تؤثر الزيادات الأخيرة التي أقرتها مصر على أسعار الوقود والسجائر، ومع الزيادات المتوقعة لأسعار الكهرباء في شهر يناير من العام المقبل، على توقعات التضخم وقرارات السياسة النقدية بالبلاد، في خطٍ متوازٍ مع ما يواجهه الاقتصاد المصري من تحديات متزامنة؛ من بينها أزمة نقص العملة الأجنبية، وبينما يترقب المصريون تحريكاً محتملاً لأسعار الصرف، بما لذلك من تداعيات على الأسعار.

تُشكل تلك التطورات الحالية والمنتظرة هاجساً بخصوص مسارات أسعار السلع والخدمات بالبلاد، وفي ضوء تصاعد الضغوط التضخمية على نحو واسع، بما لها من ارتدادات، جنباً إلى جنب وأثر المخاطر الجيوسياسية المتنامية وانعكاساتها على المشهد المصري، بما في ذلك الحرب الممتدة في أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من شهر فبراير الماضي ووصولاً إلى الحرب في قطاع غزة وتأثيراتها على مصر.

وتباطأ التضخم الأساسي في مصر، في شهر سبتمبر الماضي على أساس سنوي إلى 39.7 بالمئة، مقابل 40.4 بالمئة في أغسطس، و40.7 بالمئة في يوليو، بحسب بيانات البنك المركزي.

وعلى أساس شهري، بلغ التضخم الأساسي 1.1 بالمئة في سبتمبر، مقابل 1.6 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق، 0.3 بالمئة في أغسطس 2023.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية خلال سبتمبر إلى 38 بالمئة مقابل 37.4 بالمئة في أغسطس.

أخبار ذات صلة

زيادة جديدة بأسعار السجائر الشعبية في مصر
بعد خفض التصنيف الائتماني.. ما الذي ينتظر الاقتصاد المصري؟

حدود تأثير الزيادات الأخيرة

الرئيس التنفيذي لاستثمارات الدخل الثابت لقطاع الأصول بشركة NI Capital القابضة المصرية، محمد الشربيني، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن رفع أسعار البنزين والسجائر يضغط بضرورة الحال على معدلات التضخم، مُنبهاً في الوقت نفسه إلى الزيادات المتوقعة بأسعار الكهرباء في مصر مطلع العام المقبل إذا لم يتم تأجيلها.

  • رفعت مصر نهاية الأسبوع الماضي، أسعار البنزين بما يصل إلى 14.3 بالمئة، فيما تم الإبقاء على سعر السولار (الديزل) دون تغيير.
  • تم رفع أسعار بنزين 80 بواقع 1.25 جنيه وبنزين 92 بقيمة 1.25 جنيه وبنزين 95 بجنيه واحد إلى عشرة جنيهات (0.3241 دولار) و11.50 و12.50 جنيه لكل لتر على التوالي.
  • كما تم البدء، يوم الأربعاء الماضي، في تطبيق الزيادات الجديدة بأسعار السجائر الشعبية، بنسب متفاوتة تتراوح بين 12 و13 بالمئة، طبقا للتعديلات التشريعية الأخيرة التي أقرها مجلس النواب لزيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة.

أخبار ذات صلة

رويترز: التضخم في مصر قد يتراجع في أكتوبر من مستواه القياسي
بالأرقام.. أسعار الوقود في مصر بالدولار قبل وبعد تعويم 2016

أسعار الكهرباء

ويتابع الشربيني: في الفترة المقبلة لدينا أكثر من عامل قد يسهم في رفع معدلات التضخم، من بينها زيادات أسعار الكهرباء، فضلاً عن إعادة التسعير التالية لأسعار الوقود (..) الزيادة الأخيرة لم تتضمن زيادة أسعار السولار الذي يؤثر على التضخم بشكل أكبر من البنزين.. وبالتالي في الفترة المقبلة إذا حدثت زيادة لأسعار السولار فهذا سوف يؤثر بشكل كبير على معدلات التضخم بالبلاد".

وفي أغسطس الماضي، أقر مجلس الوزراء المصري، الموافقة، تثبيت أسعار بيع الكهرباء المُطبقة حالياً، ومد إرجاء تطبيق الزيادة المُقررة في تعريفة بيع الطاقة الكهربائية المُعتمدة، لستة أشهر أخرى، حتى أول يناير 2024.

وبالعودة لحديث الشربيني، فإنه يضيف إلى العوامل التي ذكرها مجموعة من العوامل الأخرى الرئيسية؛ من بينها:

  • أزمة نقص العملة الأجنبية، والتي تؤثر بشكل كبير على الأسعار.
  • مدى تأثر الحركة السياحية الوافدة إلى مصر بالأحداث والتطورات الجيوسياسية الأخيرة.

وتبعاً لذلك، يستطرد الشربيني قائلاً: "نرى أن التضخم سوف يظل في المستويات المرتفعة في الوقت الحالي، خصوصاً مع ثبات أسعار الفائدة، إذا لم يقم المركزي برفعها".

ويعتقد بأن قرار الإبقاء على أسعار الفائدة كما هو "قرار جيد"، لأن التضخم ناتج بالأساس من جانب العرض وليس من جانب الطلب، وبالتالي سعى المركزي لتفادي التأثير السلبي لرفع سعر الفائدة على تكلفة الدين بالنسبة للموازنة العامة للدولة.

أخبار ذات صلة

مصر ترفع أسعار البنزين بحوالي 14% وتثبت سعر السولار
رئيس صندوق مصر السيادي يعتقد أن التضخم قد بلغ ذروته

تحريك سعر الصرف

وفي السياق، تحدث الرئيس التنفيذي لاستثمارات الدخل الثابت لقطاع الأصول بشركة NI Capital القابضة المصرية، عن مدى تأثير أي تحريك مرتقب لسعر الصرف على معدلات التضخم، شارحاً:

  • أسعار السلع المتداولة حالياً تقيم بالفعل بالسعر في السوق الموازية، وليس بالسعر الرسمي.
  • السعر الرسمي يستخدم بالنسبة للسلع المدعومة والتي تستوردها الحكومة وتستطيع توفيرها بالسعر الرسمي.
  • بالتالي فإن تحريك سعر الجنيه مقابل الدولار من مستوياته الحاليى إلى مستويات 37 أو 38 جنيهاً للدولار الواحد، لن يكون له تأثير "إذا تم بالتوازي مع توفير الدولار".
  • إن تم تحريك سعر الصرف بدون توفير الدولار "سوف يؤدي ذلك إلى زيادات كبيرة في الأسعار".. وعلى العكس إذا تم توفير الدولار وتحريك سعر الصرف سيكون لذلك تأثير إيجابي على الأسعار.

وفيما رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في أغسطس، في سياق مساعي كبح جماح التضخم، فإنه ترك أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعي 21 سبتمبر والثالث من نوفمبر.

ورغم زيادات بلغت 1100 نقطة أساس منذ مارس 2022، ما زال سعر الإقراض البالغ 20.25 بالمئة، أقل بكثير من التضخم.

أخبار ذات صلة

شركة "فوري" المصرية تعلق على أنباء تعرضها لهجوم سيبراني
مصر توقع 3 اتفاقات إطارية ملزمة لبدء تجميع السيارات محليًا

تحريك سعر الصرف

من جانبه، يقول خبير أسواق المال، عضو الجمعية المصرية للمحللين،  ريمون نبيل، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن رفع أسعار الوقود لم يكن قراراً مفاجئاً؛ ذلك أن ثمة عديداً من الضغوطات التي دفعت باتجاه تحريك الأسعار، وعلى رأسها:

  • تغير الأسعار العالمية للنفط.
  • التوترات الجيوسياسية (لا سيما فيما يخص الحرب في قطاع غزة وآثارها والمخاوف المرتبطة بنقص الإمدادات).
  • التوقعات التي تشير إلى تغير أسعار النفط والوصول إلى منطقة الـ 100 دولار للبرميل.
  • مشكلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتي كانت من بين أبرز أسبابها "دعم الوقود".

لكنه يلفت إلى أنه بينما تم تحريك أسعار "البنزين" إلا أنه لم يتم تحريك أسعار "السولار" وهو ما يجعل تأثير تلك الزيادات ليس قوياً (على معدلات التضخم)، على اعتبار أنه "إذا ارتفعت أسعار الجاز كان ذلك سيؤثر بشكل واضح على حركة النقل وتغيرات في أسعار السلع الغذائية"، مشيراً في الوقت نفسه إلى معدلات التضخم المقلقة في مصر والتي بلغت مستويات قياسية.

أخبار ذات صلة

أرباح دانة غاز تهبط 22% في تسعة أشهر مع تراجع أسعار الطاقة
مصر تتحرك لدعم قطاع السياحة في ظل الحرب على غزة

وفيما يترقب المصريون قرارات محتملة بتحريك سعر صرف الجنيه، يقول ريمون في هذا السياق:

  • تنتظر الحكومة حل مشكلة العملة الأجنبية، من خلال عدد من الخطوات، من بينها استكمال برنامج الطروحات أو عمليات الدمج والبيع والاستحواذات التي تتم في الفترة الأخيرة.
  • هذه العمليات من شأنها توفير سيولة، تضمن عدم تفاقم الأمور بعد تحريك سعر الصرف استجابة لاشتراطات الصندوق.

ويضيف: "لأول مرة تصل الفجوة بين سعر الصرف في السوق الرسمية والسوق الموازية إلى نحو 35 بالمئة، أي تتخطى الـ 10 و12 جنيهاً.. وبالتالي فإن ثمة تحركاً محتملاً لأسعار الصرف بنهاية العام أو الربع الأول"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه بالنسبة للسياسة النقدية، فمن المحتمل في الربع الأول من العام أن تشهد حركة "بمعدلات أعلى" في سعر الفائدة نتيجة لذلك.

ويشار إلى أن وكالات تصنيف عالمية، خفضت أخيراً تصنيف مصر الائتماني؛ آخرها وكالة "فيتش" التي خفضت تصنيف مصر إلى "B-" هبوطاً من "B"مع نظرة مستقبلية مستقرة، مع إشارة إلى زيادة المخاطر على التمويل الخارجي وارتفاع في الديون الحكومية. وبما يعكس التخفيض زيادة المخاطر على التمويل الخارجي لمصر واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل.