مع زيادة الدعم للطاقة منخفضة الكربون في قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف للعام 2021 وقانون خفض التضخم للعام 2022 في الولايات المتحدة الأميركية، تتوقع شركة وود ماكنزي أن تتوسع طاقة الرياح والطاقة الشمسية ستة أضعاف بحلول العام 2050 وأن يشكل الهيدروجين منخفض الكربون 5 بالمئة من مزيج الطاقة. كما تُظهر أن الطلب على الوقود الأحفوري سيبلغ ذروته بحلول العام 2030.

لكن هناك احتمالات أن الأمر قد لا ينجح بهذه الطريقة، كما نقلت "فوربس" عن مدير أبحاث التحول في مجال الطاقة في شركة وود ماكنزي، ديفيد براون، والذي استعرض مجموعة من الأسباب حيال ذلك، من بينها:

  • إن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات في نوفمبر من شأنه أن يعني أولويات سياسية جديدة وتباطؤاً فورياً في دعم إزالة الكربون.
  • من المرجح أن يتم خفض الحوافز لمبيعات المركبات الكهربائية، في حين قد يتعثر نمو الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه.
  • ستستمر القومية الاقتصادية التي ميزت إدارتي ترامب وبايدن.

يتناول أحدث سيناريو لتأخر تحول الطاقة في الولايات المتحدة من إعداد شركة وود ماكنزي المجالات الحرجة التي قد تتأثر.. وفيما يلي إجابات على خمسة أسئلة رئيسية سيواجهها صناع القرار قبل وبعد معرفة نتائج الانتخابات.

أخبار ذات صلة

كيف تؤثر عودة ترامب المحتملة على سندات الخزانة؟
الديمقراطيون في مأزق.. هل باتت هزيمة بايدن حتمية؟

السؤال الأول

في سيناريو التحول المتأخر، هل من غير الممكن الوصول إلى ذروة الطلب على الوقود الأحفوري؟

بحسب الشركة، فإن ذروة الطلب على الوقود الأحفوري سيتم تأجيلها، وليس إلغاؤها. مع توقعات بزيادة الطلب، فإن:

  • سيناريو الانتقال المؤجل يتطلب استثمارات إضافية بقيمة 154 مليار دولار أميركي في قطاع النفط والغاز بين 2023-2050 مقارنةً بالسيناريو الأساسي السابق.
  • الطلب على الكهرباء سيزداد بنسبة 45 بالمئة من 2030-2050. في سيناريو الانتقال المؤجل، ستأتي ذروة الطلب على الوقود الأحفوري بعد حوالي 10 سنوات من السيناريو الأساسي، لكنها ستحدث في النهاية.
  • في مواجهة ذروة الطلب، ما زالت الاستثمارات في الطاقة منخفضة الكربون ضرورية لبناء نماذج أعمال مرنة في قطاع النفط والغاز الأميركي.
  • تنويع نماذج الأعمال سيتطلب دعم السياسات، ولا نتوقع إلغاء قانون خفض التضخم حتى في سيناريو الانتقال المؤجل.
  • فوائد هذا القانون منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مما يعزز الدعم الحزبي.
  • التصويت على إنهاء بنود مثل الائتمانات الضريبية للإنتاج والاستثمار، رغم أنه ليس مستحيلًا، غير مرجح.

السؤال الثاني

هل تعتبر الرسوم الجمركية الأخيرة على مصادر الطاقة المتجددة جزءًا من سيناريو الانتقال المتأخر؟

نعم، التعريفات الجمركية هي واحدة من العوامل التي يمكن أن تبطئ الاستثمار في الطاقة المتجددة. وإذا تم انتخاب ترامب مرة أخرى، سيتباطأ الدعم الحكومي لكهربة الطاقة والتقنيات الجديدة وتوسيع الشبكات الكهربائية.

أخبار ذات صلة

التضخم في الولايات المتحدة.. خطأ بايدن أم ترامب؟
فجوة بين المستهلكين الأقل والأكثر ثراء بأميركا .. ما القصة؟
  • البرامج المهمة التي قد تتأثر تشمل 8.8 مليار دولار لدعم كهربة المنازل وتحسين كفاءتها، و27 مليار دولار لصندوق خفض غازات الدفيئة، وبرنامج مرونة وابتكار الشبكة.
  • إصلاحات سوق الطاقة الأخرى ستتوقف أيضاً في هذا السيناريو. مثلاً، الأمر 1920 من لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية، المصمم لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية للطاقة بين الولايات، سيكون له تأثير محدود بسبب تحديات تقاسم التكاليف بين الولايات.
  • أيضًا، تأخيرات في ربط مولدات الطاقة الجديدة ستعرقل نمو الطاقة المتجددة.
  • كما أن إصلاح تصاريح البنية التحتية سيبقى محدودًا بسبب صعوبة تنسيق التصاريح بين الجهات المحلية والولائية والفيدرالية.

السؤال الثالث

كيف ستؤثر إعادة توطين الصناعات والذكاء الاصطناعي على الطلب على الطاقة؟

بحسب الشركة، فإن إعادة توطين الصناعات واستثمارات مراكز البيانات في الولايات المتحدة ستزيد من الطلب على الطاقة.

  • في أبريل 2024، بلغت الاستثمارات في الصناعات التحويلية 228 مليار دولار، وهو رقم كبير مقارنة بالمتوسط السنوي السابق.
  • كذلك، تزداد الاستثمارات في مراكز البيانات، خاصة في شمال فرجينيا، مما سيزيد من الطلب على الطاقة.
  • الطلب على الطاقة سيتزايد، ولكن ليس بسرعة كبيرة.
  • نتوقع أن نمو الطلب الصناعي سيتبع منحنى تدريجي، حيث يبدأ ببطء ثم يتسارع مع مرور الوقت.
  • قد ينمو الطلب بسرعة أكبر في أواخر العشرينيات والثلاثينيات من القرن الحالي. ومن ثم، ستقل معدلات نمو الطلب بدءاً من عام 2040 بسبب التحسينات في كفاءة الحوسبة.

السؤال الرابع

 ما هو مستقبل الهيدروجين منخفض الكربون في سيناريو الانتقال المؤجل؟

في سيناريو الانتقال المؤجل الذي تتحدث عنه الشركة، سيواجه الهيدروجين المنتج باستخدام الكهرباء (الهيدروجين الأخضر) صعوبة كبيرة في التوسع. ويُفترض أن القوانين التي تحدد الأهلية للحصول على الاعتمادات الضريبية ستُعدل لتفضل الهيدروجين الأزرق (المُنتج من الغاز الطبيعي مع التقاط الكربون).

وهناك طريقتان يمكن لوزارة الخزانة الأمريكية أن تساعد بهما الهيدروجين الأزرق:

  • السماح لمشاريع الهيدروجين الأزرق باستخدام كثافات الكربون الخاصة بالغاز الطبيعي المستخدم في المشروع بدلاً من المتوسط الوطني، مما يمكنها من الحصول على الاعتماد الضريبي الكامل.
  • السماح باستخدام الغاز الطبيعي المتجدد كمواد أولية مع حساب كثافات الكربون الخاصة بمصدر الغاز، مما سيساعد المشاريع على أن تكون أكثر اقتصاداً.

وهذا يعني أن الهيدروجين الأزرق قد يحصل على دعم أكبر من الهيدروجين الأخضر في هذا السيناريو.

السؤال الخامس

ما هو الحد الأدنى لنشر المركبات الكهربائية وتأثيرها على المعادن؟

في سيناريو التحول المؤجل الذي وصفته الشركة، يتوقع أن يكون عدد المركبات الكهربائية في السوق حوالي 50 بالمئة أقل من الحالة الأساسية المتوقعة. هذا يعني أن التبني الواسع للمركبات الكهربائية سيكون أبطأ، وذلك بسبب انخفاض مبيعات السيارات الجديدة والتغيرات المحتملة في السياسات، خاصة تحت إدارة ترامب.

حتى الآن هذا العام، ارتفعت مبيعات السيارات الهجينة بنسبة 57 بالمئة، بينما لم تلبَّ توقعات النمو لمبيعات المركبات الكهربائية، حيث نمت بنسبة 19 بالمئة فقط.

ومن المتوقع أن يؤدي ضعف انبعاثات الغازات الدفيئة ومعايير كفاءة استهلاك الوقود الفيدرالية للفترة من 2027 إلى 2032 إلى زيادة استثمار الشركات المصنعة في السيارات الهجينة، لتلبية طلب المستهلكين وفقاً للمعايير الفيدرالية لانبعاثات الغازات الدفيئة.

في سيناريو التحول المؤجل، سيتجه المصنعون تدريجياً نحو استخدام بطاريات المركبات الكهربائية من المعادن ذات التكلفة المنخفضة مثل الحديد بدلاً من المعادن ذات التكلفة العالية مثل الكوبالت. وبالتالي، من المتوقع أن يكون الطلب على المواد الخام الأساسية للبطاريات في الولايات المتحدة حوالي 27 بالمئة أقل مما كانت عليه في الحالة الأساسية، مما يخفف من ضغوط سلسلة التوريد والاعتماد الأمريكي على الصين في هذه المواد الحيوية.

سياسات الطاقة والمناخ وأسئلة أخرى

من جانبه، قال الخبير البيئي، تحسين شعلة، في حديث خاص مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الأنظار تتجه إلى الانتخابات الأميركية المرتقبة، وما يترتب عليها من توجهات الدولة الأكبر في العالم فيما يخص مجال الطاقة وفقاً لهوية الفائز برئاسة البلاد.

ورصد شعلة السيناريو المتوقع حال فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالرئاسة من جديد، في ضوء تصريحاته وبرنامجه الانتخابي، تتمثل في:

  • الانسحاب من اتفاق باريس بشأن مكافحة تغير المناخ كما فعل سابقاً.
  • من شأن عودة ترامب إنهاء الإيقاف المؤقت الذي فرضته إدارة بايدن لتصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة.
  • إلغاء رسوم الميثان.
  • إحياء برنامج وزارة الداخلية الأميركية لتأجير النفط والغاز البحري.
  • مخالفة توصيات مؤتمري قمة المناخ 27 و28 بجمهورية مصر العربية والإمارات، والتعهدات المناخية المختلفة.

وتابع : "بناء عليه فان المردود السلبي اقتصادياً وبيئياً في الولايات المتحدة والعالم أجمع سيزيد بمعدلات تفوق كل ما حدث خلال الـ 50 عام الماضية من خسائر، وستتزايد كوارث التغيرات المناخية وتبعاتها بدرجة غير مسبوقة في فترات زمنية قصيرة (..)".

واستكمل الخبير البيئي: في حالة فوز بايدن في الانتخابات سيكون الاتجاه إلى الوفاء بكل التعهدات والوعود الخاصة بتوصيات مؤتمرات قمة المناخ،  وتقديم الدعم الكامل للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي في التحول الطاقوي والتوسع في استخدام  الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأفاد بأن الأطراف المختلفة عليها أن تستعد لحقبة جديدة قد تشهد تراجعاً أميركياً عن العمل المناخي، لا سيما وأن المؤشرات الأخيرة تشير إلى تصاعد فرص عودة ترامب، خاصة بعد المناظرة الأخيرة وتصاعد الضغوط على بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي بعد أدائه الضعيف فيها.

التفاعلات الاقتصادية

من جانبه، أكد مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الناخب الأميركي عندما يتعلق الأمر بالطاقة والتضخم وأسعار الوقود وتأثيراتها على الموازنة الشخصية الخاصة به فإنه يترك السياسية وأحزابها وتفاصيلها  ويوجه بوصلته الانتخابيه لمن يوفر لـ "جيبه" أموالاً أكثر، أي أنه يهتم أكثر بقضاياه الاقتصادية وظروفه المعيشية، وذلك على مستوى الانتخابات الرئاسية أو الكونغرس.

وأضاف الديب: "من هذا المنطلق تؤثر قضايا البيئة والمناخ على الاقتصاد الأميركي، وبالتالي علي أصوات الناخبين في الانتخابات المرتقبة في نوفمبر المقبل، وهذا ما يعني أن ملف الطاقة أحد أهم الملفات المطروحة للنقاش وتوجيه بوصلة الناخبين المترددين ما بين الرئيس الحالي والسابق".

وحلل مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث الموقف في الانتخابات الأميركيةـ على النحو التالي: 

  • معدلات التضخم لا تزال أكبر من المستهدف ولا تخدم الرئيس بايدن.
  • ارتفاع أسعار الوقود نتيجة التوترات الجيوسياسية حول العالم وخاصة اشتعال الملف الأوكراني أو اتساع الحرب بالشرق الأوسط، عامل قد يقلل بدوره من فرص فوزه في الانتخابات.
  • عودة ترامب محاطة بجملة من المخاوف وخاصة في مجال الطاقة المتجددة، ذلك أن سجله في قضايا المناخ سيء، وربما يتراجع عن سياسات بايدن ويدعم منتجي النفط والغاز الأميركان على حساب قضايا البيئة والمناخ، ويخفف من دعم السيارات الكهربائية.
  • إذا حاصر إيران وحاول تصفير صادرات النفط فستشتعل الأسعار ويزداد التضخم من جديد في أميركا.

وسلط الديب الضوء على التقرير الذي نشرته شركة وود ماكنزي الأميركية لأبحاث الطاقة،وجاء فيه أن:

  • الولايات المتحدة قد تشهد تباطؤًا في طرح الطاقة النظيفة وتخاطر بخسارة تريليون دولار من استثمارات الطاقة منخفضة الكربون إذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
  • كذلك فإنه في حالة فوز ترامب أيضاً سيتم إبطاء قوة الانتقال نحو الطاقة النظيفة وسيتم تبديد استثمارات ضخمة وجهت إلى هذا القطاع خلال رئاسة جو بايدن حال تراجع ترامب عن بعض سياسات الطاقة النظيفة الرئيسية لإدارة بايدن بما في ذلك التعهد بإزالة الكربون من شبكة الكهرباء بحلول عام 2035 وأن يخفف حجم الانبعاثات ولوائح التخفيض.