قال الرئيس الأيسلندي السابق، أولافور راغنار غريمسون، إن مؤتمر الأطراف COP28 نجح في تقديم نموذج جديد تمكن العالم من الالتفاف حوله، مشيرا إلى الطريقة المبتكرة التي اتبعها المؤتمر في دعوة كافة الأطراف للمشاركة في الحدث، وما نتج عن ذلك من نجاح قوي.
وأضاف في مقابلة خلال برنامج "بيزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، أن جمع كافة أطراف المجتمع سويا، أعطى لكل المشاركين في COP28 حصة في هذا النجاح.
وقال: "الأمر الأبرز بشأن COP28 لا يتمثل فقط في كونه علامة فارقة في تاريخ العمل المناخي، كما كانت عليه قمة باريس، ولكنه أيضا دليل على أننا في القرن الحادي والعشرين وجدنا نموذجا جديدا لتحقيق النجاح العالمي".
نموذج أيسلندا
الرئيس الأيسلندي السابق أكد خلال اللقاء إيمانه التام بقدرة المجتمع الدولي على تنفيذ القرارات الناتجة عن مؤتمر الأطراف COP28.
وأشار إلى أن خبرته الشخصية، والتي شهدها خلال العمل العام في أيسلندا، والتي كانت تعتمد على استيراد 80 بالمئة من احتياجاتها من النفط والفحم لتوليد الطاقة، تمكنت - خلال فترة حياته - من توليد الطاقة الكهربائية عن مصادر نظيفة، وبنسبة بلغت 100 بالمئة.
وقال: "أصبحت أيسلندا الأولى عالميا من حيث إنجازاتها بمجال الطاقة النظيفة".
كما أضاف غريمسون أنه خلال زيارة إلى الصين منذ نحو 15 عاما، تمكن من إقناع السلطات هناك، آنذاك، بإمكانية استخدام الطاقة الحرارية الأرضية النظيفة "الجيوثيرمال" لتدفئة المدن الصينية، بدلا من الاعتماد على الفحم "ما نتج عنه أكبر مشروع للطاقة الحرارية الأرضية في العالم".
وأكد: "أعتقد بشدة واستنادا إلى هذه الأمثلة أن أهداف COP28 الطموحة من حيث الطاقة المستدامة واقعية وقابلة للتنفيذ، وبعد عشرة سنوات من اليوم، سنحتفل بنجاحاتها".
الطاقة النظيفة والفرص الاقتصادية
خلال اللقاء، أكد الرئيس الأيسلندي السابق أن التحول إلى استخدام الطاقة النظيفة ساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة للاستثمار في بلاده، وأشار إلى أنه عادة ما يقول أن التحول إلى الطاقة النظيفة لم يكن فقط بسبب قضايا المناخ "بل لأنه كان أيضا مفيدا لاقتصاد البلاد".
وذكر غريمسون أن أيسلندا، خلال بداية توجهها نحو مصادر الطاقة النظيفة، قررت البدء بمشروعات الطاقة الحرارية الأرضية "جيوثيرمال"، وذلك لاستخدامها في تدفئة المنازل.
"تدريجيا، اكتشفنا أننا لسنا مرغمين على استيراد النفط وأنه بإمكاننا الاستغناء عن أسعار النفط المتقلبة "، بحسب قوله.
وأكد غريمسون أن بإمكان أيسلندا حاليا توفير الكهرباء لمختلف القطاعات الاقتصادية من خلال عقود ثابتة الأسعار "لأنها طاقة نظيفة" للسنوات العشر أو الخمسة عشر أو العشرين المقبلة.
وقال: "ما من دولة أخرى في أوروبا بإمكانها أن تقدم للمصانع ومراكز تخزين البيانات وأي كيان آخر أسعار طاقة ثابتة على المدى الطويل".
توسعت أيسلندا بعد ذلك، بحسب قوله، في إدخال الطاقة النظيفة في الجوانب الاقتصادية المختلفة، مثل المنتجعات الصحية والصوبات الزراعية والقطاع السياحي، فضلا عن تصنيع السيارات والحافلات الكهربائية، وغيرها.
شعب أيسلندا جزء من التحول
في سؤال حول كيفية تعامل السكان في أيسلندا مع التحول نحو الطاقة النظيفة، قال غريمسون إن عامة الناس يمتلكون "حسا داخليا" يساعدهم على معرفة ما ينفعهم، وما هو الحل الذكي لهم، بحسب تعبيره.
وقال: "على سبيل المثال، مدينة غريندافيك التي تعتمد على صيد الأسماك والتي تقع بجوار البحيرة الزرقاء الشهيرة بدأت بالتقدم على صعيد الطاقة الحرارية الأرضية لأن الناس اعتبرت استخدام الطاقة الحرارية الأرضية لتدفئة منازلهم عوضا عن الدفع للشركات النفطية أمرا منطقيا".
وأوضح أن بلاده بدأت المحاولة في استغلال كل الفرص التجارية المتاحة، إذ "لا يوجد فعلا أي حدود للمشاريع"، بحسب تعبيره.
وقال: "هذا الاقتصاد الحديث المتنوع الذي يُعد اليوم أساس ازدهارنا في القرن الحادي والعشرين جاء من الناس العاديين ورواد الأعمال الذين رأوا كل الفرص التجارية المناسبة من جراء التحول إلى الطاقة النظيفة".