توقعت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير سنوي نشر الأربعاء "فائضا كبيرا" في إمدادات النفط بحلول 2029 ، في وقت يتزايد الإنتاج، بينما يؤدي التحول إلى الطاقة النظيفة إلى تقليص الطلب على الوقود الأحفوري في ظل نمو وفير للإمدادات.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته عند 105.6 ملايين برميل يوميا بحلول 2029، وهو ما يزيد بنحو 4 بالمئة عن مستوى العام الماضي، وذلك وسط مبيعات متزايدة للسيارات الكهربائية وتحسن كفاءة الوقود.

وفي الوقت نفسه، تستمر قدرة إنتاج النفط في الارتفاع. وقالت الوكالة إن الحجم الإجمالي للمعروض سيبلغ 114 مليون برميل يوميا بحلول 2030.

وبقيادة الولايات المتحدة، ستكون الطاقة الإنتاجية للنفط أعلى من الطلب بمقدار "مذهل" يبلغ حوالي 8 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية العقد، مما يترك أكبر فائض من الإنتاج الاحتياطي منذ ذروة عمليات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19.

أخبار ذات صلة

وكالة الطاقة الدولية تدعو الدول لتعزيز خططها للطاقة المتجددة
رويترز: ارتفاع مخزونات النفط يدفع أوبك+ للحفاظ على التخفيضات

وكانت الوكالة قد قالت في أكتوبر إن ذروة الطلب على النفط تحل في عام 2030.

وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: "مع فقدان زخم انتعاش ما بعد وباء كورونا، وتقدم التحول إلى الطاقة النظيفة، وتحول بنية الاقتصاد الصيني، فإن نمو الطلب العالمي على النفط يتباطأ. من المحتمل أن تؤثر إمدادات النفط المتزايدة على الأسعار حتى نهاية العقد".

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الاستهلاك العالمي من النفط سيستمر في التوسع لعدة سنوات، حيث سيضيف ما يقارب 4 ملايين برميل يوميا بحلول نهاية العقد وسط النمو الاقتصادي في الهند والصين، والطلب المتزايد من قبل صناعات الطيران والبتروكيماويات.

ومع ذلك، سيواصل الطلب على النفط في انخفاضه "طويل الأمد" في الدول المتقدمة، حيث سينخفض من 46 مليون برميل يوميًا في العام الماضي إلى 43 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1991. وحتى الطلب الصيني سيصل إلى ذروته بحلول نهاية العقد عند حوالي 18 مليون برميل يوميًا، وفقًا للتقرير.

وقال بيرول: "تُظهر التوقعات في هذا التقرير، التي تستند إلى أحدث البيانات المتاحة، فائضا كبيرا في إمدادات النفط خلال العقد الحالي مما يشير إلى أنه حري بشركات النفط التأكد من مواكبة استراتيجياتها وخطط أعمالها للتغييرات الجارية".

وخففت شركات كبرى مثل بي بي "BP"، وشل من خططها للتوسع في مجال الهيدروكربونات لصالح الطاقة المتجددة، في حين ظلت شركات أخرى مثل إكسون موبيل تركز بقوة على النفط والغاز.

صراع العرض والطلب

تشهد أسعار النفط العالمية تقلبات حول حاجز 80 دولار للبرميل هذا العام، وذلك بسبب عوامل متصارعة:

عوامل تدعم ارتفاع الأسعار:

  • استمرار قوة الطلب العالمي.
  • الصراعات في الشرق الأوسط.
  • قيود الإنتاج من قبل تحالف أوبك+.

يقابلها عوامل تُضعف الأسعار:

  • زيادة هائلة في الإنتاج الجديد من الأميركيتين.
  • المخاوف حول نمو الاقتصاد الصيني.

سجل حافل بالإخفاقات.. تنبؤات وكالة الطاقة الدولية محل تشكيك

على الرغم من تحليلات وكالة الطاقة الدولية التي صدرت مؤخرًا حول سوق النفط، إلا أن سجلها السابق في التنبؤات يثير الشكوك، بسبب أخطاء سابقة تتمثل في:

قبل عقد من الزمن حذرت الوكالة مرارا وتكرارا بشأن أزمة وشيكة في إمدادات النفط، إلا أن طفرة النفط الصخري الأميركي حالت دون وقوعها.

توقعت الوكالة في عام 2022 انهيارًا فوريًا في إنتاج النفط الروسي، وهو ما لم يحدث أيضًا.

قامت الوكالة خلال الأشهر الأخيرة بتعديل توقعات الطلب لعام 2024 صعودًا وهبوطًا.

أخبار ذات صلة

"توتال": من الضروري الإنتاج في حقول نفطية جديدة
وكالة الطاقة الدولية تحذر من خطر تراجع إمدادات المعادن
لقوة الطلب.. قطاع الطاقة النووية يستدعي خبراء "العصر الذهبي"
مخزونات النفط الأميركية تتراجع بأكثر من التوقعات في أسبوع

التفاوت مع أوبك

وفي تقرير شهري منفصل الأربعاء، خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 بنحو 100 ألف برميل يوميا إلى 960 ألفا استنادا إلى تباطؤ الاستهلاك في الدول المتقدمة.

وقالت إن فتور النمو الاقتصادي والتحول نحو الطاقة الخضراء قد يؤدي إلى نمو الطلب بنحو مليون برميل يوميا في 2025.

وهذه التوقعات أقل بكثير من توقعات أوبك التي أبقت أمس الثلاثاء على نمو الطلب في 2024 عند 2.25 مليون برميل يوميا و1.85 مليون برميل يوميا لعام 2025.

وأصبحت فجوة نمو الطلب في 2024 بين الوكالة وأوبك أوسع مما كانت عليه في وقت سابق من هذا العام حين وجد تحليل لرويترز أن الفارق البالغ 1.03 مليون برميل يوميا في فبراير كان الأكبر منذ عام 2008 على الأقل.

ووصف بيرول، في حديثه للصحفيين في اتصال عبر الإنترنت بعد صدور التقرير، التفاوت في توقعات الطلب مع أوبك ومقرها فيينا أنه "شيء جدير بالملاحظة".

وقال "بالطبع سنرى في نهاية العام... نحن ننظر إلى البيانات، كل كمية، وكل يوم، لتقديم أفضل المعلومات لصناع القرار والجمهور".

مخاطر على التوقعات

يعتبر تباطؤ التحول إلى الطاقة النظيفة عن المتوقع أحد المخاطر التي تهدد صحة توقعات وكالة الطاقة الدولية.

خفضت شركة BloombergNEF، في تقرير منفصل صدر الأربعاء، تقديراتها لمبيعات السيارات الكهربائية وحذرت من أن صناعة السيارات تبتعد عن مسار خفض الانبعاثات.

الخلاصة.. في حين تقدم وكالة الطاقة الدولية تحليلات قيمة لسوق النفط، إلا أن سجلها السابق في التنبؤات يثير تساؤلات حول مدى دقة توقعاتها المستقبلية، خاصة مع الأخذ بالاعتبار العوامل المتغيرة التي تؤثر على صناعة النفط.

مشرعون أميركيون يهاجمون وكالة الطاقة بسبب النفط والغاز

وفي وقت سابق هذا العام، انتقد النواب الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي توقعات وكالة الطاقة الدولية في رسالة في شهر مارس، زاعمين أن توقعاتها قد خيم عليها الضغوط لتحقيق أهداف تغير المناخ.

وكررت وكالة الطاقة الدولية مرارا وتكرار ضرورة وقف الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة، من أجل الالتزام بهدف خفض صافي انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050.

أخبار ذات صلة

كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل بسبب حرب غزة
بين فرنسا والولايات المتحدة.. علاقة اقتصادية متقلّبة

ووفقاً للتقرير، فإن النمو في إمدادات النفط الجديدة خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول وشركائها، المعروف باسم تحالف أوبك بلس سيتجاوز الطلب بحلول العام المقبل.

وسيضيف المنتجون في الأميركتين، بقيادة الولايات المتحدة، حوالي 4.8 مليون برميل يوميًا من الطاقة الإنتاجية خلال هذا العقد، وهو ما يفوق نمو الطلب.

ستشكل الولايات المتحدة 2.1 مليون برميل من هذه الزيادة، بينما ستأتي الكميات المتبقية من الأرجنتين والبرازيل وكندا وغيانا.

من المحتمل أن يدخل المزيد من الإنتاج حيز التشغيل إذا تمت الموافقة على مشاريع أولية. وسيشكل الغاز الطبيعي المسال والمكثفات حوالي 45 بالمئة من إجمالي زيادة الطاقة الإنتاجية العالمية.

ومن المتوقع أن تؤدي هذه الموجة الجديدة من زيادة إنتاج النفط إلى تآكل الحصة السوقية لتحالف أوبك+ الذي تقوده السعودية وروسيا، بحسب التقرير.

وكان تحالف أوبك بلس الذي يضم 22 دولة قد أعلن في نهاية الأسبوع الماضي عن تمديد أغلب تخفيضات إنتاج النفط لتستمر في 2024 على أن تبدأ في التراجع عنها تدريجيا في 2025.

ويبلغ إجمالي تخفيضات أعضاء أوبك+ حاليا 5.86 مليون برميل يوميا، وهو ما يوازي نحو 5.7 بالمئة من الطلب العالمي.

وتشمل التخفيضات مليوني برميل يوميا من كل الدول الأعضاء في أوبك+ وهو التخفيض الرئيسي أو الأساسي، والجولة الأولى من الخفض الطوعي من تسع دول أعضاء بمقدار 1.66 مليون برميل يوميا، والتي أُعلن عنها في أبريل 2023، والجولة الثانية من الخفض الطوعي من ثماني دول أعضاء بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا والتي أُعلن عنها في نوفمبر 2023.

وبحسب ما ذكره بيان تحالف أوبك+، فإنه سيتم تمديد تخفيضات الإنتاج الرئيسية، وكذلك الجولة الأولى من التخفيضات لنهاية 2025 بدلا من نهاية 2024. كما وافق التحالف على تمديد الجولة الثانية من التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا، لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية سبتمبر 2024، على أن تبدأ بعد ذلك إعادة كميات هذا التخفيض، تدريجياً، على أساس شهري، حتى نهاية سبتمبر من عام 2025، "بهدف دعم استقرار السوق". وبحسب البيان الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية، فإن هذه الزيادة الشهرية في الإنتاج "يمكن إيقافها أو عكسها، وفقاً لمستجدات السوق".

في وقت سابق من هذا العام، أوقفت السعودية خططًا لإجراء توسعة كبيرة في قدرتها الإنتاجية.

مسؤول سابق بوكالة الطاقة: 2030 ليس عام ذروة الطلب على النفط