سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الضوء في تقرير لها هذا الأسبوع، على أزمة شركة "تيمز ووتر" وهي أكبر شركة مياه في البلاد، والتي تواجه أوضاعا ضاغطة مستمرة.
بحسب الصحيفة، فإنه إذا فاز حزب العمال في الانتخابات التي ستُجرى هذا الأسبوع، كما تشير استطلاعات الرأي، فإن الملف الذي سيواجهه وزير الأعمال الجديد جوناثان رينولدز "سيكون الانهيار المحتمل لشركة المياه تيمز ووتر"، ذلك أن أزمات الشركة تمثل "قنبلة موقوتة قد تنفجر في أسرع وقت".
كانت أكبر شركة مياه في بريطانيا تعاني من جبل من الديون يبلغ 18 مليار جنيه إسترليني، وأصبحت الهدف الرئيسي للغضب المتزايد من الجمهور والسياسيين تجاه الصناعة بسبب تسرب مياه الصرف الصحي، ورواتب المديرين التنفيذيين، ودفعات المساهمين، وغيرها من الإشكاليات والأزمات المتزامنة التي تواجه الشركة.
- في شهر مارس الماضي، رفض مستثمرو الشركة تقديم تعهدات بتمويل طارئ بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني وسط مواجهة مع هيئة تنظيم الصناعة.
- بلغت المخاوف حداً كبيراً لدرجة أن الحكومة كلفت المسؤولين بوضع خطط طوارئ لإعادة التأميم المؤقت (الإشراف الحكومي على الشركة).
- عادت الأمور المالية للشركة إلى دائرة الضوء هذا الأسبوع، عندما كشفت صحيفة الغارديان أن توزيعات أرباح بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني دفعتها الشركة في 27 مارس كانت قيد الفحص من قبل هيئة تنظيم المياه Ofwat، وذلك قبل ساعات من انسحاب المستثمرين من تقديم تمويل طارئ للشركة.
كيف يرى حزب العمال الأزمة؟
تقرير داخلي لحزب العمال، أعدته كبيرة موظفي الحزب سو غراي، صنف احتمال انهيار الشركة كأحد أهم المخاطر التي سيواجهها الحزب إذا تولى السلطة، بجانب مشاكل أخرى مثل اكتظاظ السجون وإفلاس المجالس المحلية، ونقص التمويل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
- واحدة من الاختبارات الأولى التي سيواجهها الحزب ستكون نشر مقترحات هيئة تنظيم المياه Ofwat لصناعة المياه، المقرر في 11 يوليو.
- هذه المقترحات تتعلق بمراجعة الأسعار التي ستحدد المبالغ التي يمكن لكل شركة مياه فرضها على العملاء في السنوات الخمس المقبلة.
- كان من المقرر نشر هذه المقترحات في 12 يونيو، ولكن تم تأجيلها بسبب إعلان رئيس الوزراء ريشي سوناك عن الانتخابات المبكرة.
وفق تقرير الصحيفة البريطانية، فإن الخطة الخمسية التي قدمتها الشركة في أكتوبر الماضي وتم تحديثها في أبريل، تشكل جوهر المواجهة مع المساهمين، الذين يخشون أن يكون رد Ofwat عليها صارماً للغاية.
وعدت الشركة بتخصيص 1.1 مليار جنيه إسترليني إضافية لمعالجة القضايا البيئية بالإضافة إلى 18.7 مليار جنيه إسترليني تعهدت بها بالفعل، وسيتم دفعها جزئياً من خلال زيادة الفواتير بنسبة 59 بالمئة. وأشارت الهيئة التنظيمية إلى أنها مترددة في فرض زيادات كبيرة على الأسر المتعثرة.
المستثمرون سيدققون في مسودة Ofwat لمعرفة الدلالات على التكلفة المتوسطة المرجحة لرأس المال التي ستسمح للشركات بها، مما يسمح لهم بحساب عوائد استثماراتهم.
وسيتم فحص الوثائق أيضاً لمعرفة ما إذا كانت الهيئة ستسمح للشركات ببناء مشاريع أقل مما وعدت به، أو نفس المشاريع بتكلفة أرخص، في ظل تعهد الصناعة بإنفاق 96 مليار جنيه إسترليني على البنية التحتية، بدءًا من خزانات المياه الجديدة إلى محطات معالجة المياه.
ملف شائك ومعقد
من لندن، يؤكد عضو حزب العمال البريطاني مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن ملف شركة المياه هو ملف شائك ومعقد للغاية (..) مشيراً إلى أن الشركة تواجه أزمات مختلفة، يمكن تصنيفها على شقين رئيسيين؛ هما: الأزمات المالية والتنظيمية، والأزمات المرتبطة بالبيئة والتلوث وما تعرضت له الشركة من إشكالات في هذا السياق.
ويشير فيما يتعلق بالشق الأول من الأزمات، إلى الوضع المالي للشركة، والتدقيق الذي أجرته هيئة تنظيم المياه فيما يخص توزيعات الأرباح بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني، موضحاً أن وضع الشركة مرتبك ويحظى بعديد من التعقيدات والتناقضات، على حد وصفه (..). واعتبر أن ذلك الوضع يفضي إلى إمكانية وضع الشركة تحت إشراف الحكومة.
ويأمل المستثمرون اتضاح آفاق المجموعة في الأيام المقبلة، فيما لا تزال الخيارات المتاحة تشمل إعادة هيكلة معقدة، ومبادلة الديون بالأسهم، وإدارة خاصة تديرها الحكومة ــ وهو ما يعني في الواقع إعادة تأميم مؤقتة.
ديون خانقة
من لندن، يقول الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن حل مشكلات شركة المياه الرئيسية في المملكة المتحدة، من مشاكل ديون خانقة وارتفاع تكلفة الصيانة ومتطلبات التحديث، تأخر كثيراً، ولهذا ستدفع البلاد ثمناً كبيراً، بماقد يفضي إلى أزمات سياسية واقتصادية وبيئية وصحية كذلك.
ويشير إلى أن الشركة تحتاج إلى أكثر من 130 مليار دولار لتطوير البنية التحتية خلال السنوات الخمس المقبلة، لافتاً إلى أن الحلول المرتبطة بما يجب فعله مع أكبر شركة للمياه والصرف الصحي في بريطانيا وصلت إلى طريق مسدود، مع رفض المساهمين ضخ المزيد من الاستثمارات في الشركة، وإصرار الحكومة على عدم استخدام أموال دافعي الضرائب لحل الأزمة.
ويضيف: "من الحلول المطروحة نقل ملكية الشركة إلى الدولة بصورة مؤقتة، وهي خطوة تنطوي على شطب ما يصل إلى 40 بالمئة من قيمة الديون المستحقة على الشركة"، مشيراً إلى أن وضع الشركة دفعها لرفع تقديراتها بشأن نسبة الزيادة المنتظرة في متوسط فاتورة استهلاك المياه للأسرة في بريطانيا من 40 بالمئة أي حوالي 608 جنيهاً استرلينياً سنوياً في نهاية العقد الحالي، إلى إضافة معدل التضخم بحيث تصل الزيادة إلى 56 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة.
حزب العمال
وحول تعامل الحكومة القادمة مع الأزمة، يستطرد الخبير الاقتصادي:
- ليس بيد الحزب الحاكم الجديد -وهو على الأرجح العمال- عصا سحرية لحل هذه التراكمات.
- شركة المياه شأنها شأن قطاعات حكومية كثيرة تعاني عجزاً، وبحاجة ماسة لتدخل الدولة لحل مشاكلها المالية.. وليس خفياً أن الاقتصاد البريطاني يعاني أزمة ديون كبيرة (..).
- كل هذا انعكس على المرافق الاقتصادية بدءا بقطاع الصحة، مرورا بقطاع الإعانات وليس انتهاء بقطاعات البريد والموانئ والنقل وغيرها الكثير من مفاصل الاقتصاد الحيوية.