يشير أحدث تحليل لـ "بنك أوف أميركا"، إلى أنه "يمكن أن ترتفع أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة خلال الـ 12 إلى 18 شهراً القادمة".
وبحسب خبير استراتيجي السلع في البنك، مايكل ويدمر، إلى أن مجموعة من العوامل يمكن أن تعزز جاذبية المعدن الأصفر بين المستثمرين، وهي:
- زيادة الطلب على الاستثمار (باعتبار الذهب ملاذ آمن).
- التوترات الجيوسياسية.
- تخفيضات أسعار الفائدة المنتظرة من بنك الاحتياطي الفيدرالي.
- مشتريات البنوك المركزية.
وأشار البنك الاستثماري إلى أنه في العام 2023، شهد طلب المستثمرين على الذهب انتعاشاً ملحوظاً، إذ يمثل اكتناز السبائك الخاصة وكذلك عمليات شراء البنوك المركزية 49 بالمئة و 43 بالمئة من المشتريات على التوالي.
ومع ذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة، مثل SPDR Gold Trust ، شهدت انخفاضاً في الأصول الخاضعة للإدارة، مما أدى إلى تباطؤ نمو الطلب الإجمالي.
وتظل مشتريات البنوك المركزية عاملاً حاسماً في دعم أسعار الذهب. في وقت يشير فيه أحدث استطلاع أجراه مجلس الذهب العالمي إلى استمرار الرغبة في الذهب بين السلطات النقدية.
وفي العام 2023، أضافت البنوك المركزية 1037 طناً من الذهب، وهو ما يمثل ثاني أعلى معدل شراء سنوي على الإطلاق، بعد ذروة العام 2022 البالغة 1082 طناً.
يكشف الاستطلاع عن أن 29 بالمئة من المشاركين من البنوك المركزية يخططون لزيادة احتياطياتهم من الذهب في العام المقبل، وهي أعلى نسبة منذ بدء الاستطلاع في العام 2018.
بالإضافة إلى ذلك، تحتفظ 83 بالمئة من البنوك المركزية بالذهب كجزء من احتياطياتها الدولية، حيث يشير 88 بالمئة منها إلى الذهب كمخزن طويل الأجل للقيمة والتحوط من التضخم.
حصة الدولار
وأشار ويدمر إلى أنه "على الرغم من أن دوافع البنوك المركزية الفردية لامتلاك الذهب قد تختلف، فإن عديداً من المحافظ الاحتياطية تشترك في شيء واحد: أن حصة الدولار الأميركي آخذة في الانخفاض، في حين ارتفعت حيازات الذهب".
ويجسد بنك الشعب الصيني هذا الاتجاه من خلال تنويع احتياطياته الأجنبية وزيادة حيازاته من الذهب بمقدار 8 ملايين أونصة، أي ما يعادل 51 مليار دولار، منذ يناير 2023.
وأدت هذه الخطوة إلى رفع نسبة الذهب في إجمالي احتياطيات الصين من 3.5 بالمئة في ديسمبر 2022 إلى 4.9 بالمئة في أبريل 2024.
وفي الوقت نفسه، انخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية بمقدار 102 مليار دولار خلال العام الماضي، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً عند 767 مليار دولار في مارس 2024.
ويتوقع بنك أوف أميركا أنه إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة وضعف الدولار الأميركي في النصف الثاني من العام الجاري 2024 وحتى العام 2025، فإن شراء المستثمرين سيدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع.
سندات الخزانة
ويعتقد البنك الاستثماري أن الذهب سيُظهر قوته لو زاد استياء المستثمرين من سوق سندات الخزانة الأميركية، مما أدى إلى ارتفاع العائدات.
ووفقاً لويدمر، فإنه في بيئة تتسم بانخفاض السيولة والمرونة في سوق سندات الخزانة، من المتوقع أن يحافظ الذهب على جاذبيته كأصل ملاذ آمن.
وفي حين أن الزيادة الحادة في عوائد سندات الخزانة قد تؤدي في البداية إلى دفع أسعار الذهب إلى الانخفاض، فمن المرجح أن يؤدي البحث عن الاستقرار إلى إعادة توجيه التدفقات إلى سوق الذهب.
وذكر المحلل أن "العلاقة العكسية طويلة الأمد بين الذهب وأسعار الفائدة أصبحت أكثر هشاشة بالفعل، ومن وجهة نظرنا، من غير المرجح أن يتغير هذا في المستقبل".
ملاذ آمن
في السياق، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الذهب يعد ملاذاً آمناً لعديد من المستثمرين، في ضوء عدم تقنين عديد من البدائل الأخرى في عدد من الدول مثل العملات المشفرة، وعلى رأسها البتكوين.
ويعد ذلك بمثابة عامل من أبرز العوامل الداعمة لأسعار الذهب، لا سيما في ضوء الكثير من المعطيات، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية وتزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وتشير رمسيس أيضاً إلى أن الفيدرالي الأميركي ما زال متأنياً بشأن توقيت خفض الفائدة، ومضطراً إلى التثبيت دون الإفصاح عن توقيت خفض الفائدة.
وعليه، فهي تتوقع مزيداً من الارتفاعات للذهب والوصول إلى مستويات ثلاثة آلاف دولار، خاصة في ضوء دوره كملاذ آمن في الأزمات مع المتعاملين، وفي ضوء عمليات شراء عدد من الدول والمركزيات للذهب مثل الصين.
تراجعات محتملة
على الجانب الآخر، يرى الشريك المؤسس لأكاديمية ماركت تريدر لدراسات أسواق المال، عمرو زكريا عبده، أنه في ظل الظروف الراهنة، تعتبر ارتفاعات أسعار الذهب بمثابة فرصة للبيع وليس للشراء.
ويضيف في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": أبرز الأسباب وراء ذلك تتمثل في توقف بنك الصين (PBoC) عن شراء الذهب في مايو بعد 18 شهراً من الإضافات المستمرة إلى الاحتياطيات، علاوة على انخفاض صادرات الذهب السويسرية بسبب انخفاض الشحنات إلى الهند وهونغ كونغ.
ويشير إلى أن أحد الأسباب يتمثل أيضاً في مستوى أحجام العقود المفتوحة لشراء الذهب،التي تعكس موقف المضاربين، ارتفعت أكثر من الضعف منذ فبراير 2024 بحسب تقرير التزامات المتداولين (COT) الأسبوعي الصادر عن لجنة تداول العقود الآجلة للسلع (CFTC).
ويتوقع عبده عدم استمرار ارتفاعات أسعار الذهب، خاصة وأن العوائد من السندات التي تنافس الذهب كملاذ آمن، أعلى بكثير من عوائد الذهب الصفرية، لا سيما وأن تكلفة الفرصة البديلة تجعل خيار مدراء المحافظ يحدون من زيادة مراكزهم في الذهب.
ويوضح أن الذهب يتراجع بوتيرة أسرع من ارتفاعه، لذلك الضغط سيستمر على أسعار الذهب خاصة وأن المعدن الأصفر قد شهد سقفه السعري خلال 2024.