قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، إن ما يحدث في مؤتمر COP28 "أفعال وليس مجرد كلمات"، مشددة على أن الفارق الأهم يتمثل في وجود استعداد واضح للتعامل بشكل جدي مع قضايا المناخ.
وعلى هامش مؤتمر COP28، قالت: "بدأ ذلك من إنشاء صندوق للخسائر والأضرار والالتزام بمضاعفة مصادر الطاقة المتجددة في غضون سنوات والإعلانات التي أدلى بها القطاع الخاص للانتقال إلى التمويل بشكل أسرع مما كنا نعتقد أنه سيكون ممكنًا وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف".
"بالنسبة لنا في صندوق النقد نأتي إلى مؤتمر المناخ مع الوعود التي تم الوفاء بها في اجتماعات مؤتمرات الأطراف السابقة .. أنشأنا قبل عام صندوقًا بقيمة 40 مليار دولار للمرونة والاستدامة واليوم نحن هنا مع 11 برنامجًا، ستة منها في إفريقيا والعديد منها ستنفذ قريبا"، بحسب تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.
كما أكدت غورغييفا، التزام الصندوق بـ 20 بالمئة من التمويل الذي يتم توفيره والذي إما أن يكون قد تم بالفعل في مجلس إدارتنا أو في طريقه إليه وهذا ما نناشد به الجميع، "اعملوا بقدر استطاعتكم وأكثر قليلاً لأننا نواجه أزمة جوهرية".
كما عبرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، عن امتنانها العميق لدولة الإمارات على إعلانها تخصيص 200 مليون دولار لصالح صندوقنا للمرونة والاستدامة، بالإضافة إلي الإعلان الذي تم بخصوص صندوق بقيمة 30 مليار دولار والذي سيخلق تدفق نقدي يتجه بطريقة خاصة نحو الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بطريقة ستحول طريقة عمل الاقتصادات بشكل عام.
تسعير الكربون
"هناك تقدمًا كبيرًا الآن لكن علينا الالتزام أكثر فأكثر وأريد أن أقدم نداءً خاصًا وهو لتسريع اعتماد تسعير الكربون لأن هذا هو أقوى حافز للتحرك بشكل أسرع في السنوات القادمة لتحقيق إزالة الكربون من اقتصاداتنا" بحسب غورغييفا التي قالت أيضا " لنبدء من الإجراءات التي تتخذها الدول لتحديد نهج لتسعير الكربون .. ما شهدناه خلال السنوات الأخيرة هو اتساع اعتماد تسعير الكربون في المزيد من السلطات المحلية".
وتعتبر غورغييفا من المؤيدين منذ فترة طويلة لتسعير الكربون إذ أن هذا النهج يخلق حافزا لمن يتسبب في التلوث بشكل كبير بإزالة انبعاثات الكربون بسرعة.
ويتحقق تسعير الكربون من التكلفة التي يتعين على الشركات أن تدفعها مقابل انبعاثاتها المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ويعتبر على نطاق واسع الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة والمرونة لخفض هذا التلوث.
وبهذا الصدد، أوضحت قائلة " لدينا الآن حوالي 50 دولة ونحو 23 سلطة محلية في دول أخرى وقد وصلت نسبة تغطية تسعير الكربون عالميًا إلى ما يقرب من 25 بالمئة.. هل هذا جيد؟ نعم نحن نتحرك في الاتجاه الصحيح.. لكن هل هو كافٍ؟ لا، ليس كذلك مازال لدينا مهمة تغطية 75 بالمئة.. ومن ثم يجب أن ترتفع مستويات التسعير بوتيرة أسرع من المتوسط الحالي البالغ 20 دولارًا اليوم إلى 85 دولارًا".
ولفتت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إلى أن تسعير الكربون مرتفع في الدول الغنية ومنخفض في الدول الفقيرة وفي الدول الهشة لا يوجد سعر على الإطلاق.
وعن كيف يمكن توحيد سوق الكربون؟.. قالت غورغييفا، إن الصندوق حدد 73 طريقة مختلفة يتم بها تسعير الكربون .. لدينا ضرائب وتجارة ولدينا تنظيم للقوانين والتغطية مختلفة في بعض البلدان 30 بالمئة وفي أخرى 70 بالمئة ويتراوح تسعير الكربون من بضعة دولارات إلى أكثر من 100 دولار.
لكن مديرة صندوق النقد الدولي، اعتبرت أن الانتقال نحو تسعير الكربون ضروري للغاية حتى لو كانت الأسواق مختلفة، لهذه الأسباب:
- أولاً: بالعمل على سعر الكربون، نرى الاتحاد الأوروبي منذ أن اعتمدوا نظام التداول ليس لديهم ضرائب بل يتداولون ذلك وقد خفضوا انبعاثاتهم بنسبة 37 بالمئة في حين أن اقتصاداتهم ما زالت تنمو
- ثانياً: يولد إيرادات للاتحاد الأوروبي بقيمة 175 مليار يورو يمكن توجيهها للبحث والتطوير لتسريع التكيف
- ثالثاً، سعر الكربون عادل فعليًا لأنه إذا لم تقد سيارتك كثيرًا فلن تدفع كثيرا ولكن إذا كان لديك بصمة كربونية كبيرة فأنت تساهم في انتشار الكربون بواسطة سعر الكربون ويمكن أيضًا أن يكون عادلاً بين البلدان عبر تفريق الدول الغنية والفقيرة.
وأضافت قائلة: "لذا لنتحرك قدر الإمكان على الصعيدين الوطني ومن ثم العمل نحو دمج سوق الكربون مدركين أنه لن يكون مثاليًا أبدًا .. لأن بعض الدول تستخدم نظام معين من الضرائب وأخرى تستخدم نظام آخر وبطبيعة الحال يضع ذلك بعض الحواجز ولكنه يعمل ... لذا رجاءً للجميع، تحركوا! ".
وعن توفر الأموال، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إن اقتصاد العالم قوي وقيمته تتخطى 100 تريليون دولار.
وأشارت إلى أن دعم الوقود الأحفوري وحده يبلغ اليوم نحو 1.3 تريليون دولار وإذا قمنا بإضافة غياب تسعير الكربون سيتجاوز 5 تريليونات دولار ومن ثم فإن فرض هذا السعر يمكن أن يولد إيرادات هامة حيث أن أموال القطاع الخاص موجودة ومهتمة بالاستثمار في اقتصاد المناخ الجديد لأنهم يعلمون أن هذا هو المستقبل.
وعن إمكانية الوصول إلى 5 تريليونات دولار، أكدت غورغييفا أن هذا ممكنا إذ أن صندوق النقد يعول على رفع حصة التمويلات من القطاع الخاص من 40 بالمئة حاليا إلى 89 بالمئة في نهاية هذا العقد... وللقيام بذلك نطلب:
- أولاً من الحكومات توجيه الدعم المالي لإزالة الحواجز أمام الاستثمارات الخاصة والدعم في البحث والتطوير ووضع البنية الأساسية للتحكم في الكربون مثل محطات الشحن
- ثانيًا، توجيه تدفق الأموال نحو الأسواق الناشئة.. لماذا؟ لأن هذا هو المكان الذي تتزايد فيه الانبعاثات وللقيام بذلك، فإن البنوك متعددة الأطراف ونحن صندوق النقد الدولي لدينا دور كبير لمساعدة البلدان في وضع سياسات مناخية شفافة وبسيطة.
"فضلاً عن إزالة العقبات الأساسية أمام الاستثمارات الخاصة ونحن نعلم ما هي، الكثير من اللوائح غير واضحة بالإضافة إلي استغلال الثغرات الاقتصادية، وفي ذلك السياق فإن صندوق النقد يقوم بخطوة كبيرة نحو توسيع دورنا في مساعدة الدول على إطلاق إمكانيات القطاع الخاص للاستثمارات المناخية". بحسب تعبيرها.
قوة الاقتصاد المصري
وبالحديث عن الاقتصاد المصري، أشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، بأداء الاقتصاد، حيث قالت إن "الدول التي تحيط بمصر تواجه مشاكل كبيرة بدءاً من السودان وصولاً إلي ليبيا وبالطبع ما يحدث في غزة مؤخرا، هذا الدور الذي تقوم به مصر لا يمكن أن يتحقق بطبيعة الأمر إلا من خلال اقتصاد قوي".
وبهذا الصدد، عبرت غورغييفا، خلال مناقشة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن امتنان العالم لمصر لكونها دولة صامدة ومستقرة.
أيضا عبّرت عن احترام صندوق لجميع الخطوات التي اتخذتها مصر حيث أنها قامت بالكثير في مجال الإصلاح من خلال خلق بيئة أفضل لاستثمارات القطاع الخاص وإفساح المزيد من المجال للقطاع الخاص وأيضا دعم الأشخاص ذوي الدخل المحدود وإلغاء الدعم الذي يعود بالفائدة على الأثرياء فقط وليس الفقراء بالإضافة الجهود المبذولة في ضبط السياسة النقدية.
وفي ذلك السياق، قالت إننا نعمل علي الانتهاء من تقييم وضع الاقتصاد فبطبيعة الحال الحرب المجاورة أضافت عبئًا إضافيًا على مصر وعندما ننهي هذا التقييم سنكون جاهزين لتقديم الاستنتاجات النهائية للمراجعة.
وأضافت قائلة: "الصندوق يبحث في ما إذا كان يتعين علينا تعزيز البرنامج.. والإجابة على الأرجح "نعم" بسبب العبء الإضافي على مصر".
كما أكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، أن صندوق النقد سيدعم مصر بقوة في مواصلة الإصلاحات.
"لقد تم طلب مساعدتنا لمصر في تحقيق مستهدفات التضخم وهو أمر حكيم جدًا لأن التضخم هو عدو الفقراء وسنواصل خدمة مصر بكل قوة عبر سياساتنا وقدرتنا المالية كما تعلمون حصلنا على تأييد أعضائنا لزيادة 50 بالمئة في مواردنا المالية مما جعل الصندوق قويًا ماليا في أوقت الاضطرابات خاصة بالنسبة لدول مثل مصر" بحسب تصريحات غورغييفا.