندات

ويتعين على مستثمري السندات الانتباه بشكل خاص لأن الهجوم من المرجح أن يعزز فرص انتخاب ترامب، وفقاً لماركو بابيك، كبير الاستراتيجيين في BCA Research Inc. ومقره كاليفورنيا.

وكتب بابيك: "أعتقد بأن سوق السندات يجب أن تدرك في مرحلة ما أن احتمالات فوز الرئيس ترامب بالبيت الأبيض أعلى من أي من منافسيه. وما زلت أعتقد بأنه مع ارتفاع احتمالاته، يجب أن ترتفع احتمالية تأثر سوق السندات".

وقال كايل رودا، كبير محللي الأسواق المالية في Capital.com، إنه رأى تدفقات العملاء إلى البيتكوين والذهب بعد إطلاق النار. تقدمت العملة المشفرة بعد انتشار الأخبار.

واستطرد: "تمثل هذه الأخبار نقطة تغيير في المعايير السياسية الأميركية وحالة الطوارئ المتمثلة في المزيد من العنف السياسي"، مردفاً: "بالنسبة للأسواق، فإن هذا يعني تجارة الملاذ الآمن ولكن بشكل أكثر ميلاً نحو الملاذات الآمنة غير التقليدية."