أدى إعصار بيريل الذي ضرب الاثنين ولاية تكساس الواقعة في جنوب الولايات المتحدة الأميركية، إلى إغلاق الموانئ وتقليص عمليات التكرير، بينما ضربت رياح بلغت سرعتها 80 ميلاً في الساعة عاصمة الطاقة الأميركية.
تسبب أول إعصار أطلسي يضرب اليابسة في الولايات المتحدة هذا العام في حدوث اضطرابات واسعة النطاق، حيث اجتاح شمالا على طول خليج الولايات المتحدة، الذي يضم ما يقرب من نصف طاقة تكرير النفط في البلاد.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن جون ويتمير، عمدة بلدية هيوستن، قوله: "إننا نشهد الآن الجانب الصعب من الإعصار (..) ونحن نعلم أن لدينا الكثير من التحديات المتعلقة بالبنية الأساسية".
- ضرب إعصار بيريل الولايات المتحدة كإعصار من الفئة الأولى، وفي الأسبوع الماضي، أحدث دماراً هائلاً في منطقة البحر الكاريبي باعتباره أول إعصار من الفئة الخامسة يتم تسجيله.
- كان هناك 2.7 مليون شخص بدون كهرباء في ولاية تكساس عند منتصف نهار يوم الإثنين، وفقًا لموقعus، بينما قالت السلطات المحلية إن شخصين قُتلا بسبب سقوط الأشجار.
وكان الدور الذي تلعبه المنطقة كمركز عالمي للطاقة سبباً في انعكاس هذا التأثير على الأسواق، فقد تراجعت أسعار النفط بنسبة 1 بالمئة، مع قلق المتداولين بشأن تأثير توقف عمل المصافي على الطلب على النفط الخام.
وقال المحلل في يو بي إس، جيوفاني ستونوفو إن الإعصار بيريل يؤثر بشكل أكبر على بعض مصافي التكرير في تكساس الواقعة في مسار العاصفة، والتي خفضت معدلات إنتاجها، وهذا يقلل الطلب على الخام ومن المرجح أن يؤثر على الأسعار.
وخفضت شركة سيتجو الأسعار في مصفاة كوربوس كريستي التي تنتج 175 ألف برميل يوميًا، وفقًا لخدمة معلومات أسعار النفط، وهي شركة استشارية.
وقالت شركة شيفرون إنها اتبعت إجراءات الاستعداد للأعاصير في مصفاة باسادينا التي تنتج 125 ألف برميل يوميًا، لكنها تواصل خدمة العملاء.
كما تأثرت حركة التصدير بسبب إغلاق ممرات الشحن، فقد أوقف ميناء كوربوس كريستي، وهو أكبر مركز تصدير في الولايات المتحدة، عملياته يوم الأحد، كما اتخذت موانئ هيوستن وجالفستون وفريبورت وتكساس سيتي خطوات مماثلة.
تسببت العاصفة في بعض الاضطرابات في إنتاج النفط البحري في خليج المكسيك، موطن حوالي 15 بالمئة من إنتاج الولايات المتحدة، على الرغم من أن المحللين حذروا من أن هذا كان أقل أهمية.
وقالت شركات شل وبي بي وشيفرون إنهم سحبوا بعض العاملين من منصات الحفر البحرية في الأيام الأخيرة مع استعداد شركات الحفر للعاصفة، وأغلقت شل منصة بيرديدو التابعة لها وأجلت كل العاملين.
وقدر محللون في شركة إنفيروس للاستشارات النفطية أن حقل بيرديدو، الذي أنتج نحو 78 ألف برميل يوميا في أبريل، سيستغرق نحو أسبوع لاستئناف العمليات بالكامل.
ورأى توم كلوزا من شركة أوبيس أن:
- بيريل يمثل إشارة تحذيرية وليس حدثاً مؤثراً في السوق، وأن كل الأعاصير التي تضرب اليابسة في الولايات المتحدة تدمر الطلب، ولكن العواصف النادرة فقط هي التي تكبح العرض، ويبدو أن هذا هو الحال مع بيريل.
- من المرجح أنه من الممكن أن يكون بيريل بمثابة مقدمة للعواصف التي كان لها تأثير عالمي أكثر دراماتيكية مثل كاترينا وهارفي، في إشارة إلى العواصف المدمرة في عامي 2005 و2017.
أضرار لحقت بقطاع الطاقة الأميركي
وفي هذا الصدد قال الباحث المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن إعصار بيريل يمثل بداية سيئة لموسم الأعاصير الذي قد تشهده الولايات المتحدة خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
واستعرض خلال حديثه بعض الأضرار التي لحقت بقطاع الطاقة في أميركا، ومن بينها:
- تم تقييم الأضرار بأن هناك 2.7 مليون منزل منقطع عنه التيار الكهربائي.
- على الرغم من تخفيف مستوى الإعصار من كونه إعصار من الدرجة الأولى، إلى إعصار استوائي، إلا أن هناك إغلاقاً لبعض موانئ تصدير النفط والغاز في خليج المكسيك، وإغلاق مراكز إنتاج وتكرير النفط في ولاية تكساس التي تشهد الآن مرور هذا الإعصار.
- يتم تقدير الأضرار على منشآت النفط والطاقة خاصة مع انقطاع الكهرباء عن 2.7 مليون منزل في الولاية، وهو عدد هائل، ومازالت حتى الآن تجري محاولات إعادة الشبكة وإيصال الكهرباء مرة أخرى لهذه المنازل.
وأوضح الباحث المتخصص في شؤون النفط والطاقة، أن أي تأثير على المعروض من النفط الأميركي من شأنه أن يؤثر على أسعار النفط، كما أنه أثر بشكل واضح عندما كان يُعتقد بأنه إعصار من الدرجة الأولى، وتم تخفيض العلاوة على أسعار النفط تقريبا دولار واحد حينما تم تخفيف هذا الإعصار إلى إعصار مداري، مؤكدًا أن تأثيره مازال قائمًا حتى تقييم الأضرار على منشآت النفط الأميركية بعد انتهائه.
وأوضح أن هناك نقصاً في إنتاج النفط الأميركي، سيتم تعويضه من السوق العالمية، وهو ما سيؤثر على أسعار النفط العالمية باتجاه صعودي، مشيراً إلى أن أي توازن أو انخفاض في التأثير سيبقي الحال كما هو عليه بالتأثيرات الموجودة حاليا والتي تنتبه إليها أسواق النفط.
وأضاف: هناك مخاوف على إمدادات النفط بسبب توسع الحرب بالشرق الأوسط ، وعلى الاتجاه الآخر هناك آمال معقودة على وقف إطلاق النار بعد المفاوضات التي تجري على قدم وساق بين حركة حماس وإسرائيل، وبالتالي هذا قد يهدئ أسعار النفط بشكل كبير.
السيناريو الأسوأ
فيما قالت خبيرة النفط والغاز في منطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتايان، في حديث خاص مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هذا التوقيت يعد موسماً للأعاصير والتي قد تحدث في أية منطقة تحتوي على منشآت للنفط والغاز ومنشآت تكرير، وهو ما يكون له تأثير على أسعار النفط والغاز.
وأوضحت أن إعصار بيريل يمثل السيناريو الأسوأ لفترة الأعاصير، خاصة وأنه يأتي في ظل زيادة الطلب الموسمي على الطاقة، فهناك موسم سياحي يرتفع خلاله الطلب الموسمي في فترات الصيف، على سبيل المثال يكون هناك استعمال أكثر للطيران والتنقل للسفر عبر السيارات أيضًا، كما يكون هناك استهلاك أكبر في المطاعم والفنادق، وبالتالي هناك حاجة أكثر خاصة وأنه يقال أنه موسم جيد نوعا ما وبالتالي هناك زيادة في الطلب.
وأكدت أن أي أعمال قد تؤدي للخطر على المعروض سواء فيضانات أو حروب أو أعاصير وأي عوامل بشرية أو طبيعية، يكون لها تأثير على أسعار الطاقة بارتفاعها، معللة بأن الطلب يزيد ويكون هناك خطر على المعروض.
وذكرت أن حجم الأضرار يحدد حسب شدة الأعاصير ونتائجها على المنشآت النفطية ومحطات التكرير ومحطات إنتاج الكهرباء والنفط والغاز، موضحة أنها تتراوح بين أضرار جسيمة أو عابرة، فالأضرار الجسيمة التي تأخذ وقتاً أكبر لإصلاحها تؤثر على الأسعار لمدة أطول، فقد ترتفع لمدة أطول وأكثر، أما إذا ما كانت أضرار ليست بكبيرة فيحدث ارتفاع بسيط بالأسعار لتعود من جديد إلى مستواها إذا ما عولج الأمر بسرعة.
عدم استقرار
وإلى ذلك، أكدت أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، الدكتورة وفاء علي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن إعصار بيريل جاء ليستكمل حالة عدم الاستقرار التي تعانيها أسواق الطاقة وصناعة النفط التي تعاني.
وقالت إن الإعصار الذي ضرب ولاية تكساس الأميركية أثر على سواحل الولاية وأدى إلى إغلاق لوجيستي لموانئ الشحن الرئيسة، بالإضافة إلى الضرر البالغ لصناعة المشتقات النفطية والتكرير وملف الإنتاج النفطى الذى يتأرجح بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وبيّنت أن الإعصار بلغ الفئة الأولى من تصنيف الأعاصير، ومن المتعارف عليه أن ولاية تكساس تعد من أكبر بل أكبر الولايات الأميركية إنتاجا للنفط والغاز وهي تمثل حوالي 40 بالمئة من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة الأميركية و20 بالمئة من إنتاج الغاز للبلاد، مما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة عند تسويتها بسبب تأثر المصافى بالعاصمة.
وأشارت إلى أن التغيرات المناخية بالإضافة إلى الأحداث المتصاعدة بالبحار والمحيطات العكرة تؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة عالمياً التى تفتقد التوافقية وتميل إلى التأرجح.