حذر ماركو كولانوفيتش، كبير استراتيجيي السوق لدى بنك جيه بي مورغان تشيس، من أن الانخفاض الذي شهدته أسواق الأسهم الأميركية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية يُمثل بداية لعملية بيع من المحتمل أن تتعمق بسبب تصاعد مخاطر الاقتصاد الكلي، بما في ذلك ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، وقوة الدولار، وارتفاع أسعار النفط.
وأوضح كولانوفيتش أنه على الرغم من أن نتائج أرباح الشركات الأميركية هذا الأسبوع قد تؤدي إلى استقرار السوق بشكل مؤقت، إلا أن هذا لا يعني أن الأسهم قد تجاوزت مرحلة الخطر.
ومن بين العوامل التي يحددها كولانوفيتش على أنها تزيد من مخاطر الانخفاض، الرضا الزائد عن تقييمات الأسهم، واستمرار ارتفاع التضخم، وتضاؤل التوقعات بشأن تخفيضات وشيكة لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وتوقعات الأرباح المتفائلة للغاية.
وكتب كولانوفيتش في مذكرة إلى العملاء يوم الاثنين بعد أن أغلق مؤشر S&P 500 الأسبوع الماضي منخفضًا بأكثر من 5 بالمئة عن أعلى مستوى إغلاق له في 28 مارس، قائلًا: "من المحتمل أن يستمر التصحيح في السوق"، مضيفا: "كان ارتفاع نسبة تركيز الأسهم في قطاعات محددة وميل المستثمرين إلى المبالغة في المراهنة على بعض الأسهم، وهما عادةً مؤشرات على احتمال حدوث انعكاس سلبي في السوق".
ويُعرّف تصحيح السوق عادةً بأنه انخفاض بنسبة 10 بالمئة أو أكثر.
صعدت الأسهم الأميركية الاثنين، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.9 بالمئة، وذلك قبل أسبوع حافل بالإعلانات عن الأرباح. ومن المتوقع صدور نتائج حوالي 180 شركة مدرجة على المؤشر، تمثل أكثر من 40 بالمئة من قيمة السوق الإجمالية.
ومن بين أكبر الأسماء التي ستصدر نتائجها شركات مايكروسوفت، والشركة الأم لشركة غوغل (ألفابت)، ومنصة ميتا، وشركة تسلا. وتأتي هذه الانتعاشة بعد أن أدى أداء هذه المجموعة من الشركات إلى دفع مؤشر ناسداك 100 الذي يركز على قطاع التكنولوجيا إلى أكبر خسارة أسبوعية له في 17 شهرًا وسط مخاوف المستثمرين من استمرار رفع الفيدرالي الأميركي للأسعار لفترة أطول.
ويرى المحلل كولانوفيتش أن أنماط التداول الأخيرة والسرد الحالي للسوق تشبه تلك التي حدثت في الصيف الماضي، عندما أدت مفاجآت التضخم التصاعدية ومراجعة الفيدرالي الأميركي المتشددة إلى انخفاض الأصول التي تنطوي على مخاطر.
ولكن الفرق الآن هو أن توجّه المستثمرين يبدو أكثر ارتفاعًا. ويوصي الخبير الاستراتيجي بالحفاظ على نهج دفاعي، حيث تبدو خلفية الأسهم "إشكالية".
يذكر أن المحفظة الدفاعية هي تلك التي تسعى للحفاظ على رأس المال قدر الإمكان. يتم تحقيق ذلك من خلال تخصيص رأس المال في الغالب للأصول منخفضة المخاطر ومنخفضة العائد مثل السندات والسلع الاستهلاكية وشركات المرافق والأسهم العسكرية. تشتهر سندات الحكومات والشركات الكبرى بأنها أصول خالية من المخاطر.
هذا العام، تصدّر كولانوفيتش وفريقه مجموعة صغيرة من المتشائمين المخالفين للاتجاه السائد في وول ستريت.
ففي حين رفع معظم نظراؤهم توقعاتهم للأسهم الأميركية، ظل فريق جي بي مورغان متحفظًا تجاه الأسهم والأصول عالية المخاطر بشكل عام. كما أن لديهم أدنى هدف لسعر مؤشر S&P 500 بنهاية العام بين جميع بنوك وول ستريت الكبرى. إذ تتنبأ توقعاتهم بأن يصل المؤشر إلى 4200 نقطة فقط بنهاية عام 2024، وهو ما يعني انخفاضًا بنسبة تقارب 16 بالمئة عن مستوى الاثنين.
على مدار العامين الماضيين، لم تتحقق توقعات بنك جي بي مورغان بشأن الأسهم الأمريكية.
ظل كولانوفيتش متفائلاً إلى حد كبير خلال انهيار السوق في عام 2022، ثم اتخذ موقفًا متشائمًا خلال صعود مؤشر S&P 500 بنسبة 24 بالمئة في العام الماضي.
يقول كولانوفيتش: "بدأنا نرى تحولًا في عدة أمور، بما في ذلك: الارتفاع الكبير في مضاعفات الأسهم الذي شهدناه في الأشهر الماضية، ومؤشرات التقلب المنخفضة للغاية حتى وقت قريب، وانحسار فروق العائد منذ عام 2007، والعجز العام للمشاركين في السوق في وقت سابق من هذا العام عن تحديد أي محفزات سلبية محتملة للأسهم."
وفي تصريح منفصل الاثنين، أخبر كولانوفيتش العملاء أنه الوقت مناسب للتفكير في شراء الأسهم اليابانية المرتبطة بالاستهلاك، بناءً على توقعات بأن نمو الأجور الحقيقية سيؤدي إلى زيادة الاستهلاك الشخصي في البلاد ويرفع قيمة أسهم الشركات التي تركز على المستهلك.