حقق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28 إنجازات واسعة خلال الأسبوع الأول، تجعله من بين المؤتمرات الأكثر ثراءً وتأثيراً ضمن جهود العمل المناخي المتصلة.
وتأتي الانجازات في ظل التقدم المحرز على صعيد عديد من الملفات، وعلى رأسها "ملف التمويل"، فضلاً عن كونه يشكل أول فرصة للعالم من أجل مراجعة وتقييم اتفاق باريس حول المناخ.
وفي هذا السياق، تتوالى الإشادات الدولية بما حققه مؤتمر الأطراف، المقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، بدءاً من تفعيل صندوق الخسائر والأضرار في اليوم الأول، ووصولاً إلى التعهدات المالية والمبادرات التي تم إطلاقها خلال أعمال المؤتمر الذي وضع يده على عديد من الملفات ذات الأولوية القصوى بالنسبة للعمل المناخي ومستقبل كوكب الأرض.
وتُشكِّل استضافة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" والتي بدأت منذ 30 نوفمبر وتستمر إلى 12 ديسمبر الجاري، في "مدينة إكسبو دبي"، مرحلة جديدة وفارقة في مجال التغير المناخي ومواجهة تأثيراته السلبية، بعد إجماع المشاركين على أنها قضية مصيرية وهناك ضرورة مُلحة لإيجاد حلول لها.
روؤساء دول وبنوك ومنظمات عالمية ووزراء ومسؤولون من عديد من الدول قدّموا شهاداتهم في تصريحات متفرقة لـ "سكاي نيوز عربية" على هامش المؤتمر، أكدوا خلالها حجم التقدم المحرز في COP28 والآمال الطويلة الملقاة على هذا المؤتمر في أن يشكل نقطة فارقة في مسار العمل المناخي، وفي ظل تفاقم التحديات التي يسفر عنها التغير المناخي الذي لا توجد دولة في العالم بمعزلٍ عن تداعياته الوخيمة.
حشد التمويلات
في حديثه مع "سكاي نيوز عربية"، أشاد رئيس جمهورية سيشيل، وافل رامكالاوان، بالنتائج التي يقدمها مؤتمر COP28 في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما مع تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بلاده التي لا تنتج أي انبعاثات تعاني تحت وطأة التغير المناخي.
كما أكد الحاجة إلى إيجاد التمويل؛ للتمكن من البناء والتكيف مع التغير المناخي، وأيضاً بنفس الطريقة، وعلى نفس النحو في صندوق الخسائر والأضرار، مضيفًا:"الدول ذات الجزر الصغيرة تحتاج إلى إيجاد التمويل أيضاً، لأننا نحتاج إلى دفعة من الأموال لحماية الجزر الخاصة بنا"، مشيراً إلى أهمية الخطوات المتخذة خلال المؤتمر، لا سيما فيما يتعلق بالصندوق المشار إليه.
وطالب المؤسسات التمويلية أن تنظر إلى الأمور من زاوية مختلفة، مثل النظر إلى المساهمات المحددة وطنياً القادمة للحماية من التغيرات المناخية وأزماتها، مردفاً: "الذي سيجعلنا أكثر سعادة إذا حصلنا على مؤشرات حول كيف يمكننا الوصول إلى صندوق الخسائر والأضرار، وسيكون هذا متعلق بالدول النامية.. وهل يمكننا الوصول بطريقة سهلة إلى هذا الصندوق؟".
واختتم حديثه قائلاً: سعداء بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار ولكن نحتاج إلى خطوات تقودنا للأمام.. لجهة كيف يمكننا الوصول إلى هذه التمويلات؟".
وكان مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، نجح في يومه الأول، بالإعلان عن تفعيل إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة تاريخية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
وفي هذا السياق أيضاً، قالت وزيرة البيئة الهولندية، فيفيان هيجنن، في مقابلة خاصة مع "سكاي نيوز عربية"، إن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، خطوة مهمة للغاية حتى تتحمل الدول الغربية مسؤوليتها عن تعويض الدول النامية والفقيرة عن الضرر الذي لحق بها نتيجة التغير المناخي.
نجح المؤتمر في حشد تمويلات ضخم، بما في ذلك التمويلات المخصصة للصندوق المشار إليه، إذ بلغ إجمالي المساهمات المقدمة لصندوق الخسائر والأضرار -حتى يوم الأربعاء- 726 مليون دولار.
بينما حظي صندوق المناخ الأخضر (أكبر صندوق دولي في العالم مخصص لدعم الأنشطة المتعلقة بمكافحة تغير المناخ في البلدان النامية)، بتعهدات بقيمة 5 مليار دولار.
وكذلك أعلنت الإمارات عن صندوق للحلول المناخية بقيمة 30 مليار دولار جديد للاستثمار في مشاريع صديقة للمناخ في أنحاء العالم.
تجربة فريدة
وقالت نائبة وزير برلماني في وزارة الخزانة البريطانية، البارونة شارلوت فير، في مقابلة مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنها لاحظت خلال مؤتمر الأطراف "COP28" أن الإمارات قد قامت بتقديم قضايا جديدة تتعلق بالتمويل، وكيف يمكن توفير التمويل من مصادر متنوعة ومؤسسات متعددة لقطاع التمويل المناخي، وهو أمر وصفته بـ "التجربة الفريدة".
وأضافت أن المملكة المتحدة تعهدت بتوفير ملياري دولار في جولة التمويل الثانية لصندوق المناخ الأخضر، مؤكدة أنه أحد أهم صناديق المناخ المتوفرة حالياً، وأن بريطانيا أحد أكبر الممولين لهذا الصندوق، مشيرة إلى أن بلادها ستقوم بالتأكد من أن تمويلات الصندوق ستذهب للمشاريع التي تهدف لتخفيف الانبعاثات والتكيف مع قضايا المناخ، وذلك بعد أن قامت الولايات المتحدة بتوفير تمويل بقيمة 3 مليارات دولار.
وكانت بريطانيا قد تعهدت خلال القمة الحالية بتقديم 2 مليار دولار لصندوق الأضرار المناخية COP28.
وذكر وزير الدولة البريطاني لأمن الطاقة وصافي الانبعاثات الصفري جرهام ستيوارت، أن بلاده المتحدة تعهدت في (كوب 28) بتخفيض انبعاثاتها أكثر من أي دولة، "وندعم الدول وصولا للحياد الصفري".
وأضاف ستيوارت - خلال لقاء مع قناة "سكاي نيوز عربية" على هامش مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية لمكافحة تغير المناخ (كوب 28): "أعلنا عن 1.6 مليار جنيه استرليني دعما لصندوق المناخ ومساعي التخفيف والتكيف للتأكد من أن الجميع على مستوى العالم معنا على نفس المسار، مشيرا إلى أن (كوب 28) أظهر نجاحا مبهرا حتى الآن فيما يتعلق بصندوق الخسائر والأضرار والتمويل المبدئي.. هناك تحديات فيما يتعلق بالتخفيف والتكيف ولاحظنا تضاعف المساهمات من قبل الدول عما قبل وصولا لتخفيض الكربون ، ولو وضعنا عنوانا لـ (كوب 28) سيكون "فرصة الشرق الأوسط للتقدم".
نتائج طموحة
من جانبه، أكد مفوض الاتحاد الأوروبي للمناخ وكبير مفاوضيه في مؤتمر الأطراف COP28، ووبكي هوكسترا، أن COP28 :
- يمثل لحظة حاسمة للعمل العالمي في مجال المناخ، حيث من المتوقع أن يحقق نتائج طموحة في هذا الصدد.
- بناءً على العديد من المحادثات التي أجراها مع رئاسة COP28، فإن الفريق ملتزم جدًا بتحقيق نتائج إيجابية للعالم والأجيال القادمة.
- "واثقون من أن رئاسة COP28 تدرك ضرورة تيسير أعلى طموح ممكن، خاصة فيما يتعلق بالتخفيف والتكيف والخسائر والأضرار وتمويل المنا"..
- "لا يمكننا مغادرة دبي دون المزيد من الطموح في مجال التخفيف من تأثير تغير المناخ، محذراً من تداعيات الأضرار والتكاليف الناتجة عن التغير المناخي".
التحول المناخي
كذلك قالت مديرة وكالة التجارة والتنمية الأميركية، إينوه إيبونج، إن:
- النسخة الحالية من مؤتمر الأطراف "COP28" في الإمارات تتميز بعزيمة جميع المشاركين وتركيزهم على إحراز تقدم جماعي في القضايا المتعلقة بالعمل المناخي.
- الأطراف كافة المشاركة بهذه النسخة من المؤتمر تسعى بشكل جدي لإنجاز التحول المناخي.
- الوكالة تمكنت خلال المؤتمر من لقاء كافة شركات وهيئات القطاع الخاص المشاركة بالمؤتمر، لا سيما وأن الوكالة تهتم بالعمل والتعاون مع القطاع الخاص.
- مؤتمر الأطراف COP28 في الإمارات يمثل فرصة للوكالة في لقاء العديد من الشركات والهيئات والتعرف على كافة ابتكاراتها".
أول تقييم عالمي
وإلى ذلك، فإن الرئيس التنفيذي لمؤسسة Millennium challenge، أليس أولبرايت، قالت في تصريحات لـ "سكاي نيوز عربية"، على هامش المؤتمر: "أهنئ حكومة دولة الإمارات على استضافتها للجميع هنا.. إنها مسألة ليست سهلة"، مشيرة إلى أن أحد الأمور المختلفة في COP28 هو القيام بأول تقييم لمدى التقدم المحرز في سياق تنفيذ اتفاق باريس "وبالتالي لدينا مجموعة من الأدلة التي توضح لها ما الذي ينجح وما الذي لا ينجح.. ومن ثم سنركز أعمالنا بشكل خاص إلى ما يحتاج منا التركيز عليا بناء على ذلك التقييم".
كذلك شدد ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمدير الإقليمي لمنطقة غرب آسيا، سامي ديماسي، على أن:
- مؤتمر الأطراف "COP28" الذي انطلقت فعالياته، الخميس قبل الماضي، بمدينة إكسبو دبي "سيكون نقطة فارقة في اتخاذ القرارات المصيرية القادرة على إنقاذ الأرض من الغليان".
- قرار تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الجديد في اليوم الأول من المؤتمر وانطلاق التزامات تمويله يعد إنجازا عظيما، يعطي الأمل في نجاح هذا المؤتمر.
- "لم نعد نمتلك ترف الوقت، ولابد من تضافر الجهود ورفع مستوى الطموح والالتزام بالتنفيذ الفعلي للقرارات التي ستغير الواقع".
النسخة الأهم من مؤتمرات المناخ
كما قال الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي، فريدريك كيمب، في مقابلة خاصة مع "سكاي نيوز عربية" إن:
- مؤتمر الأطراف COP28 المقام حاليا في دبي، تمكن من تحقيق نجاحات مبكرة، مقارنة بالنسخ السابقة، حيث أن كل الأهداف التي تم وضعها على طاولة COP28 حتى الآن تحققت.
- هذه النسخة من سلسلة مؤتمرات "COP" هي الأهم منذ مؤتمر الأطراف في باريس عام 2015.
- من أبرز النجاحات التي تحققت حتى الآن، الإعلان عن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار وتمويله بأكثر من 400 مليون دولار، بهدف تمويل دول الجنوب المتضررة من التغير المناخي.
- المؤتمر شهد أيضا إطلاق دولة الإمارات لصندوق بقيمة 30 مليار دولار لمعالجة فجوة التمويل الخاصة بقضايا المناخ.
- هذا إلى جانب إعلان 50 شركة طاقة من جميع أنحاء العالم عن عزمها الوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول 2050، وصفر انبعاثات الميثان بحلول 2030.
- "هذه حلول حقيقية وقابلة للقياس".
قطاع الصحة
من جانبه، حذّر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس من أن الأخطار الصحية الناجمة عن تغير المناخ "مباشرة وحالية".
وأشادت منظمة الصحة العالمية بتوقيع 123 دولة "إعلان COP28 بشأن المناخ والصحة"، وقالت إن تغير المناخ يؤدى إلى زيادة المخاطر الصحية في كل مناطق العالم، بما في ذلك ملايين الأشخاص المعرضين لخطر الأمراض المرتبطة بالحرارة، وانعدام الأمن الغذائي، والأمراض المعدية، والفقر.
نتائج مبشرة
وقالت وزيرة التعاون الدولي المصرية، الدكتورة رانيا المشاط، إن "تمويل المناخ" يحتل مركز الصدارة في المحادثات حول المناخ، ليس فقط من حيث أهميته ولكن من حيث الحلول في هذا السياق أيضاً، مشيرة في الوقت نفسه إلى الحلول والتعهدات التي شهدها مؤتمر الأطراف COP28 خلال الأيام الماضية. وشددت على أن المؤتمر يحقق نتائج مشجعة.
قمة تنفيذية
وأوضح وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، على هامش مشاركته ضمن قمة المناخ COP28 المنعقدة في إكسبو دبي، أن مشاركة بلاده في قمة المناخ COP28 هو من أجل استكمال مسار "نحو إزالة الكربون" والذي انطلق خلال استضافة مصر للنسخة السابقة من قمة المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ، مشيدا بدور دولة الإمارات في رئاستها النسخة الحالية واصافاً إيها بأنها "قمة تنفيذية ".
كذلك اعتبر وزير البيئة بحكومة تصريف الأعمال في لبنان ناصر ياسين، أن مؤتمر الأطراف COP28 المنعقد حاليا في دبي "أكبر اجتماع بيئي علمي يحدث في العالم لمعالجة التداعيات المناخية على كوكب الأرض".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أشاد ياسين الموجود حاليا في المؤتمر، بالمسار الذي بدأ به، قائلا: "البداية بمبادرة صندوق الأضرار والخسائر كانت ممتازة، رغم المسار الطويل المنتظر لتحميل الدول الصناعية المسؤولية التاريخية لما هو حاصل اليوم. هذا أساسي في المفاوضات التي تجري بين المشاركين من كافة الدول". وأكد الوزير أن "هدفنا الأساسي كمشاركين وكوزارة بيئة في لبنان، وضع كل برامج التكييف والحصول على التمويل"، للتعامل مع الأزمات البيئية في البلاد.
نسخة مميزة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Baker Hughes لورينزو سيمونيلي في مقابلة خاصة مع سكاي نيوز عربية، إن وجود كل الأطراف في قطاع الطاقة بمؤتمر كوب28 مهم من أجل إيجاد حلول لقضايا المناخ.
كما ذكر رئيس شنايدر إلكتريك في منطقة دول الخليج، أحمد خشان، لسكاي نيوز عربية إن ملف التمويل المناخي يشهد تقدما ملحوظا، كما اعتبر أن COP28 مميز لأنه يشهد أول تقييم عالمي لما تم إحرازه بالعمل المناخي.