تعهد المرشحان المفترضان للانتخابات الأميركية التي تجرى في نوفمبر المقبل، الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، بتمديد الإعفاءات الضريبية المنتهية لمعظم الأميركيين في الولاية الرئاسية الجديدة، بينما لا تزال ثمة أسئلة حول كيفية دفع ثمن تلك التخفيضات.

ويشار إلى أن التخفيضات الضريبية الكبيرة التي تم تنفيذها من قبل الرئيس السابق ترامب من خلال قانون تخفيضات الضرائب وفرص العمل لعام 2017 (TCJA) ستنتهي صلاحيتها بعد عام 2025 ما لم يتخذ الكونغرس إجراءً لتجديدها.

وهذا يعني أنه إذا لم يتم تجديد هذه التخفيضات الضريبية، فسترتفع الضرائب لأكثر من 60 بالمئة من الأشخاص الذين يقدمون الإقرارات الضريبية، وفقاً لمؤسسة الضرائب.

من بين التخفيضات التي ستنتهي صلاحيتها: تخفيض معدلات ضريبة الدخل الفيدرالية، والائتمان الضريبي الأكثر سخاءً للأطفال وغيرها من الأحكام.

أخبار ذات صلة

أسهم "وول ستريت" ترتفع بقيادة سهم "إنفيديا"
طلبات إعانة البطالة في أميركا تتراجع خلال الأسبوع الماضي

لكن العجز في الميزانية الفيدرالية سيكون "نقطة خلاف كبيرة" مع اقتراب انتهاء صلاحية هذه الأحكام في العام 2025، وفقًا لما ذكرته كبيرة الاقتصاديين ومديرة الأبحاث في مركز سياسة الضرائب الفيدرالية بمؤسسة الضرائب، إيريكا يورك، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

  • من ثم هناك تحديات كبيرة تواجه تجديد هذه التخفيضات الضريبية، حيث أن العجز الكبير في الميزانية الفيدرالية سيكون عاملاً مهماً في المناقشات حول ما إذا كان ينبغي تمديد هذه التخفيضات أم لا.
  • إذا لم يتخذ الكونغرس إجراءً لتجديد هذه التخفيضات الضريبية قبل نهاية عام 2025، فإن العديد من الأشخاص سيواجهون زيادات في ضرائبهم.
  • مكتب الميزانية بالكونغرس أفاد في شهر مايو الماضي، بأن تمديد أحكام قانون TCJA بالكامل يمكن أن يضيف ما يقدر بنحو 4.6 تريليون دولار إلى العجز على مدى العقد المقبل.

ارتفعت تكلفة توسيع البنود الرئيسية من TCJA بنحو 50 بالمئة منذ التقديرات الأولية في العام 2018، وفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة.

وفي العام 2018، قدر مكتب الميزانية بالكونغرس أن النمو الاقتصادي من TCJA سيغطي حوالي 20 بالمئة من تكلفة التخفيضات الضريبية. لكن التأثيرات كانت أقل ، كما أظهرت الدراسات.

ونقل تقرير الشبكة الأميركية، عن  الزميل البارز في مركز السياسة الضريبية في أوربان بروكينجز، هوارد جليكمان، قوله: لا يوجد اقتصادي جاد يعتقد بأن قانون التخفيضات الضريبية والوظائف اقترب من تغطية تكاليفه بنفسه.. ولا أحد يعتقد بأن تمديدها أو جعلها دائمة سيدفع ثمنها بنفسه!

فيما يقول بعض مؤيدي TCJA مرة أخرى إن تمديدات 2025 ستغطي تكاليفها من خلال نمو اقتصادي أسرع. لكن التحليلات التي أجرتها أربع منظمات، بما في ذلك  مختبر ييل للميزانية ومؤسسة الضرائب ونموذج الميزانية في بن وارتون، ومعهد المشاريع الأميركية ، تقدر فقط نسبة 1 إلى 14 بالمئة.

موجة تفاؤل تجتاح الأسواق الأميركية

مقترحات من بايدن وترامب

  • يريد ترامب تمديد جميع أحكام قانون TCJA ويخطط بايدن لتمديد الإعفاءات الضريبية لدافعي الضرائب الذين يحصلون على أقل من 400 ألف دولار، وهم معظم الأميركيين.
  • ودعا كبير المستشارين الاقتصاديين لبايدن، لايل برينارد، في مايو إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات للمساعدة في تمويل تمديدات TCJA للأميركيين من الطبقة المتوسطة. وبالمقارنة، جدد ترامب دعمه للتعريفات الجمركية ، أو الضرائب المفروضة على السلع المستوردة من دولة أخرى.
  • مع ذلك، فإن هذه المقترحات السياسية غير مؤكدة، خاصة دون معرفة الحزب الذي سيسيطر على البيت الأبيض والكونغرس.

معدلات الضرائب

في سياق متصل، يقول مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والاقتصادية، صادق الركابي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه:

  • في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قانون التخفيضات الضريبية والوظائف الذي تم إقراره في العام 2017، يشمل تخفيضات كبيرة في الضرائب للأفراد والشركات.
  • بموجب القانون، تم خفض معدل الضريبة على الشركات من 35 بالمئة إلى 21 بالمئة، بالاضافة إلى تعديل الفئات الضريبية للأفراد وتخفيض معدلات الضرائب على مختلف الشرائح مع زيادة الخصومات القياسية للأسر والأفراد.
  • هذه التخفيضات أسهمت في تحفيز قصير الأجل للنمو الاقتصادي؛ بسبب زيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.
  • هذه السياسة أدت إلى ارتفاع كبير في العجز، مع تراجع إيرادات الحكومة بشكل كبير.

ويوضح الركابي أن سياسة الرئيس بايدن ركزت على زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى؛ لتمويل برامج الإنفاق الاجتماعي والبنية التحتية، وبالتالي استهدف رفع معدل الضريبة على الشركات من 21 بالمئة إلى 28 بالمئة، علاوة على رفع معدل الضرائب على الأفراد الذين يكسبون أكثر من 400 ألف دولار سنوياً مع تعزيز الضرائب على المكاسب الرأسمالية للأثرياء.

جنون الأسواق الأميركية يتجاوز المعقول

تهدف هذه السياسة -وفق الركابي- إلى تحقيق ما يعرف بـ "العدالة الضريبية" وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء. كما تساعد هذه الزيادات في تمويل الإنفاق الكبير على البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، ما قد يدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

ويستطرد: لا تتعارض سياسة التخفيضات الضريبية مع القانون، ولكن يمكن أن تكون هناك تحديات قانونية أخرى تتعلق بطريقة تطبيق هذه التخفيضات أو تنفيذها.

ويرى أن ثمة  ارتباطاً بين التخفيضات الضريبية وارتفاع معدلات التضخم:

  • على المدى القصير يمكن أن تؤدي التخفيضات الضريبية إلى زيادة الطلب، وبالتالي ارتفاع التضخم، ولكن ذلك يعتمد بشكل أساسي على الوضع الاقتصادي العام والسياسة النقدية المتبعة.
  • تسهم سياسة الخفض الضريبي في تقليص الإيرادات الحكومية وارتفاع العجز في الميزانية ما لم يقابل ذلك تخفيضات في الإنفاق.
  • في حال عدم تمكن أي من ترامب أو بايدن من حل هذه المعادلة فإنهما سيكونان على موعد جديد مع ارتفاع الدين العام وزيادة تكاليف الإقتراض.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، أن سياسة التخفيضات الضريبية على الأفراد والشركات أو زيادتها على الأثرياء هي سلاح ذو حدين؛ حيث تعزز النمو الاقتصادي على المدى القصير، ولكنها في الوقت نفسه قد تزيد من عجز الميزانية وارتفاع التضخم.  وبالتالي يقول "يحتاج كل من بايدن أو ترامب إلى إيجاد حالة من التوازن الدقيق بين تحفيز النمو والسيطرة على العجز والتضخم".

أخبار ذات صلة

نهاية الدولار.. وهمٌ بعيد المنال!
"الانتخابات الأميركية".. المحفز الرئيسي التالي لـ"البتكوين"

إعفاء الأثرياء!

من جانبه، يقول عضو الحزب الديمقراطي، مهدي عفيفي، إن:

  • "الجمهوريين يحاولون استقطاب رؤوس الأموال، ويقدمون تخفيضات ضريبية لرجال الأعمال والمليونيرات"، موضحاً أنه "إبان فترة حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كانت هناك إعفاءات ضريبية يستفيد منها الأثرياء".
  • بينما على الجانب الآخر، فإن الديمقراطيين يحاولون استقطاب العامة (المواطن العادي)، كما يحاولون موازنة الأمور المتعلقة بالضرئب، أي كلما ارتفع الدخل كلما ارتفعت الضريبة.. وترى حكومة بايدن أن كل المواطنين الأميركيين يدفعون الضرائب بحسب الدخل بشكل متوازن.

ويضيف في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": إن تمديد التخفيضات الضريبية للأميركيين، يؤثر سلباً على الاقتصاد الأميركي، من خلال رفع سقف الدين، إذ تستدين الحكومة لتمويل تلك التسهيلات الضريبية التي يستفيد منها الأثرياء (..).

ويشير عضو الحزب الديمقراطي إلى أن هذه العوامل تخلق نوعاً من الهشاشة بالنسبة للوضع الاقتصادي (..) إلى جانب تداعياتها على الدولار الأميركي، مشدداً على ضرورة معالجة المشكلات المتعلقة بالدين العام أولاً كأولوية قصوى.

ضريبة الشركات في أميركا بين الجمهوريين والديمقراطيين

تخفيضات متقاربة

وإلى ذلك، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يارك، إن ترامب كان قد أقر قانوناً خاصاً بالتخفيضات الضريبية في العام 2017، بينما  بايدن رفع معدل الضرائب على الأفراد الذين يربحون أكثر من 400 ألف دولار سنوياً، كما أعفى كل المواطنيين الذين يحصلون على رواتب أقل من هذا المبلغ من الضرائب، أي أن التخفيضات بنسب متقاربة بين الطرفين بشكل عملي.

ويضيف أن التخفيضات الضريبية تؤثر على دخل الدولة الأميركية، حيث تؤدي للمزيد من الاستدانة، الأمر الذي يزيد من العجز الإضافي للدولة.

وفي سياق متصل، يوضح في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الرئيس الأميركي جوبايدن رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، وعلى الجانب الآخر، طالب دونالد ترامب الرئيس السابق لأميركا بزيادة إضافية تصل إلى 10 بالمئة على كل الواردات الأميركية البالغة قيمتها 3 تريليونات دولار، وهو أمر يؤثر على المستهلك الأميركي بشكل غير مباشر، على اعتبار أن الزيادات الضريبية على الشركات والسلع دائماً ما يتم تحميلها في نهاية المطاف على المستهلك.

ويلفت إلى أن كلاً من ترامب وبايدن يستغلان الدعاية الانتخابية لكسب مزيد من أصوات الناخبين عبر ملف "الضرائب"، في وقت تواجه فيه البلاد خطر تفاقم معدلات الدين بشكل واسع بينما التخفيضات الضريبية أحد الأسباب المؤدية لذلك.