أعلنت الأمم المتحدة عودة مستوى التنمية لما كان عليه قبل وباء كوفيد، لكنها حذّرت من أن التوقعات القياسية لعام 2023 تخفي فجوة تتسع بين البلدان الغنية والفقيرة في عالم هشّ مثل "بيت من ورق".
وفي عامي 2020 و2021، ولأول مرة منذ إنشائه قبل أكثر من 30 عاما، انخفض مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع والتعليم ومستوى المعيشة، عامين على التوالي، ليعود إلى المستوى المسجل قبل خمس سنوات بسبب تداخل غير مسبوق للأزمات، ومن بينها أزمة كوفيد.
وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن العالم "شهد انتعاشا" منذ ذلك الحين.
وتتوقع تقديرات عام 2023 تسجيل رقم قياسي تاريخي للمؤشر على المستوى العالمي، مع عودة كافة مكوناته "فوق مستويات ما قبل 2019"، وإن كان كوفيد وتأثيرات الحرب في أوكرانيا قد تسببا في إبطاء المسار المأمول في السابق.
ولكن هذه الأخبار التي تبدو طيبة، تخفي انقساما غير متوقع بين البلدان الغنية والفقيرة.
وقال المسؤول عن التقرير، بيدرو كونسيساو: "في المرة الأولى التي رأيت فيها النتائج، طلبت من الفريق التحقق من البيانات".
وشدد: "نرى أن الشرائح الأكثر فقرا وضعفا في مجتمعنا قد أُهملت"، في حين ترمي أهداف الأمم المتحدة الإنمائية لعام 2030 إلى ضمان عدم تخلف أحد عن الركب، بدءا "بأولئك الذين هم أكثر تخلفا عن الركب"، بحسب تعبيره.
وأضاف أن هذه النتيجة "مقلقة للغاية بعد 20 عاما تقاربت خلالها البلدان من حيث الدخل ومتوسط العمر المتوقع والتعليم"، وفق شتاينر.
ولا تزال سويسرا والنرويج وآيسلندا على رأس قائمة مؤشر التنمية.
كما تتوقع عودة بقية دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في عام 2023 إلى مستوى التنمية الذي حققته في عام 2019.
وفي المقابل، تتذيل المؤشر الصومال وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، كما لم يتعاف أكثر من نصف البلدان الأقل نموا من آثار جائحة كوفيد، ومعظمها في القارة الإفريقية.
وبحسب التقرير، هناك أيضا مجموعة من الدول مثل السودان وأفغانستان وبورما شهدت "مزيجا من الوباء والأزمات المالية والنزاعات، وأحيانا الحروب الأهلية، قد وقعت في فخ وضع لا يكون فيه التعافي مدرجا على جدول الأعمال"، وفق شتاينر الذي يرفض "السردية المعتادة القائلة بأن العالم يتعافى".
ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خسرت أفغانستان مثلا عشر سنوات من حيث التنمية البشرية، ووصل المؤشر في أوكرانيا إلى أدنى مستوياته منذ عام 2004.
وتهدد هذه الفجوة الآخذة في الاتساع العالم الأشد انقساما من الناحية الجيوسياسية من أي وقت مضى.
وقال شتاينر: "إننا نعيش في عالم أغنى من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، على الأقل من الناحية المالية ولكن هناك المزيد من الناس الذين يعانون من الجوع، وأكثر فقرا مما كانوا عليه قبل عشر سنوات. بالإضافة إلى الحروب المتزايدة في جميع أنحاء العالم، مع عشرات ملايين اللاجئين".
وأضاف: "إنه عالم أكثر خطورة، وهو ينقلب على نفسه".
ويتناول التقرير المعنون "الخروج من المأزق: إعادة تصور التعاون في عالم يشوبه الاستقطاب"، أوجه القصور في التعاون الدولي ويسلط الضوء على "مفارقة في النظام الديموقراطي".
ويوضح مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "إننا ننفق مبالغ مفرطة في ميزانيات الدفاع" من دون تمويل مكافحة "عوامل الخطر الرئيسية في القرن الحادي والعشرين: عدم المساواة، وتغير المناخ، والجرائم الإلكترونية، والوباء المقبل".