أحياناً ما يواجه الكثيرون أزمات مالية حادة، سواء مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية العامة أو مرتبطة بالأفراد أنفسهم، وبما يؤثر على استقرارهم المالي وحياتهم بشكل عام، نتيجة لظروف طارئة مثل فقدان الوظيفة أو حتى مصاريف غير متوقعة مثل إصلاح سيارة أو تكاليف طبية كبيرة، ما يجعلنا بحاجة دائمة إلى التخطيط بشكل جيد واتخاذ بعض الخطوات للحد من تأثيرات هذه الأزمات المالية وتجاوزها بأقل الأضرار.
ولمواجهة الأسر والأشخاص الأزمات المالية الناتجة عن تدهور دخولهم أو زيادة مصروفاتهم، وتجنب تأثيرها على القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية، يتطلب هذا تخطيطًا لكيفية التعامل معها والتغلب عليها، وتجنب الديون بطريقة فعالة لتحقيق استقرار مالي.
يحدد الخبراء مجموعة من النصائح في هذا السياق، يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- إنشاء صندوق للطوارئ: يمكن من خلال إنشاء صندوق للطوارئ ادخار مبلغ من المال يكفي لتغطية نفقاتك لمدة 3-6 أشهر. سيكون لديك هذا الصندوق كوسيلة لتغطية نفقاتك في حالة الأزمات المالية مثل فقدان الوظيفة أو الإصابة.
- وضع ميزانية شخصية: يمكن إعداد ميزانية شخصية تساعدك على تتبع إيراداتك ومصروفاتك.
- تقليل الديون القائمة: إذا كنت تملك ديونًا قائمة، حاول تسديدها بأسرع وتيرة ممكنة. ابدأ بالديون التي تحمل أعلى أسعار الفائدة.
- التأمين: يتعين الحرص على الحفاظ على تأمين الصحة وتأمين الحياة. هذه الأنواع من التأمين يمكن أن تساعد في تقليل تأثير الأزمات المالية في حالة الأمور غير المتوقعة.
- ميزانية للتوفير: يمكن أن تخصص جزءاً من دخلك الشهري للتوفير. حتى إذا كان المبلغ محدوداً، فإن العملية المنتظمة ستساعد في بناء الاستقرار المالي بمرور الوقت.
- تجنب الإنفاق الزائد: تعلم القيود وتجنب الإنفاق الزائد على السلع والخدمات غير الضرورية.
- البحث عن مصادر إضافية للدخل: إذا كنت قادرًا على ذلك، بحث عن فرص لزيادة دخلك من خلال العمل الجانبي أو الاستثمار.
ويشار إلى أن توخي الحذر والتخطيط المبكر يمكن أن يساعدك في تجنب الديون وتحقيق استقرار مالي في وجه التحديات المالية.
الإنتاج والاستهلاك
وفي هذا الجانب، يوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه لا بد أولا من معرفة هل الفرد منتج أم مستهلك، لمعرفة طبيعة أزمته المالية؛ فإذا كان الفرد مستهلكًا فيتعين عليه زيادة وعيه الاستهلاكي والإحاطة بالظروف الاقتصادية المحيطة به، ولابد كذلك من الترشيد في الإنفاق لمواجهة التقلبات والأزمات الموجودة والمحتملة كافة؛ لأن هناك أفرادًا تستهلك بأكثر من دخلها.
وهناك طرق سهلة يمكنك إتباعها لترشيد النفقات والتحكم فيها وتجنب زيادة المصروفات، وذلك من خلال مراجعة نفقاتك بشكل دوري، والانتباه جيدًا لنوعية المشتريات التي ستحصل عليها، والتخلص من الإنفاق على أي منتجات أو خدمات لم تعد تستخدمها أو غير ضرورية.
ويشدّد الإدريسي، على ضرورة ترتيب الأولويات بداية لتجنب الدخول في أزمة مالية أو الوقوع في الدين؛ لذا يتعين على الفرد شراء احتياجاته والابتعاد عن إغراءات العروض وكذا البعد عن المحاكاة (تقليد مستهكلين آخرين وشراء سلع دون الحاجة إليها).
وينصح الخبير الاقتصادي، بأن من يعاني من أزمة مالية إذا كان تاجرًا أو منتجاً على سبيل المثال فلابد له من دراسة طبيعة السوق جيدًا، ومعرفة أن كل سوق لها فترة رواج وفترة ركود، ومن ثم فعليه أن يحتاط في فترة رواجها لفترة الركود هذه. أيضاً التنوع في الاستثمار مطلوب للتقليل من مخاطر الأزمات المحيطة به.
بالنسبة للأفراد، ينصح دائماً -سواء في أوقات الأزمات أو غيرها- بالبحث عن خيارات اقتصادية بديلة وعروض خاصة، واستخدم القسائم والتخفيضات لتوفير المزيد، إلى جانب النصائح المذكورة من أجل تحقيق الاستقرار المالي قدر الإمكان في أوقات الأزمات.
ويعاني الاقتصاد العالمي من حالة من "عدم اليقين" جراء تتابع التطورات المختلفة، منذ جائحة كورونا وتبعاتها ومروراً بالحرب في أوكرانيا وحتى التوترات في الشرق الأوسط، وكذلك أزمات الغذاء والطاقة وغيرها من الأزمات التي تضفي مزيداً من التحديات على صعيد تحقيق الاستقرار المالي للأفراد في مثل تلك الظروف غير المسبوقة، وفيما تعرض الكثيرون لفقد وظائفهم أو تقليصها.
ارتفاع الأسعار والتضخم
ومن جانبه، يقول رئيس مركز القاهرة للدراسات والأبحاث، الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه في ضوء ارتفاع الأسعار والتضخم المالي الحالي يعاني كثير من الأفراد أشد معاناة، ومن ثم أصبح البعض غير قادر على تلبية جميع احتياجاته، لذا يتعين على الأفراد -على تباين أوضاعهم وظروفهم المالية- ترتيب أولوياتهم والبحث عن البدائل بأسعار أقل.
وعادة ما ترتبط الأزمات المالية بالظروف الاقتصادية العامة أو الخاصة، مثل البطالة أو الركود أو التضخم، أو الأزمات الصحية والكوارث الطبيعية، وحتى الأوبئة والحروب، غير أن هناك عوامل شخصية وسلوكية قد ترفع من احتمالية التعرض للأزمات المالية، مثل عدم التخطيط المالي أو الإنفاق العشوائي أو الاستدانة الزائدة، أو الاستثمار الخاطئ.
وينبّه بأنه مع قفزات الأسعار المستمرة أصبحت بعض الاحتياجات الأساسية ترفيهية ويمكن الاستغناء عنها، فإذا كان الفرد موظفًا مثلا يعتمد على دخل محدد فليس أمامه إلا ترتيب أولوياته وأهمها التي تبقيه على قيد الحياة.
ودعا الشافعي، في تصريحاته، إلى العمل على زيادة الدخل سواء من خلال إنشاء مشروع ربحي أو بالبحث عن عمل إضافي.
كما يمكن الاستفادة من تجارب الأفراد الذين مروا بالأزمات المالية، لتجنب تكرارها ومعرفة الطرق الفعالة لتجاوزها، والاهتمام بالتوعية والتثقيف المالي، والتخطيط والادخار والاستثمار الصحيح، والتحلي بالمسؤولية والحكمة والانضباط في التعامل مع المال؛ بما يسهم في بناء تجاوز الأزمات المالية وتحقيق استقرار مالي شخصي.