تستمر شركة إنفيديا في استعراض قوتها في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تعمل على تعزيز هيمنتها في كل ما يتعلق بهذه التكنولوجيا الجديدة. فالشركة التي استحوذت في عام 2023 على معظم مبيعات شرائح الذكاء الاصطناعي باهظة الثمن المخصصة للشركات الكبيرة، بدأت عام 2024 بالإعلان عن منتجات جديدة، تتيح تمدد تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أجهزة الكمبيوتر الشخصية.
فقد أعلنت إنفيديا على هامش فعاليات معرض 2024 CES للإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس، عن إطلاق ثلاث بطاقات رسومية جديدة، ستلعب دوراً في تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، على أجهزة الكمبيوتر الشخصية والمحمولة، دون إرسال المعلومات إلى السحابة، ما يساهم في تحويل هذه التقنية إلى تكنولوجيا "محلية" موجودة في كل منزل أو مكتب، بدلاً من ارتباطها فقط بالشركات الكبيرة.
وإعلان إنفيديا عن البطاقات الرسومية الثلاث وهي Super RTX 4070 و RTX 4070 Ti SuperوRTX 4080 Super ومنتجات أخرى، تلقفته الأسواق بإيجابية، ما ساهم في ارتفاع سهم الشركة بأكثر من 13 بالمئة منذ بداية هذا الأسبوع، إلى مستوى يفوق 542 دولاراً، لترتفع القيمة السوقية لإنفيديا إلى 391.3 تريليون دولار، محطمة الأرقام القياسية السابقة البالغة 1.225 تريليون دولار، وذلك مع تحول الشركة إلى قوة عظمى بكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي الجديد.
وتقول إنفيديا إن بطاقات RTX الرسومية الجديدة، التي تتراوح أسعارها بين 599 و999 دولاراً، ستقود عصر أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وهي ستسرّع من أداء هذه الأجهزة، خصوصاً أنها قادرة على القيام بـ 836 تريليون عملية في الثانية، مما يوفر إمكانات الذكاء الاصطناعي لتطبيقات الألعاب والتطبيقات الإنتاجية اليومية، خصوصاً بطاقة RTX 4080 Super الأقوى والأغلى ثمناً، والتي تتيح إنشاء فيديو وصور بالذكاء الاصطناعي أسرع بمقدار 1.5 مرة من السابق.
ويعد موضوع تشغيل الذكاء الاصطناعي التوليدي على جهاز الكمبيوتر، بشكل محلي ودون إرسال المعلومات إلى السحابة، أمراً بالغ الأهمية للخصوصية والسرعة والكلفة، إذ يتطلب الأمر قاعدة من الأنظمة، وهو ما فعلته إنفيديا عبر مجموعتها الحديثة، في وقت تتوقع الشركة، ظهور تطبيقات جديدة للذكاء الاصطناعي في أجهزة الكمبيوتر خلال الفترة المقبلة.
ما هي البطاقات الرسومية للكمبيوتر؟ وما أهميتها؟
إن البطاقات الرسومية وتحديداً البطاقات الحديثة منها، هي أجهزة متطورة للغاية، تعمل في بعض النواحي مثل أجهزة الكمبيوتر المستقلة، فهي تؤدي عدداً هائلاً من العمليات الحسابية، وتتصل باللوحة "الأم" في جهاز الكمبيوتر، لإنشاء الصور التي تظهر على الشاشة، وعادة ما تكون البطاقات الرسومية المكونات الأكثر تطوراً في جهاز الكمبيوتر وخاصة تلك المخصصة للألعاب التي يجب أن تحتوي على بطاقات حديثة، تتيح تشغيل الألعاب المتطورة بدقة عالية ومعدلات إطارات سلسة.
وبحسب رئيس شركة تكنولوجيا مازن دكاش، في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن البطاقات الرسومية الأكثر شعبية في عالم الكمبيوتر، يتم تطويرها من قبل علامتين تجاريتين متنافستين، هما Nvidia وAMD، حيث يصعب إيجاد كمبيوتر لا يحتوي على بطاقة رسومية لم تنتجها إحدى هاتين الشركتين، لافتاً إلى أن الشركتين تقدمان أحياناً بطاقات رسومية تتفوقان على بعضهما البعض في الأداء والقيمة، ولكن كقاعدة عامة، فإن أفضل بطاقات AMD تقدم أداءً مشابهاً لأفضل بطاقات Nvidia، مع أولوية لإنفيديا فيما يتعلق بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
تقنية الـ AI سترفع سعر الكمبيوتر
ويشرح دكاش أنه من الناحية التقنية، تعد بطاقة RTX 4080 Super من إنفيديا، الأكثر قوة على صعيد الأداء، ولكن سعرها المرتفع الذي يقارب الألف دولار، سيجعل بطاقة RTX 4070 Super متوسطة المواصفات والتي يبلغ سعرها 599 دولاراً، الأكثر قدرة على إقناع المستهلكين، مشيراً إلى أن دخول تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى عالم أجهزة الكمبيوتر، سيؤدي دون أدنى شك إلى رفع أسعار هذه الأجهزة، نظراً للحاجة إلى تزويد الكمبيوترات بمعدات وبرامج، قادرة على تشغيل التكنولوجيا الجديدة، مع ضرورة أخذ العلم أن البطاقات الرسومية الثلاث، التي طرحتها إنفيديا منذ أيام هي أرخص بكثير من بطاقات رسومية طرحتها العام الماضي، وصل سعرها إلى 1600 دولار وكانت مخصصة لأجهزة الكمبيوتر التي تعنى بالألعاب.
ويكشف دكاش أن ما فعلته إنفيديا، سيساهم في انتشار تقنية الذكاء الاصطناعي في سوق أجهزة الكمبيوتر، فهي قدمت بطاقات رسومية متطورة أرخص من السابق، وبقدرات أكبر لناحية دعم الذكاء الاصطناعي الجديد، في حين أن البطاقات الرسومية التي تنتجها AMD والتي تتراوح أسعارها بين 750 و1000 دولار، لا تملك قدرات الذكاء الاصطناعي التي تملكها بطاقات إنفيديا الجديدة، معتبراً أن إنفيديا قامت برهانٍ جريء على التكنولوجيا الجديدة، وأن مغامرتها هذه ساعدتها في الهيمنة على سوق الرقائق والبطاقات المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
من جهته، يقول المحلل التقني جوزف زغبي، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الاهتمام بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيصل إلى مستويات محمومة في 2024، وهذا أمر يجب الاعتياد عليه، فنحن لا نزال في بداية تحول كبير ستشهده مختلف الصناعات خلال السنوات المقبلة، معتبراً أن مشهد ارتفاع أسعار المنتجات التي يدعمها الذكاء الاصطناعي، هو أمر مبرر ولكنه سيختفي مع مرور الزمن مع اشتداد المنافسة في هذا المجال، فأي منتجات ترتبط بتكنولوجيات جديدة، يكون سعرها مرتفعاً في البداية، لتعود وتستقر في مرحلة لاحقة.
ويشرح زغبي أن الأمر الذي ساهم في ارتفاع قيمة إنفيديا، بعد الكشف عن منتجاتها الجديدة، هو إعلان الشركة أنها ستتمكن من بيع البطاقات الرسومية الثلاث للشركات الصينية، وهو ما ليس متاحاً لمنتجاتها الأخرى، من الرقائق التي تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، فهذه البطاقات مثلاً ستتوفر على أجهزة شركة لينوفو الصينية، وبالنسبة لمعظم المستثمرين، تعتبر هذه الخطوة إيجابية لمبيعات إنفيديا، خصوصاً أن بطاقات RTX الرسومية تمتلك صيتاً ممتازاً في الأسواق، حيث تم بيع نحو 100 مليون بطاقة من النسخ الأقدم منها.
ما سعر الكمبيوتر المدعوم بـ AI توليدي؟
ويرى زغبي أن أجهزة الكمبيوتر التي تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، سينطلق سعرها من مبلغ 1200 دولار ليفوق مستوى 2000 دولار بحسب المواصفات التي يحتويها، وهذه الأسعار ليست بجديدة في عالم أجهزة الكمبيوتر العالية المواصفات المخصصة للألعاب، كاشفاً أن أجهزة الكمبيوتر الشخصية التي تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، ستكون متخصصة بالتعلم الآلي، وفائقة الذكاء، وتتيح إنجاز المهام بسرعة كبيرة، كما أنها ستكون قادرة على التفاعل مع مستخدميها، ما يسمح لمطوري الألعاب بطرح تطبيقات تتيح إنشاء حوار بين اللاعب والشخصية في اللعبة.
ورجّح زغبي أن تستمر القيمة السوقية لإنفيديا في الارتفاع خلال 2024، في الوقت الذي تعمل فيه الشركة على إيجاد أفضل الطرق، لنشر الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع وبكلفة مقبولة، وهذا ما فعلته حالياً، من خلال البطاقات الرسومية الثلاث وهي Super RTX 4070 و RTX 4070 Ti SuperوRTX 4080 Super.