"خفض الانبعاثات.. أسرع.. معاً"، شعار اتخذه معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك" 2023، وهو الملتقى الأكبر لقطاع الطاقة في العالم، والذي انطلق الاثنين، بمشاركة قادة القطاع وصُناع السياسات والمبتكرين من أنحاء العالم ، وذلك من أجل تعزيز جهود خفض الانبعاثات من منظومة الطاقة الحالية.

وركز كثير من المتحدثين خلال فعاليات الملتقى في تصريحاتهم على هامشه، على هدف "خفض الانبعاثات" كجزء أساسي من جهود مكافحة التغير المناخي والحفاظ على صحة واستدامة كوكب الأرض.

وسلط الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، والرئيس المعيَن لمؤتمر الأطراف "COP28"، الضوء على هذا الهدف الأساسي، خلال كلمته الافتتاحية، مؤكداً أن:

أخبار ذات صلة

وزير الطاقة الإماراتي: نتطلع بأن نصبح مصدرا رئيسا للهيدروجين
كيف تلعب شركات الطاقة دورا رئيسيا في مستقبل منخفض الكربون؟
  • العالم بحاجة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43 بالمئة على الأقل بحلول 2030 لتفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض عن مستوى 1.5 درجة مئوية.
  • أكثر من 20 شركة نفط وغاز عالمية أبدت استعدادها لوضع هدف للوصول لصافي صفر انبعاثات بحلول 2050.
  • حث الجابر قطاع النفط والغاز إلى دعم النمو والتقدم والعمل المناخي الفعال من خلال تعزيز جهود خفض الانبعاثات.
  • تسريع تحقيق انتقال عادل ومنظَّم ومسؤول ومنطقي في قطاع الطاقة بالتزامن مع خفض الانبعاثات من منظومة الطاقة الحالية هو أولوية رئيسية في خطة عمل رئاسة COP28 للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.

دور شركات الطاقة

وفي تصريحات متفرقة لـ "سكاي نيوز عربية"، تحدث مسؤولون في قطاع النفط، على هامش معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك 2023"، عن الهدف نفسه، مبرزين الدور الذي يُمكن أن تقوم به الشركات العاملة في القطاع في هذا السياق، من بينهم رئيس مبادرة النفط والغاز المناخية، بوب دادلي، الذي قال إن:

  • العديد من شركات النفط والغاز وضعت التزامات للوصول لصافي صفر انبعاثات وتعمل على خطط لتحقيق ذلك.
  • شركات النفط والغاز تستثمر في تحول الطاقة، وتنفق الأموال من أجل تصميم مسار خفض الانبعاثات الكربونية حتى عام 2050.
  • شركات طاقة كبيرة تنخرط بالفعل في مشروعات كبيرة لالتقاط وتخزين الكربون، والاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة.
  • سيكون هناك دور لصناعة النفط والغاز لعقود وعقود قادمة ولن يكون هناك بديل لذلك، نحن بحاجة لكافة أنواع الطاقة بما في ذلك الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية وبكل تأكيد الطاقة المتجددة

كما قال الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية، كلاوديو ديسكالزي، في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، إن شركات الطاقة ترغب في أن تشارك وأن يكون لها دور فيما يتعلق بتحول الطاقة، وخفض الانبعاثات الكربونية، مشيرا إلى أنه لا يجب في هذا الإطار النظر إلى شركات النفط كأعداء، حيث يحتاج العالم إلى جمع جميع الجهود المختلفة من جميع الجهات والشركاء.

أثر زيادة الانبعاثات

وتعليقاً على هذا الهدف الرئيسي، أبرَزَ استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، خطورة استمرار انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وارتفاع معدلاتها على النحو الحالي، مؤكداً أن هذه الزيادات تؤدي لعديد من التأثيرات السلبية على العالم أجمع، لذا لابد من توافر الإرادة السياسية لتحقيق ذلك.

وطبقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة، فإنه في العام 2022 ارتفع حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة بنسبة 0.9 بالمئة، لتسجل رقماً قياسياً بلغ أكثر من 36.8 مليار طن. فيما وصلت الزيادة السنوية للانبعاثات المرتبطة بالطاقة إلى 6 بالمئة خلال العام 2021، ذلك العام الذي أعقب جائحة كورونا.

وبحسب الوكالة، تم تجنب انبعاث 550 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون من خلال البنى التحتية الجديدة للطاقة المنخفضة الكربون.

أخبار ذات صلة

توتال إنرجيز: تجاوز أسعار النفط 100 دولار أمر غير مستبعد
نقص الاستثمارات بقطاع النفط والغاز يهدد أمن الطاقة

وأوضح طنطاوي، أنه حال استمرار زيادة الانبعاثات لما بعد العام 2030 بنفس الوتيرة، سيؤدي ذلك إلى مزيد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهو ماله تأثيرات سلبية خطيرة على العالم، يأتي على رأسها ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحر وانتشار الأمراض والآفات، إضافة إلى تأثر الإنتاجية الزراعية والثروة الحيوانية، فضلًا عن التأثير على حياة البشر من خلال الأحداث المناخية الجامحة التي تحدث نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.

وعدد استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، الآليات التي يمكن من خلالها تخفيض الانبعاثات مستقبلا، على النحو التالي:

  • وقف الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري من غاز وبترول وفحم.
  • التوجه نحو الطاقات الجديدة والمتجددة كالشمس والرياح والطاقة الحيوية.
  • تعظيم الاستفادة من التطبيقات الخاصة بتحسين كفاءة الطاقة.
  • استخدام التكنولوجيات الحديثة في تخزين ثاني أكسيد الكربون والطاقات الجديدة مثل الهيدروجين خاصة وأن انبعاثاته تكاد تكون صفرية.
أسبوع أبوظبي للاستدامة.. تفرد مصدر.. مزيج الطاقة

الطاقة المتجددة

وخلال كلمته أمام معرض ومؤتمر "أديبك2023"، الاثنين، جدد الدكتور سلطان الجابر، الدعوة إلى ضرورة مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرّات بحلول العام 2030.

وبحسب الجابر، خلال كلمته في مستهل أعمال الملتقى، فإن ذلك الهدف يحظى حالياً بدعم 85 بالمئة من اقتصادات العالم، كما أشار أيضاً إلى أن:

  • العالم بحاجة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43 بالمئة على الأقل بحلول 2030 لتفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض عن مستوى 1.5 درجة مئوية.
  • الاستثمارات في تكنولوجيا الطاقة النظيفة بلغت مستوى قياسيا قدره 1.7 تريليون دولار في العام الماضي.
  • من المخطط إضافة 440 غيغاواط من الطاقة المتجددة إلى شبكات الكهرباء هذا العام وهي أكبر زيادة سنوية في التاريخ.
  • كما شدد الدكتور سلطان الجابر على ضرورة العمل الجماعي لتجاوز العقبات التي تعوق استخدام الهيدروجين على نطاق تجاري وتوسيع نطاق تطبيق تقنيات التقاط الكربون.

وبالعودة لحديث طنطاوي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" فإنه لفت في الوقت نفسه إلى أن هنالك آلية أخرى لتخفيض الانبعاثات، لكنها غير مفضلة لدى كثير من الدول، وهي استخدام الطاقة النووية التي تعد صفرية الانبعاثات، مشيراً إلى أنه على الرغم من مشاكلها المعروفة من خلال المخلفات النووية لكنها تمثل جزءاً من حل المشكلة.

أخبار ذات صلة

مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة.. أهداف طموحة لتقليص الانبعاثات
أمين: COP28 بالإمارات سيكون "نقطة فارقة" في العمل المناخي

ابتكارات حديثة

وخلال الملتقى، استعرضت عديد من المؤسسات المشاركة حلول مبتكرة للمساهمة في خفض الانبعاثات، من بينهم 39 شركة فرنسية تعمل في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة المتجددة، عبر الجناح الفرنسي الذي تنظمه الوكالة الوطنية لدعم تنمية الاقتصاد الفرنسي دولياً "بيزنس فرانس" بالتعاون مع شركة "توتال إنرجيز" ورابطة إيفولين الفرنسية وبدعم من مجموعة تروفاي وكوفان الخبرة الفرنسية الحلول المبتكرة والمستدامة ومنخفضة الكربون في قطاع الطاقة وذلك مع اقتراب مؤتمر الأطراف " COP28" واكتساب التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة زخماً كبيرا.

أخبار ذات صلة

الجابر يدعو لمضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030
أمين عام أوبك: المنظمة متفائلة بشأن الطلب على النفط

ويُشار إلى أنه، بحسب البيانات الواردة باتجاهات الاستثمار في التحول الطاقوي "2023 الصادر عن مؤسسة "بلومبرغ"، فإن إجمالي الاستثمارات العالمية في سياق التحول للطاقة منخفضة الكربون في 2022 ارتفع بنسبة 31 بالمئة، وصولاً إلى 1.1 تريليون دولار.

وكان كريستوفر هدسون الرئيس التنفيذي لشركة"دي إم جي إيفينتس" الجهة المنظمة لـ"أديبك 2023"، قد ذكر قبيل بدء المؤتمر، إن "أديبك 2023" يعمل على توحيد جهود مختلف القطاعات والشركات والأفراد لدفع العمل الجماعي العاجل نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات.

وأضاف أن مسألة إزالة الكربون في قلب أجندة "أديبك" بدءاً من برنامج المؤتمرات الحافل بالجلسات القيّمة وصولاً إلى المعرض وما يحمله من ابتكارات متقدّمة في ظل الجهود الدولية الهادفة إلى إعطاء الأولوية لإزالة الكربون من منظومة الطاقة مع تقليل الانبعاثات وتعزيز التقدّم الاقتصادي.

ولفت إلى المبادرات التي تشمل مسرّع الحد من الانبعاثات الكربونية الذي يجمع المنظمات الرائدة في مجال إزالة الكربون لتمكين الشراكات القادرة على إحداث تغيرات جذرية وتنفيذ استراتيجيات إزالة الكربون لخلق مستقبل خالٍ من الكربون بشكل أسرع.

الإرادة الدولية

من جانبه، أكد أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، الدكتور علاء سرحان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن العالم يُمكنه الوصول لهدف خفض الانبعاثات قبل العام 2030، حال أن كان المجتمع الدولي لديه إرادة سياسية تستهدف تحقيق ذلك على أرض الواقع، مشدداً على ضرورة أن يجمع العالم على أن تكون الأولوية للتغيرات المناخية وتحجيمها والحد منها.

ونوه بأن العالم وصل إلى مرحلة خطرة مناخياً، وأن الأزمات الدولية تعيق المجتمع الدولي عن التكاتف لحل تلك المشكلة الوجودية الكبرى التي تمس الإنسان وبقاءه على الكوكب وجودة حياته، لذا لابد أن تترفع الدول عن كل الصراعات ولابد أن تكون نظرتها لتلك الأزمة طويلة الأمد.

وذكر أن التكنولوجيا توفر كل الإمكانات للتحول الأخضر ودعم نمو الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن تحقيق هذا التحول يبدأ من عدد من الخطوات، من بينها خفض انبعاثات غاز الميثان (..)، وقال إنه على الرغم من أن الميثان دورة حياته قليلة، إلا أن له القدرة على الاحتباس بشكل غير طبيعي أكبر من ثاني أكسيد الكربون (..).

أخبار ذات صلة

الأردن يعتزم رفع أهدافه للطاقة المتجددة بنهاية العام الجاري
بوب دادلي: COP28 سيكون ناجحا بسبب القيادة الإماراتية الحازمة

انبعاثات الميثان

ويذكر أنه من أبرز التحديات التي تواجه قطاع الطاقة هذا العام الحد من انبعاثات غاز الميثان ودعم جهود إزالة الكربون من الصناعات الثقيلة وتسهيل التمويل والاستثمار في الطاقة منخفضة الكربون والتكنولوجيا النظيفة وتوسيع نطاق جهود إزالة الكربون بشكل عام.

وشدد سرحان، على ضرورة إقامة مشروعات لتخفيض الميثان خاصة في مشروعات إنتاج النفط والغاز الطبيعي وأيضاً في المشروعات الزراعية، جنباً إلى جنب وتشجيع البحث العلمي في مجالات الزراعة وتربية المواشي، وهما الأكثر في معدلات انبعاثات الميثان، ولابد من تشجيع الدول على ألا تحرق المخلفات الصلبة حرقاً مفتوحاً، مشدداً على أن خفض الميثان سيؤدي إلى نتائج سريعة ملموسة على الأرض تشجع على الاستمرار في خفض الانبعاثات مستقبلًا.

ومن الآليات التي يشير إليها سرحان في معرض حديثه، ما يتعلق بمبادلة الديون بالنسبة للدول الهشة اقتصادياً، من خلال مبادلة جزء من الديون الخارجية المستحقة للدول النامية خاصة ذات الهشاشة العالية، إلى مشروعات لمواجهة التغير المناخي على المستوى الوطني، مع تقديم الدعم الفني والتكنولوجيا المناسبة لتلك الدول.

وأشار إلى أن الكثير من الدول النامية لديها ديون خارجية كبيرة تثقل عليها عبء استخدام تكنولوجيا جديدة وإقامة مشروعات تخفض من الانبعاثات، مؤكداً أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين ديون الدول النامية واتخاذها إجراءات للعمل المشترك في مواجهة التغيرات المناخية، وبالتالي لابد أن يفكر المجتمع الدولي خارج الصندوق بآلية جديدة وطرق وأدوات مبتكرة حتى يمكن تحويل جزء كبير من تلك الديون إلى مشروعات لمواجهة التغيرات المناخية سواء بالتخفيف أو التكيف والتصدي، على الأرض في هذه الدول ما يسهم في مواجهة التغيرات.

ولفت إلى أن دولاً كثيرة لا تتوفر لديها بنية أساسية تحتية تستطيع من خلالها مواجهة التغيرات المناخية، خاصة الدول الأفريقية، التي في حاجة إلى استثمارات وتكنولوجيا جديدة، إضافة إلى الدعم الفني لتطويع أي تكنولوجيا للبيئة المتواجدة فيها وظروفها للتعامل معها وإعطاء النتائج المرجوة.

الاستثمارات

وارتفع الاستثمار الدولي في الطاقة المتجددة ثلاث مرات تقريبا، منذ إبرام اتفاق باريس للمناخ في العام 2015، وفق ما أفاد "أونكتاد" في تقريره السنوي حول الاستثمار العالمي.

وفيما يخص البلدان النامية، تبزغ أهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة بشكل خاص. وفي هذا السياق، دعت الأمم المتحدة، يوليو الماضي، إلى الاستثمار بكثافة في هذا القطاع، قائلة إنه بخلاف ذلك، سيكون الأمل ضئيلا في تحقيق أي أهداف مناخية بحلول العام 2030.

وأوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن الدول النامية تحتاج إلى استثمارات في الطاقة المتجددة بحوالى 1,7 تريليون دولار سنويا، لكنها ما زالت بعيدة عن ذلك الرقم، إذ جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في الطاقة النظيفة بقيمة 544 مليار دولار فقط في العام 2022.

وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية، قال الرئيس التنفيذي لمؤتمر الأطراف "COP28"، عدنان أمين، إن المؤتمر سيركز على عدد من المجالات، أولها نجاح انتقال الطاقة، وتقليص الانبعاثات الكربونية، وكذلك إصلاح آلية تمويل المشاريع التي تستهدف مواجهة التغير المناخي، وأيضا إصلاح المؤسسات الدولية المالية.

وأضاف أمين: "ما نريد فعله في مؤتمر الأطراف هو إيجاد بيئة من هذا النوع حيث يمكننا بدء نقاشات بناءة وجعل قطاع النفط والغاز يتعهد بالتزاماته ليفي بها.. فهذا سيفضي حتماً إلى تحريك عجلة التحول إلى انبعاثات أقل، بوتيرة أسرع بكثير من الوتيرة التي دَأَبْنَا عليها حتى الآن".