ينتظر قطاع السياحة في مصر أن يجني في المرحلة المقبلة ثمار قرارات الدولة الأخيرة بما في ذلك قرار تحرير سعر الصرف، تزامنا مع تبني القاهرة لخطة طموحة لتعظيم إيرادات القطاع السياحي، بتحقيق 30 مليار دولار سنوياً بدءا من العام 2028.
وتعتبر السياحة أحد المصادر الأساسية للعملة الصعبة في مصر، وخلال العام المالي الماضي "2022 – 2023" قفزت إيرادات مصر من السياحة إلى 13.6 مليار دولار بزيادة 26.8 بالمئة، حيث تشهد البلاد ازدهارا في القطاع المُدر للعملة الصعبة، مع تعافي القطاع من تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
وعلى ما يبدو أن العام الجاري 2024 سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة بالنسبة للاقتصاد المصري، وبما ينعكس على القطاعات كافة، ومن بينها قطاع السياحة، لا سيما بعد صفقة رأس الحكمة، وبما توفره من سيولة دولارية في البلاد، صار بحوزة السلطات المصرية الآن 10 مليارات منها، وهو المشروع الذي من المرجح أن يضخ استثمارات بقيمة 150 مليار دولار.
كما ساعد الدولة على اتخاذ قرار تحرير سعر صرف العملة، وضرب السوق الموازية للعملات الأجنبية.
زيادة استثمارات
نقيب السياحيين المصريين باسم حلقة، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
- السياحة القادمة من الخارج تعتبر عنصراً هاماً من عناصر الدخل القومي في مصر.. والقطاع السياحي المصري حالياً يشهد في حالة من الاستقرار.
- تحرير سعر الصرف في مصر قد يشجع على زيادة الاستثمارات في قطاع السياحة باعتباره أحد القطاعات الجالبة للنقد الأجنبي، كما أنه ستنتج عنه أيضاً زيادة معدلات السائحين في مصر.
ويشير إلى أن مصر حققت معدلا سياحيا في العام الماضي بلغ أكثر من 14 مليون سائح، وهو رقم وصفه بـ "المقبول" ويصنف على أنه من المعدلات المرتفعة، متوقعاً ارتفاع المعدل بشكل عن المسجل مع استقرار المنطقة في الفترة المقبلة.
وبحسب بيان سابق صادر عن مجلس الوزراء المصري:
- استقبلت مصر حوالي 14.9 مليون سائح خلال العام الماضي، بزيادة سنوية أكثر من 27 بالمئة، مسجلة أعلى مستوى في تاريخ السياحة المصرية، وذلك على الرغم من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
- على الرغم من التحديات المختلفة، إلا أن عام 2023 شهد تحقيق أرقام قياسية بالنسبة لحجم السياحة الوافدة إلى مصر، حيث سجل عدد السائحين خلال العام 14.906 مليون سائح.
- الربع الأخير من العام الماضي "شهد إقبالا كبيرا في حركة السياحة"، حيث سجل 3.6 مليون سائح وافد إلى مصر، وهو يعد ثاني أعلى معدل فصلي في تاريخ مصر، وذلك بزيادة 8 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
ويواصل حلقة حديثه قائلاً: "نقابة السياحيين تركز على التسويق بشكل عام لمصر، بجانب دورها في حفظ حقوق العاملين في القطاع"، مشيراً إلى أن النقابة عقدت خلال الفترة الماضية لقاءات مع مسؤولين في دول ليتوانيا وإستونيا وفنلندا لجلب أكبر عدد من السائحين إلى مصر، كاشفًا أن الوجهة المقبلة له ستكون دولة المكسيك.
ميزة إضافية
ويضيف عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة التابعة للاتحاد المصري للغرف السياحية، باسل السيسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- تحرير سعر الصرف خطوة مهمة، خصوصاً وأن السوق الموازية كان لها أثر سلبي على الاقتصاد المصري بشكل كلي في الفترة الماضية.
- معظم الخدمات المقدمة في القطاع السياحي تُقوم بالجنيه المصري، وبالتالي فالخدمات السياحية في مصر تعتبر أقل في التكلفة من غيرها وهو ما يعتبر نقطة جذب مميزة لمصر.
- مصر تستهدف بشكل دائم جلب جنسيات جديدة إلى زيارتها، وهو ما يعتبر إضافة حقيقية للقطاع السياحي في مصر وبالتالي فخفض كلفة الخدمة سيحقق هذا الهدف أيضاً.
وخفض التكلفة من خلال السيطرة على السوق الموازية والتي كانت أسعار الدولار فيها قد بلغت مستوى قياسياً عند 70 جنيهاً للدولار الواحد، قبل اتخاذ القرارات الأخيرة التي ساوت تقريباً بين السعرين الرسمي وفي السوق الموازي، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على أسعار السلع والخدمات في الفترة المقبلة، حال توفير الدولار بشكل مناسب.
ويسلط باسل السيسي الضوء على ضرورة الاهتمام بتسويق مصر كوجهة سياحية للدول الإفريقية وبعض بلدان شرق آسيا وهما يمثلان نسبة كبيرة من عدد السياح حول العالم، مؤكداً أن هذه الخطوة من شأنها المساهمة بشكل كبير في تحقيق مستهدف مصر الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول 2030.
وخلال العام المالي الماضي (2022-2023) قفزت إيرادات مصر من السياحة إلى 13.6 مليار دولاربزيادة 26.8 بالمئة، حيث تشهد البلاد ازدهارا في القطاع المدر للعملة الصعبة، مع تعافي قطاع السياحة من تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
ويسهم قطاع السياحة في مصر بما يصل إلى 15 بالمئة من الناتج الاقتصادي، ويعد بذلك من بين أبرز مصادر النقد الأجنبي إلى جانب إيرادات قناة السويس وعائدات الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج.
توقعات إيجابية
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى ارتفاع تدريجي محتمل لإيرادات مصر السياحية خلال الخمس سنوات المقبلة، وصولاً إلى 28.8 مليار دولار بحلول العام المالي 2027-2028، لتقفز بذلك بنحو 155 بالمئة مقارنة مع الإيرادات المتوقعة خلال العام المالي الجاري
وفي سياق متصل، يؤكد الخبير في القطاع السياحي محمد كارم في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الحكومة اتخذت خطوات لدعم القطاع السياحي كان على رأسها مبادرة الـ "50 مليار جنيه" الموجهة إلى القطاع لتحقيق مستهدف الوصول إلى 500 ألف غرفة فندقية خلال السنوات المقبلة.
ويشير كارم إلى أن مصر بدأت أخيراً تضم في أجندتها السياحية بعض الأماكن التي لم تكن مدرجة على خريطتها من قبل كالعلمين الجديدة، وأيضاً مدينة مرسى علم كأحد مدن السياحة العلاجية والاستشفائية، وهذا ما سيصنع أنماط سياحية جديدة على السوق المصرية.
ويؤكد كارم أن خطوة تحرير سعر الصرف الأخيرة ستكون هي الأخرى لها مردود إيجابي يتضمن المساهمة في زيادة إنفاق السائح، وخفض كلفة الرحلة للسائح وزيادة عدد الليالي السياحية في الفنادق، وغير ذلك.
ويبين كارم أن مصر في الفترة الماضية كانت تعتمد على أسواق معينة كالروسية والأوكرانية والبولندية والسوق الأوروبية بشكل عام، لكنها حاليًا قادرة على استهدف أسواق جديدة كأميركا اللاتينية والهند، وكل ما سبق عوامل تسهم في تحسين مكانة القطاع السياحي المصري.