زيادة جديدة أقرتها شركة "إيسترن كومباني" لأسعار السجائر الشعبية في مصر، تلقي بظلالها على توقعات التضخم بالبلاد، وفي ظل مجموعة التطورات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها مصر، لا سيما مع قرار المركزي، الشهر الماضي، بتحرير سعر الصرف.
كشفت الشركة عن لائحة جديدة لأسعار منتجاتها، شملت زيادة في عائلة "كيلوباترا" السيجارة الشعبية في مصر، إضافة إلى أصناف أخرى، على النحو التالي:
- 24.5 جنيها لعلبة السجائر البوكس 10 بزيادة تصل إلى 2.5 جنيه.
- 34.5 جنيها لـ "الكليوباترا" بأنواعها "الكينغ سايز، وسوفت كوين، وبوكس، وسوبر، وبلاك ليبول، وموتسيان سوبر" بزيادة تبلغ نحو 4.5 جنيه للعبوة.
- 55 جنيها لـ "فايسروي" بال مال، و55 جنيها للكيلو المسخن بزيادة تصل إلى 5 جنيهات.
سبب الزيادة
رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات، إبراهيم إمبابي، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن السبب الرئيسي وراء زيادة أسعار السجائر هو ارتفاع سعر الدولار رسميًا في البنوك من حوالي 30.90 جنيه إلى أكثر من 47 جنيهاً حالياً.
وأضاف إمبابي: إن أسعار السجائر في مصر مقسماً طبقًا للقانون إلى 3 شرائح يطبق على كل منها ضريبة مختلفة:
- الشريحة الأولى للسجائر حتى 70 جنيه
- الشريحة الثانية من 34.70 جنيه حتى 50.40 جنيه
- الشريحة الثالثة من 50.40 جنيها فيما أزيد من ذلك.
وذكر إمبابي أن لكل شريحة من هذه الشرائح ضريبة مختلفة عن الأخرى، على النحو التالي:
- الشريحة الأولى عليها نوعان من الضرائب 50 بالمئة من سعر بيع المستهلك وضريبة ثابتة 4.5 جنيه.
- الشريحة الثانية 50 بالمئة من سعر بيع المستهلك وضريبة ثابتة 7 جنيهات.
- الشريحة الثالثة 50 بالمئة من سعر بيع المستهلك وضريبة ثابتة 8 جنيهات.
وذكر رئيس شعبة الدخان أن الزيادة التي تم الكشف عنها أخيراً طبقت على الشريحة الأولى فقط، أما الشريحة الثانية والثالثة فلم تطبق عليه أية زيادة بعد ومعرضة لتطبيق الزيادة عليها في أي وقت، مؤكدًا أن الشريحة الأولى لن يتم تطبيق أي زيادة عليها حتى إبريل 2025 طبقًا للقانون الذي نص على عدم الزيادة إلا سنويًا.
وأكد أنه حال حدوث أي تحريك في سعر الدولار بالبنوك لن يتم التحريك في أسعار السجائر على الأقل خلال هذا العام.
في نوفمبر الماضي، تم إقرار تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة للسجائر الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016.
التعديلات شملت السماح بزيادة أسعار السجائر عبر رفع الحدين الأدنى والأعلى للشريحة حسب سعر العلبة بواقع 12 بالمئة سنويًا لمدة خمس سنوات.
السجائر والضرائب
من جانبه، أوضح مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن الحديث حول أن سعر الدولار وارتفاع التكلفة بالنقد الأجنبي تسببا في زيادة أسعار السجائر "أمر غير منطقي" وذلك لعدة أسباب:
- سعر الدولار عملياً انخفض ولم يرتفع، خصوصًا وأن التعاملات التجارية كانت تُسعر الدولار بناء على سعر السوق الموازية (التي بلغ فيها الدولار عتبة الـ 70 جنيهاً قبل تحرير سعر الصرف)، لكن عقب إبرام صفقة رأس الحكمة وقرارات المركزي الأخيرة لم يعد الدولار مُبرِرًا لرفع أسعار أية سلعة.
- انخفاض سعر الدولار من أكثر من 60 جنيها في السوق الموازية إلى ما فوق الـ 47 جنيها بالبنوك (ومع القضاء على السوق الموازية).
- ارتفاع الاحتياطي النقدي في مصر لأكثر من 40 مليار دولار، وهذا مؤشر على توافر الدولار في مصر.
- التقارير الرسمية أظهرت أن الحكومة أفرجت من مطلع مارس وحتى اليوم عن بضائع تقدر بـ 8 مليار دولار.
وأكد شعيب أن السبب الرئيسي في زيادة أسعار السجائر قرار تعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة للسجائر والذي رفع الشرائح السعرية للسجائر بنسبة 12 بالمئة.
وأضاف : "صناعة السجائر في تعاني من نوع من الممارسة الاحتكارية عبر عدة شركات سواء كانوا مصنعين أو مستوردين يتفقوا جميعًا فيما بينهم على تسعيرة للسجائر ويتحكمون في السوق بأكمله وهذا ما يتطلب شكلاً صارماً من الرقابة من قبل الدولة عليهم"، على حد وصفه.
واقترح شعيب اللجوء إلى تبني نموذج يتضمن تحديد هامش للربح للمصنع بناء على تكلفة المنتج على المُصنع ويتم تدوين السعر على السلعة، بدلًا من آلية التسعيرة الجبرية التي يرفضها قانون الاستثمار.
التضخم في مصر
وشدد شعيب على أن التضخم في مصر في جزء منه غير حقيقي، فهو نابع في الأساس من ممارسات احتكارية في السوق وليس ارتفاعا في الأسعار بسبب التكلفة، خصوصًا وأن الزيادة السعرية في أي منتج تصل إلى المستهلك الحقيقي بنسبة أكبر من التي يتم الإعلان عنها دائمًا وتكون النتيجة النهائية ارتفاعًا في نسب التضخم بشكل لافت ومن ثم ضعف القوة الشرائية للمواطن.
- سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 8 أبريل 2024، معدلاً شهرياً بلغ 1.0 بالمئة في مارس 2024 مقابل معدلاً بلغ 2.7 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 11.4 بالمئة في فبراير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 33.3 بالمئة في مارس 2024 مقابل 35.7 بالمئة في فبراير 2024.
- سجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلاً شهرياً بلغ 1.4 بالمئة في مارس 2024 مقابل معدلاً شهرياً بلغ 2.5 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 13.2 بالمئة في فبراير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 33.7 بالمئة في مارس 2024 مقابل 35.1 بالمئة في فبراير 2024.
وفي سياق متصل، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور علي عبدالرؤوف الإدريسي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن زيادة أسعار السجائر في مصر تعتبر محركاً رئيسياً للأسعار، وأن أكثر نسبة كبيرة من الشعب المصري من المدخنين.
وأضاف الإدريسي: الاقتصاد غير الرسمي وما يشمله من حرفيين وأصحاب مهن مختلفة من أولى الطبقات التي يؤثر عليهم قرار زيادة أسعار السجائر، خصوصًا وأنها سلعة هامة في تعامل هذه الفئات وعلى أساسها يتم تحديد أجورهم في بعض الأحيان، وبما يؤثر على معدلات التضخم، على حد وصفه.
وأرجع الإدريسي سبب الارتفاع من وجهة نظره إلى عدة عوامل، من بينها:
- انخفاض المعروض من التبغ أحد الدعائم الرئيسية بهذه الصناعة، خصوصًا وأنه يتم استيراده من الخارج، في ظل حظر زراعته.
- سعي الشركات لتحقيق فائض أعلى في الأرباح (..).
وشدد الإدريسي على ضرورة وجودة تسعير عادل للسجائر، فإن اعتبرها البعض سلعة ترفيهية فقد تكون في نفس الوقت سلعة ضرورية لقطاع ليس بالقليل من الشعب المصري، ومؤثرة في أسعار سلع وخدمات أخرى.
السجائر والتضخم
وفي سياق مختلف، قال أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بكلية الدراسات القانونية والمعاملات الدولية، جامعة فاروس، الدكتور أحمد العجمي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن السجائر كسلعة تفرض عليها الدولة ضرائب مرتفعة كي يتم توظيف هذا العائد والاستفادة منه في دعم القطاع الصحي في مصر وقطاعات أخرى.
أضاف: "من وجهة نظري أرى أن هذا الارتفاع لن يؤثر على معدل التضخم في مصر لأن التضخم يتم احتسابه بناء على سلة من السلع والخدمات المختلفة".
وتابع: رغم ارتفاع عدد المدخنين في مصر فإن ارتفاع أسعار السجائر لن يصحبه ارتفاع في أسعار باقي السلع المقدمة للمواطن، لأن السجائر سلعة واحدة فقط ضمن قائمة سلع بعضها أهم للمواطن منها، وبالتالي فارتفاعها وحدها لن يؤثر على معدل التضخم، لكن حال ارتفاع أسعار سلع أخرى معها بنفس الأسباب سيختلف الأمر عموماً.