في خطوة مفاجئة، رفع البنك المركزي المصري، أسعار الفائدة بنسبة 2 بالمئة، مساء أمس الخميس، وهو ما اعتبره بعض المحللين إشارة إلى خفض وشيك لقيمة العملة المحلية.
وبعد قرار المركزي بزيادة معدلات الفائدة الرئيسية، فقد وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 22.25 بالمئة للإقراض، و21.25 بالمئة للإيداع.
ولم يكن معظم المحللين يتوقعون خطوة رفع الفائدة. حيث كان متوسط التوقعات في استطلاع أجرته وكالة رويترز لآراء 16 محللا هو أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة.
وفي تقرير لوكالة رويترز، قالت مونيكا مالك، من بنك أبو ظبي التجاري: "من المرجح أن هذه الزيادة (في أسعار الفائدة) تأتي قبل خفض قيمة الجنيه والإعلان عن اتفاق لزيادة قيمة قرض صندوق النقد الدولي".
واختلف فاروق سوسة من بنك غولدمان ساكس، مع رأي التخفيض الوشيك لقيمة العملة. وقال إن رفع سعر الفائدة "هو بداية لعملية تشديد للسياسة النقدية"، لكنه أضاف أن تلك العملية "ستستغرق بعض الوقت ويجب أن تكون مدعومة بسيولة معززة في سوق العملات الأجنبية".
واتسعت الفجوة بين سعر العملة أمام الدولار في السوقين الرسمية والموازية، حيث ويبلغ سعر الدولار نحو 30.85 جنيه في البنوك ووصل في الأيام الأخيرة لأكثر من 70 جنيها في السوق الموازية.
وقالت رانيا يعقوب، من ثري واي لتداول الأوراق المالية، في تقرير لوكالة رويترز، إن رفع سعر الفائدة يرجع إلى ارتفاع التضخم في يناير، خاصة فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية ومع توقع استمرار هذا الارتفاع خلال الشهرين الجاري والمقبل.
وأضافت "من المتعارف عليه أن رفع سعر الفائدة يكون له تأثير سلبي على مناخ الاستثمار.. ولكن في الحقيقة في ظل الظروف الحالية وفي ظل أننا نتوقع تحركات أسعار صرف مرنة وتخفيضا لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، أعتقد إن الأمر لن يكون له تأثيرات عنيفة على المناخ الاقتصادي أكثر من الحالة القائمة حاليا، خاصة أننا تقريبا في حالة ركود وتوقف للنشاط الاقتصادي بسبب أسعار الصرف".
وتضرر اقتصاد مصر الضعيف بالفعل من حرب غزة التي أثرت على السياحة وقلصت الشحن عبر قناة السويس، وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية.
تقدم مفاوضات صندوق النقد
اختتمت بعثة صندوق النقد زيارتها للقاهرة التي استمرت أسبوعين، أمس الخميس، حيث أعلن الصندوق في بيان أنه اتفق مع مصر على عناصر السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مؤشر آخر على أن الاتفاق النهائي لزيادة قرض البلاد البالغ ثلاثة مليارات دولار على وشك الاكتمال.
وقالت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إن الجانبين حققا "تقدما ممتازا" في المناقشات حول حزمة سياسات شاملة قد تبدأ معها مراجعات طال انتظارها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
وأضافت هولار في بيان "لتحقيق هذه الغاية، اتفق فريق صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية على عناصر السياسة الرئيسية للبرنامج. وأبدت السلطات التزامها القوي بالتحرك بسرعة بشأن جميع الجوانب المهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر".
وفي وقت سابق أمس الخميس، قالت كريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد إن الصندوق ومصر في "المرحلة الأخيرة" من المفاوضات لزيادة برنامج القرض.
وأجرت مصر محادثات على مدى الأسبوعين الماضيين مع صندوق النقد لإحياء وتوسيع اتفاق القرض، الذي تم توقيعه في ديسمبر 2022.
وعلق الصندوق صرف حصص القرض العام الماضي بعدما ثبتت مصر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في مارس وعدم الوفاء بتعهدها بالسماح لقوى السوق بتحديد سعر صرفه.
وقالت هولار، التي اختتمت زيارة للقاهرة استمرت أسبوعين أمس الخميس، إن المناقشات ستستمر افتراضيا في الأيام المقبلة "لتحديد حجم الدعم الإضافي اللازم للمساعدة في سد فجوات التمويل المتزايدة في مصر من صندوق النقد الدولي وغيره من شركاء التنمية الثنائيين والمتعددي الأطراف في سياق أحدث الصدمات".
مرونة سعر الصرف
وفي تصريحات لسكاي نيوز عربية، هذا الأسبوع، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، إن المفاوضات الجارية بين مصر وصندوق النقد الدولي، تقوم على برنامج له 4 ركائز، أولها حماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية من خلال مرونة سعر الصرف، والثانية هي حماية الاقتصاد المصري من مستوى مرتفع جدا من التضخم، مشيرا إلى أن هناك ضرورة لعلاج مشكلة التضخم التي تؤثر على حياة المواطنين.
الركيزة الثالثة التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر، هي رفع مستوى الاستثمار الخاص الخاص لخلق فرص عمل، حيث تحتاج مصر إلى ما بين 700 ومليون فرصة عمل سنويا، وهو ما يحتاج إلى رفع مستوى النمو إلى ما بين 4 و 5 بالمئة سنويا، بحسب ما قاله أزعور، الذي أشار إلى أن الركيزة الرابعة هي الإصلاحات الأساسية التي تغير مسار الاقتصاد المصري وتزيد مناعته.
وبحسب ما ذكره أزعور فإن الهدف من برنامج صندوق النقد الدولي مع مصر هو مساعدة مصر على مواجهة الصدمات التي تواجهها، مثل حرب أوكرانيا، وحرب غزة وتداعياتها على عدة قطاعات خاصة السياحة والتجارة وقناة السويس، وكذلك تمكين مصر من استعادة نسب النمو المرتفعة.
وكان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام الجاري إلى 3 بالمئة مقابل 3.6 بالمئة كان يتوقعها في تقديراتها السابقة الصادرة في أكتوبر.