وجه المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول نقدا لأوروبا بسبب تخلفها عن الصين والولايات المتحدة بعد ارتكابها خطأين تاريخيين هائلين فيما يتعلق بسياسة الطاقة وهما الاعتماد على الغاز الروسي، والابتعاد عن الطاقة النووية.
وفي حديث مع "فاينانشال تايمز"، قال بيرول إن الصناعة الأوروبية تدفع حاليًا ثمن هذه الأخطاء، وإن أوروبا بحاجة إلى خطة صناعية رئيسية جديدة من أجل التعافي".
يأتي تدخل بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، في الوقت الذي يستعد فيه قادة الاتحاد الأوروبي لمناقشة القدرة التنافسية الاقتصادية للكتلة هذا الأسبوع.
وفقًا لبيرول، يتأخر الاتحاد الأوروبي عن الصين والولايات المتحدة في مجالات مثل تصنيع التقنيات النظيفة بسبب مزيج من اللوائح المعقدة وأسعار الطاقة المرتفعة. حيث تبلغ أسعار الكهرباء في الاتحاد الأوروبي عادةً ضعفين إلى ثلاثة أضعاف أسعارها في الولايات المتحدة.
وقال بيرول: "تشهد الصناعات القائمة، وخاصة الصناعات الثقيلة، والتي تواجه بالفعل، مشكلة كبيرة في التكلفة مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى مثل الصين والولايات المتحدة."
وفي السابق كان الغاز الروسي يشكل أكثر من 40% من إمدادات أوروبا لكنه تراجع إلى 15% في عام 2023، بعدما حقق الاتحاد الأوروبي تحولاً ناجحًا بعيدًا عن الغاز الروسي بعد أزمة أوكرانيا.
لعبت الإمدادات من النرويج والولايات المتحدة الأميركية دورًا رئيسيًا في مساعدة الاتحاد الأوروبي على تجنب انقطاعات الكهرباء، حيث تمثل على التوالي 30 بالمئة و 19 بالمئة من إجمالي الواردات.
ساهم أيضًا النمو السريع للطاقة المتجددة في تعزيز أمن الطاقة بالاتحاد الأوروبي. وتعد مسألة الطاقة النووية أكثر إثارة للجدل داخل الاتحاد الأوروبي.
تدعم دول مثل فرنسا وهنغاريا والجمهورية التشيكية الاعتماد على الطاقة النووية، بينما تعارضها بشدة دول أخرى مثل ألمانيا والنمسا ولوكسمبورغ.
ترى الدول المعارضة أن المشاريع النووية عرضة للتأخير وتجاوز التكاليف، وأن الأموال المخصصة لها يمكن توجيهها بشكل أفضل نحو مصادر الطاقة المتجددة.
يرى أموند فيك، وهو مستشار سابق لوزير الطاقة النرويجي، أن "الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يُعد أكثر صعوبة بدون الاعتماد على الطاقة النووية" وذلك لتوفير قاعدة ثابتة للطاقة لدعم توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية غير المتسقة.
ويؤكد فيك على أن النقاش حول الطاقة النووية مفيد لبعض الدول التي تحتاج بالفعل إلى هذا المصدر، لكنه ينتقد الآراء التي تدعو لاستبعاد الاستثمار في طاقة الرياح لصالح التركيز على بناء محطات نووية جديدة.
في عام 2019، حدد الاتحاد الأوروبي أحد أكثر الأهداف المناخية طموحًا في العالم مع الالتزام بخفض الانبعاثات بنسبة 55 بالمئة مقارنة بمستويات عام 1990 بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.
وتم منذ ذلك الحين اعتماد معظم التشريعات اللازمة لتحويل اقتصاد الاتحاد الأوروبي بما يتماشى مع هذا الهدف، لكن السياسيين يخشون من رد فعل عنيف عندما تؤثر قوانين مثل حظر محركات الاحتراق الداخلي الجديدة أو معايير كفاءة الطاقة الأكثر صرامة على الناخبين قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي المقبلة.