جدد الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، والرئيس المعيَن لمؤتمر الأطراف "COP28"، الدعوة إلى ضرورة مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرّات بحلول العام 2030، وذلك خلال كلمته أمام معرض ومؤتمر "أديبك2023"، الاثنين.
هدف مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة على ذلك النحو هو هدف طموح تصبو إليه غالبية دول العالم، اتساقاً مع توصيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" لتوجيه العالم نحو العمل بما ينسجم مع أهداف اتفاق باريس. وقد أعلنت مجموعة العشرين عن دعمها لهذا الهدف، خلال اجتماعاتها الأخيرة في نيودلهي.
وبحسب الجابر، خلال كلمته اليوم في مستهل أعمال الملتقى، فإن ذلك الهدف يحظى حالياً بدعم 85 بالمئة من اقتصادات العالم، كما أشار أيضاً إلى أن:
- العالم بحاجة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43 بالمئة على الأقل بحلول 2030 لتفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض عن مستوى 1.5 درجة مئوية.
- الاستثمارات في تكنولوجيا الطاقة النظيفة بلغت مستوى قياسيا قدره 1.7 تريليون دولار في العام الماضي.
- من المخطط إضافة 440 غيغاواط من الطاقة المتجددة إلى شبكات الكهرباء هذا العام وهي أكبر زيادة سنوية في التاريخ.
- كما شدد الدكتور سلطان الجابر على ضرورة العمل الجماعي لتجاوز العقبات التي تعوق استخدام الهيدروجين على نطاق تجاري وتوسيع نطاق تطبيق تقنيات التقاط الكربون.
الإمارات
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة، من الدول النشطة بهذا الهدف؛ ذلك أنها تستهدف مضاعفة قدراتها الإنتاجية للطاقة المتجددة بأكثر من ثلاث مرات لتصل إلى 14.2 غيغاوات بحلول العام 2030، ضمن خططها لتحول الطاقة وتقليص الانبعاثات والوصول إلى الحياد المناخي بحلول العام 2050.
واعتمد مجلس الوزراء في الإمارات، يوليو الماضي، مشروع تحديث استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، لتسريع تحقيق مستهدفاتها فيما يتعلق بتحول الطاقة والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
- تستهدف الاستراتيجية استثمار ما بين 150 و200 مليار درهم حتى عام 2030 لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو في الاقتصاد الإماراتي، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، بما يقلل الانبعاثات الكربونية وتحسين الاستدامة البيئية، وبما يسهم في تحقيق توفير مالي يعادل 100 مليار درهم بحلول عام 2030، وتوفير 50 ألف وظيفة خضراء جديدة بحلول ذات العام.
- كما تستهدف الاستراتيجية أيضا رفع مساهمة القدرة المركبة للطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة في الإمارات إلى 30 بالمئة بحلول 2030.
الحد من آثار تغير المناخ
من جانبه، يقول رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية وعضو الاتحاد العربى للمناخ والبيئة، تحسين شعلة، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن التغيرات المناخية تفرض ضرورة تسريع كل ما له علاقة بمشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، من أجل المساهمة في التقليل من المردود السلبي لأزمة المناخ.
ويضيف: "تُدرك جميع دول العالم طبيعة التغيرات المناخية التي زادت حدتها بشكل واسع في السنوات الأخيرة (..) وبما يهدد بمزيدٍ من العواصف والأعاصير والأمطار والزلازل والبراكين وحرائق الغابات وغيرها من الكوارث الناجمة عن التغير المناخي.
ومن هنا -وفق شعلة- تكمن أهمية التوسّع بشكل كبير في استخدام الطاقة المتجددة، بما في ذلك استخدام طاقة الرياح وتقنيات النانو تكنولوجي لمضاعفة الطاقة المُنتجة في السنوات المقبلة"، مستدلاً بالمشاريع والتجارب الواسعة في دول أوروبية مثل ألمانيا، ودول أخرى مثل الصين وأستراليا (..) والاستراتيجيات التي تتبعها عديد من الدول، بما في ذلك دول عربية مثل الإمارات ومصر.
ويشير إلى أن الدول تسير في اتجاه مضاعفة وزيادة قدرات الطاقة المتجددة نظراً للمردود السلبي الملموس للموجات المتصاعدة من التغيرات المناخية، والتي من شأنها مستقبلاً أن تسهم في تغيير الخريطة الاقتصادية على مستوى العالم "ففي خلال 10 سنوات يُمكن أن تتحول دول كانت في مصاف الدول المتقدمة، ليقل ترتيبها اقتصادياً تبعاً لمدى التقدم المحرز في مسألة الحد من التغيرات المناخية والتكيف معها (..)".
ويشدد رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية، على أن ثمة اهتماماً دولياً واسعاً بهدف مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة، لافتاً إلى الدعوات التي تطلقها الأمم المتحدة وأنشطتها في هذا السياق.
هدف طموح
وفي سبتمبر الماضي، أعلن قادة مجموعة العشرين، خلال اجتماعاتهم في نيودلهي، إنهم سيدعمون الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030، متعهدين بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ.
وجاء في بيان أن مجموعة العشرين "ستتابع وتشجع الجهود الرامية إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات". وأضاف "نحن نلتزم تسريع التدابير لمواجهة الأزمات والتحديات البيئية بما فيها تغير المناخ".
يأتي ذلك بما يتسق مع توصيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" لتوجيه العالم نحو العمل بما ينسجم مع أهداف اتفاق باريس، بعد أن أشار تقرير "نظرة مستقبلية لتحولات الطاقة حول العالم 2023" الصادر عن الوكالة في يونيو الماضي، إلى أن العالم بحاجة إلى مضاعفة إجمالي القدرة العالمية للطاقة المتجددة بواقع ثلاث مرات، لتصل إلى أكثر من 11 ألف غيغاواط بحلول عام 2030، للحفاظ على إمكانية الحد من الاحتباس الحراري عند درجة 1.5 درجة مئوية.
وكان مدير عام الوكالة، فرانشيسكو لا كاميرا، قد ذكر في وقت سابق أن "تبني هدف الطاقة المتجددة بما يتماشى مع أهداف اتفاق باريس يعتبر علامةً فارقة في مسيرة تحول قطاع الطاقة.
وعلى مدى العقد الماضي، برزت الطاقة المتجددة، بفضل الانخفاض السريع في تكاليفها، لتكون الحل الأكثر فعالية من حيث التكلفة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان العالم من الطاقة ومواجهة تغير المناخ في الوقت ذاته".
توفير الاستثمارات.. أبرز التحديات
من جانبه، فإن المستشار الفني لمركز التميز في الطاقة بجامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية، الدكتور وليد الختام، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المعضلة الأساسية أمام ذلك التوجه الرئيسي المرتبط بمضاعفة قدرات الطاقة المتجددة، تتعلق بـحجم الاستثمارات المطلوبة لبلوغ هذا الهدف، سواء كانت تلك الاستثمارات بطريقة مباشرة من خلال الدول، وكذلك من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويشدد على أن "الوضع الاقتصادي العالمي الحالي -وبما يشهده من أزمات جراء انعكاسات التطورات الجيوسياسية، وبما يضفي حالة من عدم اليقين- قد لا يشجع على ضخ الكثير من الاستثمارات في قطاعات عوائدها (بالنسبة للمستثمر) عادة ما تكون على المدى الطويل.. وبالتالي فإن التحدي يكمن في توجيه الاستثمارات في هذه النوعية من المشاريع المرتبطة بالطاقة المتجددة وفق هذا المعيار".
ويُشار إلى أنه، بحسب البيانات الواردة باتجاهات الاستثمار في التحول الطاقوي "2023 الصادر عن مؤسسة "بلومبرغ"، فإن إجمالي الاستثمارات العالمية في سياق التحول للطاقة منخفضة الكربون في 2022 ارتفع بنسبة 31 بالمئة، وصولاً إلى 1.1 تريليون دولار.
وفي مواجهة ذلك التحدي المرتبط بما تتطلبه مضاعفة القدرات من استثمارات جديدة، يضيف: "لدعم الاستثمارات المباشرة في مشاريع الطاقة المتجددة يتعين على الدول تقديم حزم تحفيزية من أجل جذب المستثمرين من أي مكان في العالم"، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن الوضع الاقتصادي في العالم "قد لا يساعد على التوسع في تلك الحوافز الهادفة لتنشيط الاستثمارات في القطاع".
ويلفت الختام إلى أن التوجه العالمي في الوقت الحالي يسير باتجاه مشاريع "الهيدروجين الأخضر" بشكل خاص، موضحاً أن تلك المشاريع تتطلب استثمارات عالية (..).
وازداد الاستثمار الدولي في الطاقة المتجددة ثلاث مرات تقريبا، منذ إبرام اتفاق باريس للمناخ في العام 2015، وفق ما أفاد "أونكتاد" في تقريره السنوي حول الاستثمار العالمي.
وفيما يخص البلدان النامية، تبزغ أهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة بشكل خاص. وفي هذا السياق، دعت الأمم المتحدة، يوليو الماضي، إلى الاستثمار بكثافة في هذا القطاع، قائلة إنه بخلاف ذلك، سيكون الأمل ضئيلا في تحقيق أي أهداف مناخية بحلول العام 2030.
وأوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن الدول النامية تحتاج إلى استثمارات في الطاقة المتجددة بحوالى 1,7 تريليون دولار سنويا، لكنها ما زالت بعيدة عن ذلك الرقم، إذ جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في الطاقة النظيفة بقيمة 544 مليار دولار فقط في العام 2022.