حذر أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الشحن من أن خطوط شحن الحاويات تواجه صعوبات في التكيف مع ازدحام الموانئ ونقص السفن مع استمرار أزمة البحر الأحمر للشهر الثالث.
ونقل تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، عن الرئيس التنفيذي لشركة أوشن نتورك إكسبرس اليابانية، جيريمي نيكسون، قوله إن عديداً من خطوط الشحن تواجه مشاكل في الجدولة، وإن هذه المشكلة ظهرت منذ أن دفعت الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن في ديسمبر، معظم الشركات إلى التوقف عن استخدام الطريق الطبيعي من آسيا إلى أوروبا عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
وأكد نيكسون أن:
- هذا يعني وصول السفن بشكل متكرر إلى الموانئ، كان في الأيام التي لم يكن له جدول زمني محدد.
- "الجميع يكافح من أجل ضمان وصول السفن في الجدول الزمني المحدد، وبالتالي نواجه اضطرابات بشأن الرسو في عدد من الموانئ".
- عمليات التحويل إلى طريق رأس الرجاء الصالح تحتاج ما بين 10 أيام إلى أسبوعين لكل رحلة بين آسيا وشمال أوروبا، وهذا الأمر عقد إلى حد كبير مهمة خدمة بعض أجزاء العالم، بسبب التأخر الطبيعي للحاويات.
- كان هناك أيضًا ضغط إضافي على الموانئ "المحورية" الحاسمة.
وتابع: "ما نراه هو زيادة الأحجام في الموانئ المحورية في آسيا والموانئ المحورية في البحر الأبيض المتوسط"، مشيرا إلى سنغافورة ودبي والموانئ المحيطة بمضيق جبل طارق باعتبارها شهدت زيادات حادة بشكل خاص.
ومع ذلك، قلل من أهمية التلميحات بأن الصناعة تعاني من مشكلة الطاقة الفائضة، مضيفًا أن خطه، الذي يشغل سادس أكبر أسطول من سفن الحاويات في العالم، لديه عدد قليل جدًا من السفن للحفاظ على خدماته الأسبوعية العادية.
ويشار إلى أن أسهم شركة "ميرسك" الدنماركية، المشغلة لثاني أكبر أسطول للسفن الحاويات في العالم بشكل حاد هذا الشهر، بعد أن حذر رئيسها التنفيذي من أن الطاقة الفائضة في الصناعة من شأنها أن تضع أرباح الشركة "تحت الضغط"، ومن المتوقع أن تنمو سعة الأسطول العالمي بنحو 8 بالمئة في عام 2024، وهو أسرع من نمو الطلب المتوقع البالغ نحو 3 بالمئة، في الوقت الذي تعمل فيه السلعة الزائدة على خفض الأسعار التي يمكن أن تفرضها الخطوط على العملاء.
وصور نيكسون هذه القضية على أنها انعكاس قصير المدى للاستثمارات في السفن التي يمكن أن تعمل بوقود أنظف، قبل قواعد الانبعاثات الجديدة المتوقعة اعتبارا من عام 2027.
واستطرد: "أنا لا أؤيد الرأي القائل بوجود فائض كبير في العرض بصناعة شحن الحاويات".
استهداف التجارة الدولية
من لندن، أشار خبير اقتصاديات النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، إلى مخاطر استهداف التجارة الدولية المنقولة بحراً عبر البحر الأحمر وقناة السويس، التي أدت إلى هبوط حركة النقل البحري بنسبة تصل إلى 60بالمئة بسبب الهروب إلى الطريق الأطول حول إفريقيا، وهو بدوره يتسبب في استغراق نحو 10 إلى 14 يوماً زائدا للرحلة.
وتابع: من المهم القول إن 30 بالمئة من التجارة العالمية تتألف من بضائع وسلع مصنعة للمستهلك وتمر عبر قناة السويس، أما السلع الثمينة يمكنها ذلك من خلال الشحن الجوي.
وفي حديثه لموقع" اقتصاد سكاي نيوز عربية" لخص خبير اقتصاديات الطاقة الأزمة التي تمر بها سفن الحاويات بسبب أزمة البحر الأحمر في بعض النقاط:
- ارتفاع تكاليف الشحن والوقود وأجور العاملين.. تشير إحصاءات إلى أن 90 بالمئة من سفن الحاويات غيرت المسار من البحر الأحمر إلى المسار حول إفريقيا.
- أسعار الحاويات من موانئ الصين مثل "شنغهاي" إلى أوروبا ارتفعت من 1170 دولارا في أكتوبر 2023 إلى 4500 دولار يناير 2024.
- تتلخص المشكلة الرئيسية أنه لا يوجد فائض من الحاويات ولا توجد قدرة شحن بحري أو سفن تستطيع أن تحمل 5000 حاوية متوفرة بأسعار مقبولة للشاحن، أو متوفرة للاستئجار.. كل ما سبق أدى إلى تقلص كبير في عدد الحاويات المتوفرة على مستوى عالمي، أي قدرة الشحن البحري للحاويات تقلصت بمعدل يتراوح بين 20 و25 بالمئة.
- ارتفاع تكلفة النقل الآن 250 بالمئة من مستويات ما قبل أكتوبر 2023.
- ازدحام السفن بالموانئ والتأخر في الوصول، وهو بدوره تسبب في خلق حالة عدم اليقين وخلل بين احتياجات السوق وبين وصول البضائع متأخرة.
- الاضطراب أيضاً تسببت في إلغاء طلبات شراء، وبالتالي خسائر فادحة للمتاجر والشركات التي تبيع لزبائن في الخارج وتشحن البضائع بحراً.
- البضائع الموسمية تصل متأخرة وتفقد قيمتها، ما يعني خسائر للتاجر وخيبة أمل للمستهلك، مع اضطراب الشحن، وعدم التوازن بين العرض والطلب.
- تقلص الأرباح.
- سيواجه العالم أزمات لوجستية حتى الصيف المقبل، حتى وإن توقفت تدخلات الحوثيين غداً.
هجمات الحوثيين
من جانبه، فإن خبير العلاقات الدولية، أيمن سمير، قال إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب أثرت بشكل كبير على عناصر العملية الملاحية، من خلال التأثير على شركات الملاحة، والمستوردين والمصدرين، وشركات النقل ذاتها.
وتابع في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "فيما يتعلق بالشركات المستوردة، والشركات المصنعة في أوروبا، فإنها تتأثر تأثرا كبيرا نتيجة لطول زمن الرحة بنحو 12 يوما عندما تمر بطريق رأس الرجاء الصالح، وهذا التأخير أدى لتوقف الإنتاج في بعض الشركات الأوروبية مثل شركة تسلا"، منوها إلى أن التأثير الذي تواجهه شركات النقل يقلل عدد الرحلات، مع زيادة التكلفة سواء تكلفة الوقود أو دفع أموال للعمالة بمختلف درجاتها، أو دفع تأمين نتيجة لوجودهم في بيئة العمل لفترة أطول.
واستطرد: بسبب وجود مخاطر سواء بهجمات الحوثيين على البحر الأحمر أو نتيجة لطريق أطول يؤدي الأمر لارتفاع ثمن التأمين على السفن والبضائع والحاويات، ما يؤدي لزيادة القيمة الاستثمارية للمنتجات.. كما أن عمليات البحر الأحمر أثرت على الشركات المستوردة ما تسبب في تأخير وصول عناصر الإنتاج، وتراجع المنتج النهائي.
واختتم سمير تصريحاته بالإشارة إلى أن عمليات الحوثيين في البحر الأحمر أثرت على السفن والحاويات، فالطريق الأطول لا توجد به موانئ جاهزة بشكل كاف تستطيع أن تتحمل العدد الأكبر من الازدحام الناتج عن تعطل طريق قناة السويس والبحر الأحمر، وبالتالي هذه الموانئ الجديدة لا تتحمل عدد السفن ولا حجمها، سواء فيما يتعلق بعملية التموين والمؤن والصيانة إذا حدث طارئ لأي سفينة، وجميعها أمور تعقد العملية الملاحية وتضيف أعباءً جديدة عليها.
اضطرابات حركة الملاحة
الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب، أكد لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن:
- تهديد الملاحة في البحر الأحمر تسبب في حدوث مشكلات في حركة النقل البحري القادمة من جنوب شرق آسيا والمتجهة للبحر المتوسط.
- المشكلة تكمن في البحث عن طريق بديل لقناة السويس، ما يزيد المدة بنحو 10 : 12 يوما، ويرفع التكاليف بنسبة تتراوح ما بين 15 : 30 بالمئة.
- ارتفاع التكاليف يتسبب في ارتفاع الأسعار، وفي النهاية يؤدي لزيادة التضخم من ناحية، وتخفيض الاستهلاك من ناحية أخرى، ويزيد بدوره من خسائر أساطيل نقل البضائع "التجارية"، وأساطيل نقل النفط والمواد والسلع.