يُعد القطاع السياحي عموماً في أي بلد، من القطاعات الأكثر حساسية تجاه الأحداث المختلفة، لا سيما الأحداث الكبرى داخل أو خارج البلد، والتي تنعكس بصورة مباشرة أو غير مباشرة على التدفقات السياحية.
في مصر، القريبة من بؤرة الأحداث المشتعلة في غزة، ثمة ترقب لتداعيات تلك الأحداث على القطاع، والذي يعد رافداً من الروافد الأساسية للعملة الصعبة، وفي وقت تشهد فيه القاهرة ضغوطات اقتصادية ناجمة عن أزمة الدولار.
يأتي ذلك أيضاً في وقت تتبنى فيه الدولة المصرية مستهدفات طموحة لتعزيز مساهمة القطاع السياحي بالناتج المحلي الإجمالي، وزيادة عدد السائحين.
- تستهدف مصر مضاعفة عدد السياح خلال السنوات الخمس المقبلة، للوصول إلى 30 مليون سائح بحلول العام 2028.
- بلغت قيمة إيرادات السياحة المصرية نحو 63.4 مليار دولار خلال السنوات الـ 10 الماضية، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
- خلال السنوات الـ 10 الماضية، بلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر 90.1 مليون سائح.
- قفزت إيرادات مصر من السياحة إلى 13.6 مليار دولار، في العام المالي الماضي (2022-2023)، بزيادة 26.8 بالمئة.
وحرّكت عديد من المؤشرات الترقب حيال مدى تأثير التصعيد الحالي في غزة على مصر من ناحية قطاع السياحة بشكل خاص، من بينها تطورات التصعيد وما ينذر به من "حرب طويلة" بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة إلى حادث مقتل سائحين إسرائيليين بمزار عمود الصواري بمنطقة المنشية بالإسكندرية (شمال مصر) بأعيرة نارية من أحد أفراد الشرطة المعنيين بخدمة تأمين المنطقة، وهو ما إسرائيل بالطلب من رعاياها مغادرة سيناء بشكل عاجل قبل يومين.
تضفي تلك المؤشرات تأثيراً محدوداً على حركة السياحة في سيناء، مع مغادرة السياح الإسرائيليين بصفة رئيسية، فيما تشهد الحركة السياحية استقراراً بالنسبة لباقي الأفواج وفي المناطق السياحية.
ويُشار إلى أن عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا مصر العام الماضي 2022 بلغ حوالي 735 ألف سائح، غالبيتهم دخلوا البلاد عبر معبر طابا البري، طبقاً لإحصاءات إسرائيلية، إذ يحرص كثير منهم على قضاء العطلة في سيناء.
وبحسب إحصاءات أخرى نقلتها يورونيوز عن هيئة المطارات الإسرائيلية، فإنه في العام 2019، سافر إلى مصر حوالي 1.5 مليون إسرائيلي براً.
مغادرة السياح الإسرائيليين
من جانبه، قال رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع ورئيس لجنة السياحة واتحاد جمعيات المستثمرين، المهندس سامي سليمان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ثمة تأثراً بطبيعة الحال فيما يتعلق بالسياحة في كلٍ من نويبع وطابا، على اعتبار أن "هناك حالة حرب إلى جوارنا"، لافتاً إلى أن هذا التأثير محدود فيما يتعلق بالوفود الإسرائيلية فقط، بينما لا يوجد تأثير على المناطق السياحية الأخرى أو إلغاءات للحجوزات.
وتشهد المدن السياحية في مصر معدلات إشغال تصل من 70 إلى 80 بالمئة، لا سيما في كل من الغردقة وشرم الشيخ.
وأضاف: "نتمنى أن تنتهي الأزمة الحالية، وتعود معها الأمور إلى كامل طبيعتها" باعتبار أن مصر ليست طرفاً، وحال هدوء الأوضاع سوف تعود التدفقات السياحية من الجانب الإسرائيلي.
وأشار سليمان إلى أن مصر لديها عناصر جذب سياحي قوية، بما في ذلك ما يتعلق بالأسعار التنافسية (وفي ضوء انخفاض سعر صرف الجنيه المصري)، فضلاً عن حالة الاستقرار والهدوء التي يشهدها البلد، وبالتالي فإن "فرص نجاح السياحة العالمية في مصر لا تعوض"، ذلك في إشارة إلى استطاعة البلاد المحافظة على مستهدفاتها السياحية هذا العام.
وفي السياق ذاته، تحدث رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع، عن إمكانية استفادة القطاع السياحي في مصر من توقف حركة الطيران في إسرائيل (تعليق شركات طيران رحلاتها إلى تل أبيب)، لتذهب تلك الرحلات إلى مصر، حيث الجو الشتوي الجاذب للرحلات الأوروبية والمطلوب بشكل كبير، موضحاً أنه من السابق لأوانه قياس حجم الأثر الناتج عن تلك الأحداث قبل أن تتضح الرؤية بشكل كامل.
نشاط القطاع في 2023
ويُشار إلى أن مصر استقبلت في النصف الأول من العام الجاري 2023، قرابة 7 ملايين سائح، وهو ما يعد الأعلى في تاريخ البلاد خلال هذه الفترة، طبقاً لوزير السياحة أحمد عيسى، والذي توقع أن يكون عدد الزوار في النصف الثاني من العام، أكبر من النصف المنتهي 31 يونيو.
وبحسب عيسى، فإن 10 بالمئة من عدد السياح القادمين إلى مصر في النصف الأول من العام الجاري، جاء من ألمانيا، وأتى السياح الروس في المركز الثاني، بالرغم من ظروف الحرب المستمرة مع أوكرانيا.
وبالنسبة لتوقعات 2024، قدر وزير السياحة، نمو عدد السياح القادمين إلى مصر في العام المقبل إلى 18 مليون سائح، وذلك في ضوء إمكانيات السوق السياحية الحالية في مصر، بعدما سجلت مصر أعلى معدل لعدد الزوار في عام 2010 عندما بلغ 14.7 مليون سائح.
وطبقاً لتصريحات سابقة لوزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، في مايو الماضي، فإنه يُتوقع أن يحقق القطاع هذا العام إيرادات قياسية تصل إلى 14 مليار دولار (الدولار يعادل 30.9 جنيه مصري).
تأثيرات محدودة وقصيرة الأجل
وقال عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة التابعة للاتحاد المصري للغرف السياحية، باسل السيسي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه منذ مطلع الأسبوع الجاري، يشهد القطاع بعض التأثيرات جراء التطورات الحالية. ويحدد أوجه التأثر في النقاط التالية:
- بعض الإلغاءات (المحدودة) لحجوزات بعض الأفواج.
- تحذيرات بعض الدول لرعاياها في المنطقة (في إشارة إلى التحذير الصادر عن السفارة الأميركية لرعاياها في مصر لاتخاذ الحيطة والحذر عقب مقتل إسرائيليين في الإسكندرية).
- إلغاء الإسرائيليين لرحلاتهم في مصر.
وتقتصر الإلغاءات بشكل خاص على السياح الإسرائيليين؛ وكانت إسرائيل قد طالبت رعايات بمغادرة سيناء؛ فيما نقلت تقارير إعلامية عن مشغلي فنادق أن 95 بالمئة من السياح الإسرائيليين غادروا مدينة طابا الحدودية.
وبحسب عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، فإن تأثير ما يجري "محدود" و"مع كل يوم يمر منذ يوم السبت الماضي يتضاءل حجم التأثير" حتى عودة الأمور إلى طبيعتها.