ماذا سيحدث، إذا اختفى النفط غداً؟ سؤال طرحه الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، هيثم الغيص، في مقالة تناقش تبعات اختفاء النفط، وما إذا كان سيتغير عالمنا كما نعرفه الآن.
قال الغيص، إنه إذا اختفى النفط من العالم غدا، فستتوقف كافة وسائل النقل والشحن والمواصلات، إذ لن يكون هناك وقود طائرات أو بنزين أو ديزل، وسوف تتوقف محركات السيارات ذات الاحتراق الداخلي، والحافلات والشاحنات.
وأضاف في مقالة نشرها موقع "أوبك"، الاثنين: "سيتم إيقاف الطائرات التي تعمل بالوقود. سوف تتوقف السكك الحديدية للشحن والركاب التي تعمل بالديزل. لن يتمكن الناس من الذهاب إلى العمل؛ ولن يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة. سوف تتعرض صناعة الشحن، التي تنقل البضائع والركاب للدمار".
الآثار لن تتوقف عند تعطل حركة المواصلات وحسب، وفق مقال الغيص، قائلا إنه لن يكون هناك فائدة من الاتصال بخدمات الطوارئ عند وقوع المشكلات الخطيرة.
"غالبية سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء وسيارات الشرطة ومروحيات الإنقاذ ومركبات الطوارئ الأخرى لن تتحرك. كما ستختفي معظم الهواتف وأجهزة الكمبيوتر لأن مكوناتها البلاستيكية مشتقة من النفط، لذلك سيكون من الصعب العثور على طريقة للتواصل مع خدمات الطوارئ على أي حال"، وفق أمين عام أوبك.
وأوضح الغيص أن العمل بقطاع البناء والإنشاءات سيتوقف، حيث ستتعطل المركبات التي تعمل بالديزل، وستتوقف الحفارات والجرافات والشاحنات القلابة والرافعات وخلاطات الإسمنت وغيرها من المعدات، مضيفا: "ولن يتمكن أحد من بناء منازل أو مبان جديدة أو إجراء أعمال صيانة حيوية لها".
"إذا اختفى النفط غداً، فسوف تختفي معه المنتجات النفطية. وهذا من شأنه أن يؤثر على إنتاج السيارات الكهربائية. وبصرف النظر عن تعطيل سلاسل التوريد، فإن هيكل بطاريات الليثيوم سوف يتأثر"، بحسب الغيص.
ووضح في المقال أن بطارية الليثيوم تتكون من أربعة أجزاء: الأنود والكاثود والكهارل والفاصل. الفواصل عبارة عن أغشية دقيقة مسامية، مصنوعة عادةً من منتجات البولي إيثيلين أو البولي بروبيلين القائمة على البترول.
"سيتوقف وجود المطاط الصناعي المشتق من النفط والمستخدم في إطارات السيارات والدراجات" بحسب قوله.
الآثار ستصل أيضا إلى قطاع إنتاج الغذاء، فالعديد من المركبات الضرورية في الزراعة الحديثة مثل الجرارات، وآلات جز العشب، والحصادات، والرشاشات، والبذارات ستتوقف عن العمل. ويقول الغيص: "لن تتوفر عبوات المواد الغذائية اللازمة للتخزين والحفظ. ويستخدم فحم الكوك البترولي، وهو منتج ثانوي في تكرير النفط، كمادة وسيطة في تصنيع الأسمدة الاصطناعية، والتي تعتبر مهمة في زيادة إنتاجية المحاصيل. ومن المرجح أن يترتب على ذلك نقص الغذاء".
ويوضح أمين عام أوبك أنه إذا اختفى النفط غداً، فسيكون الأمر كارثياً على الخدمات الصحية في كل مكان، وسيفتقر الموظفون إلى القدرة على الحركة، وستتقطع السبل بالإمدادات الأساسية. "وبعيدًا عن وسائل النقل، يعد البترول مادة خام أساسية للأدوية والبلاستيك والإمدادات الطبية".
القفازات المطاطية، والأنابيب الطبية، والمحاقن الطبية، والمواد اللاصقة، وبعض الضمادات، والمطهرات، ومعقمات الأيدي، ومواد التنظيف، والأطراف الصناعية، وصمامات القلب الاصطناعية، وأقنعة الإنعاش، والسماعات الطبية، وماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي، وأقلام الأنسولين، وأكياس الحقن، وتغليف الأدوية، وأقنعة الوجه، و معدات الحماية الشخصية مشتقة إلى حد كبير من المواد البترولية، بحسب الغيص.
وأضاف أنه عادةً ما تحتوي المعدات المستخدمة في الأبحاث الطبية مثل المجاهر وأنابيب الاختبار والنظارات الواقية على مكونات مشتقة من البترول، فضلا عن بعض الأدوية الأساسية بالمستشفيات والهيئات الطبية.
ويوضح الغيص في مقاله أنه إذا اختفى النفط، فسوف تتأثر صناعة الطاقة المتجددة، إذ ستختفي الألياف الزجاجية والبلاستيك اللازم لبناء معظم توربينات الرياح.
كما سيختفي الإيثيلين المستخدم في إنتاج الألواح الشمسية، وستصبح معظم مركبات التعدين، مثل الشاحنات الكبيرة وأجهزة الحفر الدوارة وأجهزة حفر الصخور اللازمة لاستخراج المعادن المهمة التي يعتمد عليها إنتاج محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومزارع الرياح والمركبات الكهربائية، متوقفة.
الأمر يتداخل في كل شيء تقريبا، كما يرى الغيص، والذي أكد أن بعض المواد المستخدمة في بناء وعزل المنازل تعتمد على مشتقات النفط، فضلا عن زيت التدفئة، والأرضيات والأثاث المنزلي والسجاد والستائر ومعدلات الطهي.
بالإضافة إلى مواد التنظيف وغيرها من المواد اللازمة للاستخدام الشخصي كالصابون وغيرها، جميعها تحتوي على مواد يدخل النفط في صناعتها.
كما ستختفي الطرق التي يستخدم الأسفلت في تمهيدها، وممرات المشاة.
"إذا اختفى النفط غداً، فسوف نفقد ملايين الوظائف. سوف تُستنزف عائدات الضرائب. سوف يتقلص الإنتاج الصناعي. وسوف يسير النمو الاقتصادي في الاتجاه المعاكس"، بحسب الغيص، والذي أكد أن القائمة تمتد للكثير من القطاعات الأخرى التي ستتأثر إذا اختفى النفط من العالم.
ويضيف الغيص: "ولكن على الرغم من هذه الحقائق، هناك دعوات تقول أوقفوا النفط فحسب، أو اتركوا النفط في الأرض، أو لا تستثمروا في مشاريع النفط والغاز الجديدة".
"بطبيعة الحال، يرغب الجميع في رؤية انخفاض في انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي. وتعتقد أوبك أن الحلول التكنولوجية وتحسينات الكفاءة يمكن أن تلعب دورا حيويا. صناعة النفط نشطة بالفعل في هذا الصدد"، كما أكد الغيص.
وقال: "علينا أن نكون حذرين من تعريض الحاضر للخطر، باسم إنقاذ المستقبل. ومن المهم أن نفهم جميعًا الفوائد الهائلة التي يستمر النفط والمنتجات النفطية المشتقة منه في تقديمها للشعوب والدول في جميع أنحاء العالم".