تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، بأكثر من 17 مليار جنيه استرليني من التخفيضات الضريبية، وذلك في محاولة لإحياء حملته الانتخابية وتعزيزها، لكن برنامجه المحافظ تعرض لهجومٍ من قبل البعض في يمين حزب المحافظين، بوصفه "خجولًا للغاية".. فإلى أي مدى يُمكن أن تسهم تعهدات سوناك في دعم موقف حزبه بالانتخابات الفاصلة المرتقبة؟

زعيم المحافظين أصر على وصف خطته السياسية المؤلفة من 76 صفحة بكونها "جريئة"، وقد وعد بتقديم المساعدة لأصحاب المشاريع والمتقاعدين ومشتري المنازل لأول مرة، بتمويل رئيسي من خلال حملة كبيرة في سياق الرعاية الاجتماعية.

لكن أحد الوزراء السابقين في حكومة حزب المحافظين قال إن سوناك "لم يفعل ما يكفي للدفاع عن الجناح الأيمن للحزب من تهديد حزب الإصلاح في المملكة المتحدة بقيادة نايجل فاراج، حسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، والذي نقل عن الوزير السابق قوله:  "أعتقد بأن الجميع يشعرون بالإحباط إلى حد ما ويتوقعون شيئًا أكثر".

ووصف بعض الاقتصاديين تعهدات سوناك المالية بكونها "هبات محددة تدفع ثمنها مدخرات غير مؤكدة وغير محددة وبلا ضحايا على ما يبدو".

أخبار ذات صلة

بريطانيا تغلي! 90% من الموظفين يفقدون الحماس.. ما القصة؟
انتخابات بريطانيا.. إرث 14 عاما من حكم المحافظين
بريطانيا.. هل يكون سيناريو فوز "العمال" إيجابياً للأسواق؟
بيانات اقتصاد بريطانيا في أبريل تقصم آمال سوناك بالانتخابات
  • عرض سوناك، تخفيضاً مفاجئاً للضرائب على صغار التجار بينما كان يحاول عكس استطلاعات الرأي التي تظهر أن المحافظين يتجهون نحو هزيمة ثقيلة.
  • ووعد رئيس الوزراء البريطاني سوناك بإلغاء المعدل الرئيسي للتأمين الوطني للعاملين لحسابهم الخاص، في البرلمان القادم، وهو ما يعني أن الأشخاص الذين يعملون لأنفسهم لن يدفعوا هذا النوع من الضرائب بعد الآن. هذا الإجراء سيكلف الحكومة 2.6 مليار جنيه إسترليني. ويهدف إلى دعم المهنيين مثل عمال البناء والكهربائيين والنجارين وسائقي سيارات الأجرة، من خلال تخفيف العبء الضريبي عنهم.
  • وعد سوناك أيضاً بخفض إضافي قدره 2 بنس على مساهمات التأمين الوطني التي يدفعها الموظفون بحلول أبريل 2027. هذا الخفض الضريبي هو جزء من خطته الأوسع التي تحمل عنوان: "خطة واضحة، عمل جريء، مستقبل آمن".
  • ويمثل هذا الوعد دفعة أولية بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني نحو هدفه النهائي لإلغاء ضريبة التأمين الوطني تمامًا. والهدف من هذه الخطة هو تقليل العبء الضريبي على الموظفين وتعزيز الأمن المالي للمستقبل.

وخفض حزب المحافظين معدل ضريبة الدخل الوطني للموظفين من 12 بنساً إلى 8 بنس في العام الماضي، لكن العبء الضريبي الإجمالي من المقرر أن يرتفع في البرلمان القادم بسبب تجميد العتبات والبدلات.

أخبار ذات صلة

سوناك يعد الناخبين بتخفيض الضرائب وبـ"حلم امتلاك منزل"

 مقامرة انتخابية!

من لندن، يصف خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"،  وعود سوناك لتخفيض الضرائب بـ "المقامرة الانتخابية" لتفادي هزيمة كبيرة في الانتخابات المقبلة، مضيفًا: "الوعود بتخفيض الضرائب بقيمة 17 مليار جنيه إسترليني والهجرة بنسبة 50 بالمئة نظرياً تعد أمراً إيجابياً، ولكن التطبيق صعب للغاية".

ويواصل إسماعيل: تشمل وعود سوناك التي طرحها على الناخبين:

  • تخفيض رسوم التأمين الوطني التي يدفعها الموظفين والعاملين من 8 بالمئة إلى 6 بالمئة بحلول إبريل 2027 وبتكلفة 10.3 مليار استرليني أي 13 مليار دولار بحلول 2029 - 2030 .
  • التعهد برفع الإنفاق الدفاعي والعسكري بنسبة 2.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2030 وبتكلفة إضافية سنوية تبلغ 5.7 مليار استرليني أي ما يقارب 6.6 مليار دولار سنوياً.
  • ترجمة هذه الوعود إلى حقائق ملموسة ستكون أمراً صعبا في ظل التحديات الضخمة .

 ويستطرد: الوعود التي قدمها سوناك اعتبرها الكثير من خبراء الاقتصاد بالتعهدات غير المدعومة مالياً أو اقتصادياً.

ويضيف في هذا السياق:

  • معهد الدراسات الضريبية البريطاني يشكك في مقدرة حكومة سوناك بتوفير المال الكافي لتمويل التخفيضات الضريبية.
  • التقارير الإعلامية تشير  إلى أن خطط تمويل وعود خفض الضرائب تستند على أسس هشة مثل ترشيد الإنفاق الاجتماعي وسد الثغرات لمنع التهرب الضريبي.

 ويتابع الخبير الاقتصادي: " رغم هذه الوعود لا يزال حزب العمال متقدماً  على حزب المحافظين بنسبةً17 بالمئة، ويشكك حزب العمال في مقدرة سوناك على تنفيذ الوعود إذا فازوا في الانتخابات".

فرص المحافظين

في المقابل، يعلق مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والاقتصادية، صادق الركابي،  في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" : "بالتأكيد ستكون لتعهدات رئيس الوزراء ريشي سوناك بتخفيض الضرائب آثار واضحة على فرص المحافظين في الانتخابات؛ فهي تعزز من النمو وتزيد من الدخل المتاح، لذا فهي تسهم في تحسين المشاعر العامة تجاه المحافظين".

ويضيف الركابي: تصور الناخبين بشأن عدالة التخفيضات الضريبية وتوزيعها يلعب دوراً مهماً في ذلك.

  • ينظر الناخبون إلى التخفيضات على أنها تفيد الأثرياء فقط، مما يجعل هذه الإجراءات لا تحظى بدعم واسع النطاق لدى بعض الناخبين.
  • هناك عامل داخلي مهم يعتمد عليه نجاح هذه الوعود يتمثل بتوحد حزب المحافظين خلف هذه السياسة.
  • رد حزب العمل وأحزاب المعارضة الأخرى على هذه التعهدات وما سيكون له من أثر على الرأي العام وفرص نجاح المحافظين في الانتخابات، من العوامل المهمة.

ويستطرد: "لا ننسى الأثر الأكبر لقضايا أخرى كالخدمات العامة وتكاليف المعيشة، رغم أن التخفيضات الضريبية تعتبر استراتيجية جذابة وقد تسهم في إحياء فرص المحافظين الانتخابية".

أخبار ذات صلة

بريطانيا.. تحذيرات من فجوة مالية أو العودة إلى التقشف
رهانات على المتقاعدين.. هل تحسم الانتخابات البريطانية؟

تمويل التعهدات

وزعم سوناك أن السياسات ممولة بالكامل، وأن المحافظين سيخفضون 12 مليار جنيه إسترليني من فاتورة الرعاية الاجتماعية بحلول عام 2030.

وقال البيان إن خطة سوناك لخفض الضرائب بقيمة 17.2 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول 2029-2030 سيتم تمويلها بشكل أكبر من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهرب الضريبي. وقال إن إجراءات الرعاية الاجتماعية وتجنب التهرب الضريبي ستجمع بشكل جماعي 18 مليار جنيه إسترليني.

وأصر سوناك على أنه يمكن أن ينفذ تخفيضات في الإنفاق وتخفيضات ضريبية إذا أعيد انتخابه في الرابع من يوليو.

كذلك اعترف سوناك يوم الاثنين بأن شراء منزل أصبح أكثر صعوبة في ظل حكومته وتعهد باتخاذ إجراءات، بما في ذلك من خلال إلغاء رسوم الدمغة بشكل دائم للمشترين لأول مرة للمنازل التي تقل قيمتها عن 425 ألف جنيه إسترليني بتكلفة تتحملها الحكومة قدرها 590 مليون جنيه إسترليني.

وفي سياق آخر، وعد المحافظون بالمضي قدماً في سياسة اللجوء في رواندا ووضع حد للهجرة القانونية، لكن سوناك تراجع عن التزامه المباشر بالانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، كما أراد بعض المحافظين.

وقال البيان، مرددا لغة سوناك السابقة: "إذا اضطررنا للاختيار بين أمننا واختصاص محكمة أجنبية، بما في ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فسنختار دائما أمننا".

بيان "استعراضي"

وفي حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يلفت كبير الاقتصاديين في شركة "ACY"، نضال الشعار، إلى بيان حزب المحافظين، والذي وصفه بـ"الاستعراضي أكثر من كونه منهج عملي"، لافتاً إلى أن:

  • البيان ركز على عناوين عامة وغامضة؛ أهمها الضمان الصحي وملف المهاجرين والمعونات الاجتماعية والصحية.
  • ذكرت كلمة "ضرائب" 27 مرة في هذا البيان، وهذا يدل على اعتقاد حزب المحافظين بأن الضرائب تمثل نقطة جذب للناخبين على عكس حزب العمل الذي ينوي رفع الضرائب عقب فوزه.
  • البيان ركز على تخفيض التأمين الاجتماعي.
  • إلغاء ضرائب العقارات حال كانت هذه أول مرة يشتري المواطن عقاراً، من بين الأمور التي تحدث عنها البيان.
  • خفض معدل الهجرة إلى النصف وكذلك خفض معدل التضخم إلى النصف.. بينما السؤال هنا ما هي العلاقة بين الرقمين ولماذا يقوم حزب المحافظين بهذه المقارنة؟
  • التركيز على أمان الحدود واستمرار التعاون مع رواندا فيما يخص المهاجرين، وهذا شأن يتعلق بحقوق الإنسان وحساس بعض الشيء.

ومع تراجع حزب المحافظين عن حزب العمال بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي، يخشى بعض المحافظين أن يفتقر البرنامج إلى السياسة التي يعتقدون بأنها ضرورية لتغيير حظوظ الحزب.

فيما اتخذ زعيم حزب العمال السير كير ستارمر خطوة غير معتادة بانتقاد بيان سوناك من خلال مقارنته بالمسار اليساري الذي أنتجه حزب العمال في الانتخابات العامة لعام 2019 - والذي ترشح له.

بريطانيا.. استمرار الهجوم على سوناك بسبب "ذكرى النورماندي"