أربعة أشهر مرت على بدء الحرب في غزة، وهي الحرب التي كانت -ولا تزال- فاتورتها الاقتصادية باهظة على نحو واسع، وقد ألحقت دماراً شبه كاملاً بالقطاع، الذي يرزح تحت وطأة معاناة لا تنتهي.

خلفت الحرب تأثيرات اقتصادية واسعة على الاقتصادي الفلسطيني، أفقدته مقوماته الرئيسية وضربت عماده، لا سيما فيما يتعلق بالبنية الأساسية.

أخبار ذات صلة

ما حدود تأثير حرب غزة على اقتصادات المنطقة والعالم؟
مبيعات ماكدونالدز دون التوقعات بسبب الصراع في الشرق الأوسط

وبحسب تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد":

  • الأمر سيستغرق سبعة عقود حتى يعود قطاع غزة إلى مستوى إجمالي الناتج المحلي الذي سجله في العام 2022، حتى إذا بدأت عملية إعادة الإعمار على الفور وعادت غزة إلى متوسط معدل النمو الذي شهدته في السنوات الـ 15 الماضية وهو 0.4 بالمئة.
  • مستوى الدمار الناجم عن آخر عملية عسكرية إسرائيلية جعل قطاع غزة غير صالح للعيش.
  • 50 بالمئة من المباني في غزة متضررة أو مدمّرة.. وكلما طال أمد هذه العمليات (العسكرية) في غزة كلما كان تأثيرها أكثر خطورة.

وقدّر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أنه بحلول نهاية نوفمبر، دُمّر أو تضرّر 37379 مبنى أي ما يعادل 18 بالمئة من إجمالي المباني في قطاع غزة.

تأثير الحرب على الاقتصاد الفلسطيني

يقول الأكاديمي الفلسطيني، الدكتور جهاد الحرازين، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الحرب في غزة أثرت على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص.

  • الحرب نالت من كل القطاعات الفلسطينية.
  • لم يقتصر الأمر على المدنيين والمباني السكنية فحسب؛ بل توسعت إلى تدمير كل ما يتعلق بمقومات الحياة لدى الشعب الفلسطيني.
  • وقوع خسائر مالية باهظة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، خاصة أن هناك أماكن تجارية تم إزالتها عن الخريطة بشكل كامل.
  • استهداف جميع المناطق والأراضي الزراعية، بقصفها ومحاولة تسميمها، بالأسلحة المحرمة دوليًا كالقذائف الفسفورية.
  • تدمير الثروة الحيوانية كافة في قطاع غزة، إضافة إلى الثروة السمكية التي كانت مصدرًا أساسيًا للشعب الفلسطيني، واستهداف قوارب الصيادين.
  • تدمير القطاع الصناعي، حيث نُسفت المصانع والمنشآت والمؤسسات، وكذلك توقفت حركة التجارة مثل الاستيراد والتصدير.
حرب غزة.. بلينكن يزور المنطقة مجددا سعيا للتهدئة

ويشير الدكتور جهاد، إلى أن حجم الخسائر الاقتصادية التي لحقت بدولة فلسطين، هي أكبر من أن توصف، خاصة أن الأرقام التي رصدتها المنظمات الدولية تتحدث عن مئات الملايين من الدولارات بالقطاع الاقتصادي، الذي دُمر بشكل كامل.

ويتابع: "هذا التهالك يشكل كارثة كبرى ستلحق بالمجتمع الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة؛ لا سيما أن الأمور تزداد سوءًا".

ووفق بيانات المنظمة الأممية، فإن:

  • اقتصاد غزة انكمش بنسبة 4.5 بالمئة في الفصول الثلاثة الأولى من العام 2023.
  • الحرب "أدت إلى تسريع وتيرة التدهور بشكل كبير وعجلت بانكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 24 بالمئة وانخفاض حصة الفرد في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 26.1 بالمئة على مدار العام بأكمله.
  • وبعدما كان 45 بالمئة من القوة العاملة في غزة تعاني من البطالة قبل السابع من أكتوبر، ارتفعت النسبة في القطاع المحاصر إلى 80 بالمئة تقريبا بحلول ديسمبر.

تأثيرات اقتصادية كبرى على دول الجوار

وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية على دول الجوار، يقول الخبير في الشؤون الفلسطينية، أشرف أبوالهول، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن استمرار الحرب على غزة وامتدادها لأشهر طويلة والتوسع إقليميًا بمشاركة أطراف أخرى مثل الحوثيين، أدى إلى تأثيرات اقتصادية كبرى على المنطقة العربية، وفي مقدمتها، تأثيرات مباشرة بتراجع كبير في حركة الاستثمار الخارجي والسياحة، لأنها أصبحت منطقة توتر وعدم استقرار.

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحذر من خطورة وقف تمويل "الأونروا"
الأمم المتحدة: رفح تتحول إلى "طنجرة ضغط"

ويقول أبوالهول، إن مصر تضررت بشكل مضاعف عن أية دولة أخرى في المنطقة؛ خاصة بعد استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، إضافة إلى الصواريخ التي يطلقونها تجاه إيلات، وهذا الأمر أدى إلى تراجع حركة الملاحة في قناة السويس، علاوة على تراجع الاستثمار الداخلي وسلاسل الإمداد وصولًا للمواد الخام والسلع المصنعة، فضلًا عن ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، على خلفية الارتفاع الحاد لسعر الدولار في مصر.

التأثير طال كذلك لبنان وبعض الدول الأخرى التي اضطرت إلى دفع تكاليف أكبر للنفط عن الفترات السابقة، إضافة إلى تراجع الاستثمارات التي أدت إلى خسائر كبيرة في اقتصاديات الإقليم وعلى رأسها مصر.

ويشار في هذا السياق، إلى أحدث بيانات صندوق النقد الدولي، التي شدد فيها على أن الحرب في غزة كانت بمثابة "صدمة" جديدة لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، موضحاً أن تبعات التصعيد في غزة تسببت في "معاناة إنسانية هائلة" وزيادة الضغوط في المنطقة المليئة بالتحديات، خاصة في اقتصادات الدول المجاورة للصراع وما بعدها.

وخفض صندوق النقد الدولي نسبة النمو المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام الجاري بنصف نقطة مئوية إلى 2.9 بالمئة، وذلك بعد نسبة نمو متواضعة سجلها اقتصاد المنطقة في العام الماضي بلغت 2 بالمئة.

تأثيرات عالمية

أما على الصعيد العالمي، يرى الخبير الاقتصادي الأردني، مازن أرشيد، أن تأثر اقتصادات العالم نتيجة الحرب على غزة، يرجع لعدة أسباب، على النحو التالي:

  • يمكن أن نشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار النفط والغاز، وذلك في حالة تأثر الإنتاج أو إغلاق ممرات نقل الطاقة من الخليج وشمال إفريقيا إلى أوروبا، مما يؤدي إلى كساد تضخمي خطير بالرغم من أن ذلك مستبعد حدوثه في الوقت الراهن.
  • هذا الكساد إن حدث، يختلف عن الكساد المعتاد، الذي يؤدي عادة إلى خفض الأسعار نتيجة نقص الطلب، لكن التأثير على التضخم في الاقتصادات الأوروبية سيكون واضحاً بشكل خاص.

ويتابع أرشيد في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "أما في حالة اتساع رقعة الحرب، يمكن أن يرتفع سعر برميل النفط ليتراوح بين 120 و150 دولارا".

ويشير أرشيد إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة والنفط يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل للمواد الغذائية، مما يؤدي بدوره إلى زيادة أسعارها في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى أن الحرب والاضطرابات السياسية قد تعرقل سلاسل التوريد وتحد من القدرة على الإنتاج الزراعي في المناطق المتأثرة، مما يزيد من التحديات التي تواجه الأمن الغذائي العالمي.

أخبار ذات صلة

توترات غير مسبوقة بالشرق الأوسط.. وتحذيرات من الأسوأ
غوتيريش: الأونروا هي العمود الفقري للمساعدات بغزة

أسواق المال

وتابع مازن أرشيد: "تأثير الحرب على أسواق الأسهم لا يمكن تجاهله، حيث تعاني الشركات من ارتفاع التضخم الذي يؤدي إلى تراجع إيراداتها ومبيعاتها، وتجد صعوبة في الحصول على تمويل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى تراجع مؤشرات البورصة".