أعلنت شركة آبل، الاثنين، عن أنها أبرمت شراكة مع OpenAI لدمج ChatGPT في أجهزتها، حيث كشفت النقاب عن نظام "Apple Intelligence" الجديد، فيما وصفه الرئيس التنفيذي تيم كوك بأنه "الخطوة الكبيرة التالية" من قبل صانع آيفون.
وحدد كوك وفريقه الترقيات للنظام البيئي لبرامج آبل القادمة هذا العام في مؤتمر المطورين السنوي للشركة، والتي تهدف إلى الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لتوفير مساعد صوت Siri أكثر ذكاءً وميزات أكثر تخصيصاً على أجهزتها لتعزيز الإنتاجية.
وقد تمت مراقبة مؤتمر المطورين العالمي لهذا العام عن كثب بشكل خاص، حيث انتظر المستثمرون ليروا كيف سيضع كوك شركة آبل في وضع يمكنها من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، وسط مخاوف من أنها تتخلف عن منافسيها من شركات التكنولوجيا الكبرى، وفق تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
ويتسابق عمالقة التكنولوجيا، بما في ذلك ألفابيت ومايكروسوفت وميتا وأمازون، لتطوير منتجات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي، بينما تتنافس أيضاً - أو تتشارك في بعض الحالات- مع الشركات الناشئة التي تركز على التكنولوجيا، مثل OpenAI ، والتي استثمرت مايكروسوفت فيها مليارات الدولارات.
وستعمل شراكة OpenAI على تغذية ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بشركة آبل، والتي أطلقت عليها اسم "Apple Intelligence" ووصفها كوك بأنها "نظام ذكاء شخصي جديد" يعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بالشركة ومخصصة للمستخدم.
شركة آبل أكدت أن نهجها تجاه الذكاء الاصطناعي سيركز على حماية خصوصية المستخدم، مع تشغيل النماذج محلياً على الأجهزة وعلى خوادمها السحابية، ومدعومة برقائقها.
ما الجديد في Siri؟
- يتلقى المساعد الصوتي "سيري" Siri من آبل عملية تجديد مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية للشركة. ووعدت آبل بتجربة تفاعلية أكثر طبيعية مع فهم أكثر ثراءً للغة.
- سيكون Siri قادراً على طرح أسئلة على ChatGPT، والاستفادة من قوة نماذج OpenAI على الرغم من أنه سيطلب الإذن من المستخدم قبل التواصل معه.
- لن يحتاج مستخدمو آبل إلى اشتراك للوصول إلى هذه الميزة.
- سيكون Siri أيضاً قادراً على تنفيذ إجراءات أكثر تفصيلاً على تطبيقات آبل الأصلية.
ميزات أخرى
استعرض الفريق التنفيذي لشركة آبل، خلال المؤتمر، ميزات الذكاء الاصطناعي الإبداعية الأخرى التي ستكون متاحة على iOS 18، وهو أحدث إصدار من نظام تشغيل iPhone، وكذلك على iPad وMac في وقت لاحق من هذا العام، بما في ذلك إنشاء الصور والرموز التعبيرية المخصصة.
وقال ليو جيبي، المحلل في شركة CCS Insight:
- يجب أن يساعد Apple Intelligence في تهدئة المستثمرين القلقين وطمأنتهم بأن شركة آبل تواكب منافسيها.
- تعد الشراكة مع ChatGPT تطورًا كبيرًا يعزز عروض آبل للذكاء الاصطناعي، وستكون الميزات الجديدة مثل Siri المحسّنة بشكل كبير موضع ترحيب للمستخدمين.
وأعلنت شركة آبل أيضاً أنها ستطرح سماعة الرأس Vision Pro، التي تم إصدارها في الولايات المتحدة في فبراير، في الأسواق الدولية. وسيكون من الممكن إجراء الطلبات المسبقة في الصين واليابان وسنغافورة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا هذا الشهر.
موقف إيلون ماسك
لكن الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ومالك X، إيلون ماسك، سارع إلى دق ناقوس الخطر بشأن الشراكة، محذراً من أنه سيحظر أجهزة آبل في شركاته "إذا اندمجت آبل مع OpenAI على مستوى نظام التشغيل"، وهو ما قال إنه سيكون " انتهاك أمني غير مقبول".
لدى ماسك تاريخ متوتر مع الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان. فلقد كان أحد مؤسسي OpenAI قبل أن يغادر الشركة في العام 2018. وقد رفع دعوى قضائية ضد OpenAI، متهماً إياها بالتخلي عن مهمتها الأصلية لصالح البشرية.
ماسك الذي لديه شركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي xAI، هو أيضاً منتقد في بعض الأحيان لشركة آبل، التي سحبت تمويل الإعلانات من X في أواخر العام الماضي بعد أن أيد ماسك منشورًا معاديًا للسامية.
الحفاظ على التنافسية
من جهته أوضح أستاذ علم الحاسوب وخبير تكنولوجيا المعلومات في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا، حسين العمري، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن:
- شركة آبل اعتادت أن تكون رائدة في تقديم تقنيات مبتكرة وتحسين تجربة المستخدم، كما أنها سعت نحو تقديم حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي كجزء من استراتيجية أكبر لتعزيز منتجاتها وخدماتها بعدة طرق.
- توجه آبل نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي يعكس التزامها المستمر بالابتكار وتقديم أفضل تجربة ممكنة لمستخدميها، بالإضافة إلى الحفاظ على تنافسيتها في سوق التقنية المتنامي والمتغير باستمرار.
واستعرض بعض الأسباب التي دفعت شركة آبل لتقديم حزمة من ابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدي للمطورين والمستهلكين، وتتمثل في:
- تحسين تجربة المستخدم: الذكاء الاصطناعي يمكنه توفير تجارب أكثر تخصيصاً وذكاءً للمستخدمين، على سبيل المثال، المساعدة في تحسين مساعده الذكي Siri، وتقديم اقتراحات مخصصة، وتحسين أداء التطبيقات والأجهزة.
- المنافسة: مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من قبل شركات مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت، من الضروري أن تبقى آبل منافساً قوياً؛ لضمان عدم تفوق المنافسين عليها في هذا المجال.
- الكفاءة والأمان: الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين الكفاءة التشغيلية والأمان على الأجهزة، مثل تحسين أداء البطارية وإدارة الموارد بشكل أكثر فعالية، وتقديم مستويات أعلى من الأمان والخصوصية.
- التطبيقات المبتكرة: الذكاء الاصطناعي يفتح أبواباً جديدة لتطوير تطبيقات مبتكرة، مثل التصوير الفوتوغرافي الذكي وتحرير الفيديو التلقائي، وتحسينات في مجالات الصحة واللياقة.
- الاستجابة لمتطلبات السوق: هناك طلب متزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل المستخدمين والمؤسسات على حد سواء، وآبل تسعى لتلبية هذه الاحتياجات من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.
وأشار إلى أن شركة آبل حاليا تتعاون مع OpenAI بما يمكنها من دمج ChatGPT مع إصدارات iOS القادمة، ومن المتوقع أن تضع الصفقة آبل في مستوى متقدم مع شركات تصنيع الهواتف الذكية الأخرى، التي بدأت بالفعل في استكشاف ميزات الذكاء الاصطناعي في خطوط منتجاتها، كما يتوقع أن تتاح بعض ميزات ChatGPT مع إصدار iOS 18 في غضون أسابيع قليلة.
تحول كبير
وأكد أن هذه الخطوة تمثل تحولاً كبيراً يجعل شركة آبل لاعباً رئيسياً في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هناك عدة عوامل تدعم هذا التحول المحتمل، ومنها:
- التكنولوجيا والبنية التحتية: آبل لديها الموارد والبنية التحتية اللازمة للاستثمار بكثافة في البحث والتطوير في مجال الـ AI، مع وجود فرق متخصصة ومراكز بحثية، يمكنها تطوير تقنيات جديدة ومبتكرة.
- المنتجات والخدمات: دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجات آبل، مثل iPhone، iPad، وMac، بالإضافة إلى خدماتها مثل Siri وiCloud، سيجعل هذه المنتجات والخدمات أكثر جاذبية وقيمة للمستخدمين.
- نظام بيئي متكامل: آبل تتمتع بنظام بيئي متكامل من الأجهزة والخدمات، مما يسهل تبني وتكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر مختلف منتجاتها وخدماتها.
- الشراكات والاستحواذات: آبل قادرة على الدخول في شراكات استراتيجية مع شركات أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، كما يمكنها الاستحواذ على شركات متخصصة لتعزيز قدراتها في هذا المجال.
- الخصوصية والأمان: آبل تركز بشكل كبير على الخصوصية والأمان، وهو ما يمكن أن يعطيها ميزة تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنها تقديم حلول ذكية تحترم خصوصية المستخدمين.
وتوقع العمري أن يكون لتوجه آبل نحو الذكاء الاصطناعي تأثيراً كبيراً على تقدمها ومكانتها في السوق، خاصة وأن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدفع الشركة نحو مزيد من النمو والابتكار، مما يعزز مكانتها كرائد في صناعة التكنولوجيا.
وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يركز مؤتمر هذا العام على الذكاء الاصطناعي حيث تتطلع شركة آبل إلى الاستفادة من أحد أهم اتجاهات التكنولوجيا لإثارة حماسة المستثمرين والمستهلكين. لكن رد فعل السوق كان فاتراً، حيث انخفضت أسهمها بنسبة 1.9 بالمئة في تعاملات الاثنين.
تجنب مصير نوكيا!
في السياق، بيّن خبير التطوير التكنولوجي وأمن المعلومات، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن شركة آبل لديها تخوف من أن تلقى نفس مصير شركة "نوكيا"، وهو ما دفعها نحو تطوير أنظمة التشغيل الخاصة بها وتزويد إمكاناتها بشكل مستمر، موضحاً أن "نوكيا" كانت شركة رائدة ومتصدرة في عالم الهواتف الذكية خلال سنوات عديدة ماضية، ووقعت في خطأ استمرار تمسكها بأنظمتها التشغيلية دون تحديث جوهري، وعلى الرغم من ظهور منافسين لها ظلت الثقة العمياء للشركة هي المسيطرة والمهيمنة على منتجاتها وأنظمة تشغيلها، إلى أن وجدت نفسها بين منافسين كبار.
وأضاف: آبل وجدت نفسها تمر بنفس السيناريو، ولهذا السبب بدأت تستدرك الأمر بالإعلان عن تقنيات جديدة، وأنها سوف تستعمل نظاماً جديداً مدعوماً بالكامل من الذكاء الاصطناعي، وذلك خلال مؤتمر المطورين الحالي.
وأفاد بأن الذكاء الاصطناعي الذي تنوي "آبل" استخدامه بمنتجاتها موجود بالفعل في أكثر من تطبيق، منهم على سبيل المثال siri و face ID و AIR PODS، لافتًا إلى أن الشركة بدأت البحث عن تعديلات تلقى ترحيباً بين المستخدمين تفادياً للوقوع بمأزق شركة نوكيا.
الدوافع الرئيسية
وعدد الدوافع وراء اهتمام "آبل" بشكل متزايد بتطوير وتكثيف تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر منتجاتها وخدماتها، ومنها:
- الشركة تسعى إلى تعزيز تجربة المستخدم، وجعل منتجاتها أكثر سهولة بالاستخدام مع توفير ميزات وتجارب تفاعلية تجعل المستخدم لا يشعر بالملل أثناء استخدام منتجاتها.
- تحسين الأداء والكفاءة عبر توفير أكثر من أداة.. وتحسين العمليات بما يوفر للمستخدم زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف.
- خلق فرص تجارية جديدة، خاصة وأن تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر فرصاً جديدة لابتكار منتجات وخدمات فورية، وتوفير نطاق أوسع لأسواق آبل واكتساب ميزة تنافسية أكبر، لا سيما بعد التنافس بين كل من السوق الأميركية والصينية، فالأخيرة أصبحت منافسة في عالم الأجهزة المحمولة والذكية، خاصة أجهزة الجيل الخامس، وعلى سبيل المثال توجد شركات منافسة لـ"آبل" مثل انفنيكس وشاومي وهواوي وهي ذات أسعار منافسة وبمواصفات عالية.
وأكد الناطور أن آبل حتى الآن لا يمكنها أن تكون لاعباً رئيسياً فريداً في السوق بين منافسيها الذين يتطورون بشكل مستمر، مشيراً إلى أن هناك عاملاً مهماً يساعدها على ذلك مستقبلًا، وهو أن تظل لديها استثمارات كبيرة تدعم التطويرات القادمة وتعزز المنافسة، على اعتبار أن الشركة تضخ استثمارات هائلة في أبحاث التطوير وتقنيات الذكاء الاصطناعي وجذب كبار المواهب في هذا المجال، لتعزز من اعتماد المستهلك عليها وتقنياتها.
وشدد خبير التطوير التكنولوجي على أنه في ظل هذه المنافسة الشديدة هناك تحديات تواجه شركة"آبل" مع وجود شركات رائدة مثل غوغل ومايكروسوفت والشركات الصينية الكبرى، مشيراً إلى أن تركيزها على الذكاء الاصطناعي من المحتمل أن يكون له تأثير كبير على تقدمها ومكانتها في السوق.