في جميع أنحاء أوروبا، يتم بناء محطات لتوليد الطاقة باستخدام الغاز بقدرات تصل إلى 72 غيغاواط، حيث تدرك دول القارة العجوز أنه لا يمكن تشغيل شبكة وطنية للكهرباء تعمل فقط بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وبطبيعة الحال، فإن التوسع في بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالغاز لن يؤدي إلا لزيادة تكلفة التحول إلى الطاقة المعتمدة على المصادر المتجددة "بلا داع"، بحسب نشطاء من مجموعة Beyond Fossil Fuels.
وبحسب مقال نشرته صحيفة "ذا تيليغراف"، فإن بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي يتعارض مع الإجماع الأوروبي على ضرورة التخلص التدريجي من جميع عمليات توليد الطاقة من الوقود الأحفوري بحلول عام 2035.
ويوضح المقال التضارب الواضح بين الأهداف المعلنة لدى الدول الأوروبية ورغبتها في التخلص من الوقود الأحفوري بمجال توليد الطاقة، وبين ما يتم بناؤه على الأرض من محطات جديدة.
وذكر المقال :"إذا حكمنا على الحكومات الأوروبية من خلال أفعالها وليس أقوالها، فإن الإجماع الواضح هو أننا سنحتاج بشدة إلى طاقة الغاز في المستقبل".
ويوضح المقال بأن مجموعة Beyond Fossil Fuels نفسها تشير إلى أن بريطانيا ليست الدولة الوحيدة التي تقوم ببناء محطات غاز جديدة، بل يجري التخطيط لإنتاج 72 غيغاواط من طاقة الغاز بكافة أنحاء أوروبا.
قد يكون هذا مخالفًا للأهداف التي حددتها الحكومات لإزالة الكربون من قطاعات الطاقة لديها، ولكن عندما تضطر إلى الاختيار بين "الإشارة إلى الفضيلة" وبين إبقاء أضواء المدن مضاءة، فإنها تختار دائمًا الخيار الأخير، بحسب المقال.
ويضيف مقال "ذا تيليغراف": "ينبغي أن يكون واضحاً أنه لا يمكن بناء شبكة وطنية تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدها. تعتبر مصادر الطاقة المتجددة رائعة في يوم مشمس به رياح كثيرة تمكن مصادر الطاقة المتجددة من إنتاج 21 غيغاواط من الطاقة. إلا أن جودة الأمر تصبح أقل في أمسيات الشتاء الهادئة عندما تواجه محطات الطاقة المتجددة صعوبة في توليد 1 غيغاواط".
هذا الأمر يجعل من الأفضل الدمج بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مزيج الطاقة لدى الدول الأوروبية، عن طريق الاعتماد على محطات توليد الطاقة بالغاز، والتي يمكن تشغيلها أو إيقافها في وقت قصير، لتحقيق التوازن في استخدام الطاقة، مع الاعتماد على الطاقة المتجددة، والتي تتغير قدراتها بشكل سريع وغير متوقع.
"ابتعد عن استخدام الغاز وستواجه مشكلة خطيرة"، كما ذكر المقال، والذي يوضح وجود إمكانية لتخزين الطاقة في بطاريات الليثيوم أو خزانات التخزين بتكنولوجيا الضخ، إلا أن التكلفة عندئذ ستكون "عالية جدًا".
ويؤكد المقال أن الجماعات والأطراف التي تضغط بهدف التخلص التام من كافة أنواع الوقود الأحفوري دون النظر إلى الظروف الحالية تقلل من أهمية نفسها في أرض الواقع.
"ربما توافقت الحكومات بهذه المطالب حتى الآن، من خلال تحديد أهداف صِفرية للانبعاثات من قطاع الطاقة. ولكن من الواضح أنه عندما تصطدم الإيديولوجية بالواقع، فإن الحكومات لن تضحي برفاهية مواطنيها".
ويشكل التحرك لبناء محطات غاز جديدة علامة أخرى على تراجع أوروبا عن أهداف "صفر انبعاثات" غير الواقعية.