قفز مؤشر ستاندرد اند بورز 500 فوق مستوى 5000 نقطة لليوم الثاني، الجمعة، وتداول مؤشر ناسداك لفترة وجيزة فوق 16000 نقطة، بدعم من أسهم الشركات الكبرى وشركات الرقائق الإلكترونية ومنها إنفيديا، وذلك في ظل رهان المستثمرين على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطلعهم إلى بيانات أرباح قوية.
وارتفعت أسهم إنفيديا بنسبة 3.6 بالمئة، لتسجل مستوى قياسيا، بعد تقرير لرويترز ذكر أن الشركة تبني وحدة أعمال جديدة تركز على تصميم شرائح مخصصة لشركات الحوسبة السحابية وغيرها، بما في ذلك معالجات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
جاء ذلك بعد أن ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الخميس، أن الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، يجري محادثات مع مستثمرين بما في ذلك الإمارات لجمع تمويل لمبادرة تكنولوجية تهدف لعدة أمور من بينها تعزيز الطاقة العالمية لبناء الرقائق وتوسيع القدرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي. ونقل التقرير عن مصادر أن المشروع قد يتطلب جمع ما يتراوح بين خمسة إلى سبعة تريليون دولار.
وإلى جانب الأداء المتفوق لمؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات، الذي أغلق مرتفعا 1.99 بالمئة، ساهمت شركات التكنولوجيا ذات الثقل في السوق، بما في ذلك مايكروسوفت، وأمازون وألفابت (مالكة غوغل)، في تعزيز مكاسب المؤشر.
ومع ظهور نتائج حوالي ثلثي الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، تظهر بيانات LSEG الآن توقعات وول ستريت لنمو أرباح الربع الرابع بنسبة 9 بالمئة مقابل توقعات نمو بنسبة 4.7 بالمئة في الأول من يناير، وتجاوزت 81 بالمئة من الشركات توقعات الأسواق في نتائج أعمالها.
وساعدت الأرباح الإيجابية للشركات وتعزيز التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي مؤشر S&P 500 على تحقيق 10 مستويات تاريخية، حتى الآن هذا العام.
وقال تيم غريسكي، كبير استراتيجيي المحافظ لدى إينغلس آند سنايدر في نيويورك: "كانت الأرباح قوية حتى الآن، ومتجاوزة التوقعات".
إغلاق الأسواق
ارتفع المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 27.98 نقطة، أو ما يعادل 0.56 بالمئة، ليغلق عند 5026.29 نقطة، للمرة الأولى على الإطلاق.
كما صعد المؤشر ناسداك المجمع 196.95 نقطة، أو 1.25 بالمئة، إلى 15987.69 نقطة.
في حين تراجع المؤشر داو جونز الصناعي 59.19نقطة، أو 0.16 بالمئة، إلى 38666.29 نقطة.
الرهان على خفض الفائدة
وقال مازن سلهب، كبير استراتيجي الأسواق في "BDSwiss MENA"، في تصريحات لسكاي نيوز عربية، إنه "من الواضح أن الأسواق لا تهتم للكثير من الأساسيات الاقتصادية بل تراهن وتشتري المستقبل بأن تخفيض الفائدة سيجلب مكاسب أكثر للأصول عالية المخاطر ومنها طبعاً الأسهم".
وأضاف: "هذا ماحدث سابقاً وسيحدث لاحقاً ومن غير المتوقع أن يتغير سلوك المتداولين عموماً على الرغم من أن مكاسب ناسداك القوية التي بلغت 7 بالمئة في 2024 حصلت بسب عدد قليل من الأسهم لايتجاوز أصابع اليد الواحدة وهذا حسب اعتقادنا لايبرر التقييمات التي ارتفعت في أميركا أعلى من مثيلاتها في الصين وبريطانيا وحتى اليابان".
وقال سلهب إنه يعتقد أن "هذا السلوك لن يتغير إلا إذا بدأ الاقتصاد الأميركي يعطي إشارات حقيقية عن ركود، ولكن ليس ركوداً فنياً (ربعين سنويين متتاليين) بل ركود حقيقي مع ارتفاع في معدلات البطالة".
وأضاف أن "الحقيقة المهمة الأخرى هي أن مكاسب الأسهم الأميركية قادتها سبع شركات وغالباً مع مستثمرين ومتداولين أفراد وهذا بحد ذاته يعطي مستوى عالي للمخاطر وقد لا يضمن استمرارية الزخم في المدى المتوسط و البعيد".
أداء مذهل
على مدى الأسبوع، سجلت المؤشرات الثلاثة مكسبها الأسبوعي الخامس على التوالي، إذ أضاف ستاندرد آند بورز 1.4 بالمئة، وارتفع ناسداك 2.3 بالمئة وداو جونز 0.04 بالمئة.
يشهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقدماً مذهلاً يتجاوز كل المقاييس، حيث حقق مكاسب في 14 أسبوعًا من أصل الأسابيع الـ 15 الماضية، وهذه أطول سلسلة مكاسب له منذ عام 1972.
تُظهر البيانات حتى الآن نتائج مُلفتة ومثيرة للإعجاب، حيث شهد 71 بالمئة من الجلسات الـ 28 التي عُقدت هذا العام إغلاق المؤشر عند مستوى أعلى من منتصف نطاقه اليومي. وهذا الرقم يتفوق على أي قراءة سنوية كاملة خلال الأربعين عامًا الماضية.
وفي الوقت نفسه، تزحف المخاوف الائتمانية مرة أخرى حيث ألقى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول "الماء البارد" على الآمال في أن يخفض صناع السياسة أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر مارس.
وقال باول إن مجلس الاحتياطي قد "يتحلى بالحذر" في قراره بشأن موعد خفض أسعار الفائدة في ظل وجود اقتصاد قوي يمنح المسؤولين في البنك المركزي وقتا للتأكد من أن التضخم سيستمر في التباطؤ.
وكان المستثمرون يراهنون على إجراء 6 تخفيضات لمعدلات الفائدة اعتبارًا من مارس. لكن الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة قد تراجعت على خلفية تقرير الوظائف الأميركية القوي لشهر يناير، والذي فاق توقعات السوق بكثير، مما يؤيد تصريحات جيروم باول رئيس المجلس في ختام اجتماع السياسة النقدية الأسبوع الماضي بأن خفض أسعار الفائدة في مارس مستبعد.
حقائق وأرقام
- كان مؤشر S&P 500 قد تجاوز مستوى 5000 نقطة للمرة الأولى قبل يومين خلال جلسة الخميس لفترة وجيزة إلا أنه أغلق دونها.
- استغرق المؤشر ما يقرب من 41 عاما ليصل إلى أول معلم رئيسي له وهو 1000 نقطة والذي وصل إليه في 2 فبراير 1998 كما وصل إلى معلمه الرئيسي السابق البالغ 4000 نقطة في الأول من أبريل 2021 بعد أن خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا وضخت الحكومة أموال التحفيز في الاقتصاد وأدى لقاح (كوفيد-19) إلى تعزيز التفاؤل بالنمو الاقتصادي بعد الجائحة.
- في 19 يناير الماضي سجل المؤشر رقما قياسيا جديدا للمرة الأولى منذ عامين حيث أغلق عند أعلى مستوى سابق له عند 4796 نقطة والذي وصل إليه في 3 يناير 2022 متجاوزا ذلك المستوى واستمر في تسجيل ستة مستويات قياسية جديدة في يناير وحده.
- ارتفع المؤشر بحوالي 500 نقطة ما يعادل نحو 5.4 بالمئة حتى الآن هذا العام بعد أن قفز المؤشر بنسبة 24 بالمئة في عام 2023 مع ارتفاع الأسهم بقوة في نهاية العام مع تزايد التفاؤل بأن الفيدرالي يمكن أن ينجح في تحقيق هبوط سلس دون التسبب في تباطؤ اقتصادي.
يذكر أن المؤشر تم إنشاءه عام 1957 ووصل إلى أعلى مستوى عند 1965 نقطة في 9 أكتوبر 2007 والذي يعتبر اليوم الأخير لانتعاش الأسواق العالمية حيث تبعه انهيارات أسواق وبورصات العالم ووصل المؤشر إلى دون 800 نقطة في نوفمبر 2008 بعد انهيار الأسواق العالمية.