أعلنت المفوضية الأوروبية الأربعاء الإفراج عن نحو عشرة مليارات دولار من أموال الاتحاد الأوروبي لهنغاريا، عشية قمة للتكتل هدّد رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان بإخراجها عن مسارها.
وأثار الإعلان ردود فعل قوية في البرلمان الأوروبي، حيث يشعر عدد من أعضائه بالقلق من "استسلام" المفوضية "لابتزاز" الزعيم القومي الهنغاري.
لكنّ المفوضية قالت إنّ صرف هذه الأموال جاء نتيجة للإصلاحات التي أجرتها بودابست استجابه لسلسلة من الشروط الرامية إلى تحسين استقلال النظام القضائي الهنغاري.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون العدل ديدييه ريندرز لوكالة فرانس برس إنّ "الهنغاريين بذلوا كلّ ما في وسعهم لضمان تلبية مطالبنا الأخيرة من خلال النصوص التي تمّ اعتمادها هذا الأسبوع".
وأضاف "أودّ الإشارة أيضاً إلى أنّ هذه هي المرة الأولى، بفضل الضغوط المالية، التي نحصل فيها على إصلاحات في النظام القضائي في هنغاريا"، داعياً إلى النظر إلى "النصف الممتلئ من الكوب".
وفي المجمل، لا يزال الاتحاد الأوروبي يجمّد تمويلات أوروبية بقيمة 21 مليار يورو مخصّصة لهنغاريا في إطار إجراءات مختلفة بسبب انتهاكات لسيادة القانون.
وهدّد أوربان بعرقلة اتّخاذ قرارات رئيسية بشأن أوكرانيا مدرجة على جدول أعمال القمة الأوروبية يومي الخميس والجمعة، وبينها فتح مفاوضات انضمام كييف إلى الاتّحاد الأوروبي، والموافقة على مساعدات أوروبية لها بقيمة 50 مليار يورو على شكل هبات وقروض.
وأوربان هو الزعيم الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي حافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وهو يدعو إلى تنظيم "نقاش استراتيجي" بين دول التكتل الـ27 حول مستقبل العلاقات مع كييف.
"إشارة كارثية"
وقال عضو البرلمان الأوروبي الألماني عن الخضر دانيال فرويند إثر الإعلان عن صرف الأموال، إنّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا "فون دير لايين تدفع أكبر رشوة في تاريخ الاتحاد الأوروبي للحاكم المستبدّ وصديق بوتين، فيكتور أوربان. الرسالة كارثية: الابتزاز (...) يؤتي ثماره".
وكتب رؤساء أربع كتل في البرلمان الأوروبي، مانفريد فيبر من حزب الشعب الأوروبي (يمين)، وإيراتكس غارسيا بيريز من كتلة الاشتراكيين والديموقراطيين، وستيفان سيجورنيه من كتلة تجديد أوروبا، وفيليب لامبرتس وتيري رينتكي من الخضر، رسالة الأربعاء إلى رئيسة البرلمان للإعراب عن معارضتهم للقرار، معتبرين أنّ شروط ضمان استقلال القضاء في المجر "غير مستوفاة".
واعتبر بالازس غال من لجنة هلسنكي الهنغارية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّه "في ما يتعلّق بسيادة القانون، تظل المجر مختلفة عن دول الاتحاد الأوروبي".
وسيتمّ صرف الـ 10.2 مليار يورو المفرج عنها إلى هنغاريا على شكل أقساط ممتدة حتى عام 2030، مع دفعة أولى بقيمة 500 مليون يورو "في الأسابيع المقبلة"، بحسب ما أوضح ديدييه ريندرز الذي حذّر من أنه "إذا حدثت مشاكل أخرى في القضاء، فيمكن للمفوضية في أي وقت تعليق سداد المبالغ مجددا".
وفي المجموع، جمّد الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2022 حوالي 21,7 مليار يورو من أموال صندوق التماسك المخصصة لهنغاريا خلال الفترة من 2021-2027، في انتظار استكمال بودابست لعدد من الإصلاحات.
"أوفت بالتزاماتها"
واعتمدت هنغاريا بعض التغييرات التي تلبّي مطالب بروكسل المتعلقة بالسلطة القضائية، ودخلت حيّز التنفيذ في يونيو، وتهدف خصوصاً إلى استعادة سلطة المجلس الوطني للقضاء واستقلاله، وتعديل عمل المحكمة العليا، والحدّ من إمكانية عودة الحكومة إلى المحكمة الدستورية للطعن بقرارات المحاكم.
وصوّت البرلمان المجري مساء الثلاثاء على التعديل التشريعي الأخير الذي تتوقعه بروكسل والمتعلّق بإحالة القضاء الأوروبي إلى المحاكم المجرية، بحسب نتائج التصويت البرلماني الذي اطلعت عليه فرانس برس.
وقالت وزيرة العدل الهنغارية السابقة جوديت فارغا عبر منصة إكس "تعاملنا مع معارضة هائلة وكثير من الضجيج الإعلامي، لكنّ المفوضية اضطرت للاعتراف بأنّ المجر أوفت بالتزاماتها".
وأوضحت المفوضية أنّ بقية الأموال المخصصة لهنغاريا لا تزال مجمّدة بسبب المخاوف بشأن قانون مناهض للمثليين، والاعتداءات على الحرية الأكاديمية وحقوق اللجوء، وشروط المشتريات العامة وتضارب المصالح.
وقام الاتحاد الأوروبي، في إجراء منفصل، بتعليق خطة الإنعاش الهنغارية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 10.4 مليار يورو (6.5 مليار في شكل منح و3.9 مليارا في شكل قروض) مشترطاً أيضاً إحراز تقدّم في مجال سيادة القانون.