كما كان متوقعا.. قفز التضخم في منطقة اليورو خلال ديسمبر، مما يدعم موقف البنك المركزي الأوروبي لإبقاء أسعار الفائدة عند مستويات قياسية لبعض الوقت، حتى مع استمرار الأسواق بالرهان على انخفاض سريع في تكاليف الاقتراض.
وقفز التضخم في جميع أنحاء الكتلة المكونة من 20 دولة إلى 2.9 بالمئة في ديسمبر من 2.4 بالمئة في نوفمبر، وهو أقل بقليل من التوقعات بقراءة 3.0 بالمئة، ويرجع ذلك في الغالب إلى عوامل فنية، مثل نهاية بعض الدعم الحكومي وانخفاض أسعار الطاقة.
وتتوافق البيانات مع توقعات البنك المركزي الأوروبي بأن التضخم وصل إلى أدنى مستوياته في نوفمبر وسوف يحوم الآن في نطاق بين 2.5 إلى 3 بالمئة خلال العام، وهو أعلى بكثير من هدفه البالغ 2 بالمئة، قبل أن ينخفض إلى الهدف في عام 2025.
ويتحول التركيز الآن إلى كيفية تأثير تسويات الأجور والتوترات السياسية العالمية على الأسعار، وهما عاملان يمكن أن يكون لهما عواقب طويلة المدى على التضخم.
يتم الانتهاء من تعديلات الأجور في الربع الأول في معظم أنحاء منطقة اليورو، لكن البيانات لن تكون متاحة حتى مايو، لذلك ربما يحتاج صناع السياسات حتى منتصف عام 2024 للحصول على صورة موثوقة.
ومن الصعب التنبؤ بالتوترات الجيوسياسية، فرغم أن الحرب في غزة لم يكن لها تأثير يذكر على أسعار الطاقة حتى الآن، فإن انقطاع الشحن عبر قناة السويس في الآونة الأخيرة أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل.
وهذا في حد ذاته ليس مؤثرا سريعا على الأسعار، ولكنه يمكن أن يرفع التضخم إذا استغرقت السلع وقتا أطول للوصول إلى أوروبا على مدى فترة طويلة وزاد نقص السلع.
وقال بول دونوفان من UBS لإدارة الثروات: "عندما تكون تكاليف الشحن مرتفعة، كما هو الحال في الوقت الحالي، يكون تأثير التضخم صغيرًا جدًا".
وأضاف: "ليست قيمة البضائع المشحونة هي التي تهم، بل التكلفة المتغيرة لشحن البضائع. وعلى الصعيد العالمي، يمثل الشحن البحري أقل من 0.3% من النشاط الاقتصادي العالمي."
التوقعات
وتأتي قفزة التضخم في الوقت الذي يبدو فيه أن المستثمرين وصانعي السياسات يستخلصون استنتاجات مختلفة حول اتجاهات الأسعار وتأثيرها على أسعار الفائدة.
ويراهن المستثمرون على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة ست مرات هذا العام، وستكون الخطوة الأولى في مارس أو أبريل، بينما يقول صناع السياسات إن الأمر قد يستغرق حتى منتصف عام 2024 لكسب الثقة بأن التضخم تحت السيطرة بالفعل.
وقال كريستوف ويل، الاقتصادي في كومرتس بنك، إن "التضخم أبعد ما يكون عن الهزيمة؛ من المرجح أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسية بشكل أقل بكثير مما تتوقعه السوق حاليًا".
ويتمثل أحد المصادر الرئيسية للتباين في وجهات النظر في أن توقعات التضخم التي أطلقها البنك المركزي الأوروبي كانت متباينة لسنوات، وهو ما يشير إلى أن البنك ليس لديه فهم كامل لسلوك تحديد الأسعار في الظروف الاستثنائية.
وتراهن الأسواق أيضًا على تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ويعتقد المستثمرون أنه بمجرد تحرك أكبر بنك مركزي في العالم - في مارس أو مايو - سيرغب البنك المركزي الأوروبي في التحرك بشكل متزامن.