لا يزال المغرب تحت الصدمة، من الزلزال المدمر، الذي ضرب منطقة مراكش، ليل الجمعة الماضي، وأسفر عن خسائر بشرية واقتصادية هائلة، ليضيف مزيدا من الضغوط على الاقتصاد المغربي الذي يعاني من ضغوط تضخمية وتباطؤ في النمو بسبب الجفاف وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وبحسب بيان من الديون الملكي، الخميس، فإن نحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا في الأقاليم الخمسة المتضررة من الزلزال، الذي يعد الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ عام 1960 والأقوى منذ أكثر من قرن.
ولم يعلن بعد رسميا عن مجموع الأسر التي خسرت بيوتها بسبب الكارثة، التي خلفت نحو 3 آلاف قتيل على الأقل. فيما أعلن الديون الملكي عن برنامج لإعادة إيواء الأسر المتضررة، ومساعدات مالية للضحايا.
ضربة للقطاع السياحي
تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إلى أن الخسائر الاقتصادية للمغرب جراء الزلزال، قد تصل إلى 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مرجحا أن تتراوح الخسائر بين مليار و10 مليارات دولار، خاصة أن الزلزال ضرب البلاد قبل أسابيع من ذروة الموسم السياحي، بحسب نفس المصدر.
وتعمل الحكومة المغربية على التواصل بشكل سريع مع منظمي الرحلات السياحية وشركات الطيران، من أجل الحفاظ على تدفق السياح، للحد من الأضرار التي قد تصيب القطاع الحيوي المهم الذي يسهم بنحو 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
السياحة التي تعتبر مصدرا مهما للعملة الصعبة في البلاد، حققت انتعاشة قوية في النصف الأول من العام الجاري، حيث وصلت إيراداتها إلى نحو 47.8 مليار درهم (4.8 مليار دولار) بزيادة 69 بالمئة عن النصف الأول من العام الماضي، و43 بالمئة عن النصف الأول من عام ما قبل الجائحة، وذلك بعد الارتفاع الملحوظ في عدد السياح الوافدين إلى المملكة البالغ عددهم 6.5 مليون سائح في نهاية يونيو، وهو مستوى تجاوز حتى سنوات قبل الجائحة، بحسب بيانات وزارة السياحة المغربية. وكان من المتوقع أن يصل الرقم إلى 14 مليونا في نهاية العام الجاري.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الاقتصاد المغربي الذي يصل حجمه إلى حوالي 135 مليار دولار، سيتأثر سلبا بتداعيات الزلزال، خاصة من ناحية قطاع السياحة، بعد تلف بعض المعالم السياحية، وتضرر البنية التحتية مثل الطرق والجسور، خاصة في مدينة مراكش القديمة، والذي سيؤدي بدوره إلى فقدان بعض الوظائف المرتبطة بالقطاع السياحي.
كما أن الزلزال جاء قبل أقل من شهر على استقبال عاصمة البلاد السياحية، آلاف المشاركين في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستضيفها مراكش الشهر المقبل.
وأكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الخميس، أن بلاده سوف تستضيف الاجتماعات، في موعدها، في واحد من أول التعليقات الحكومية الرسمية على الأمر.
وكان هناك ترقب واسع لهذه الاجتماعات المالية، التي تعتبر الأهم عالميا، من أجل تسليط الضوء على قدرات المغرب وسياساته الاقتصادية، إلى جانب فوائدها السياحية الكبيرة التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
اقتصاد المغرب
كانت مؤسسات عدة، من بينها بنك المغرب وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قد خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي العام الجاري إلى حوالي 3 بالمئة، وربطت ذلك بتأثير الجفاف على الفلاحة (قطاع الزراعة) والتضخم على الاستهلاك، ويُتوقع حالياً أن تضيف تداعيات الزلزال مزيداً من التحديات الإضافية على اقتصاد البلاد.
وكان الاقتصاد المغربي تباطأ خلال العام الماضي، إلى 1.3 بالمئة، بعد أن حقق نموا بنسبة 8 بالمئة في العام السابق، نتيجة تراجع النشاط الزراعي بسبب موجة جفاف كانت الأقوى منذ 40 عاما، وموجة تضخمية قوية.
وفي ظل استمرار تأثير موجة الجفاف، فإن الحكومة المغربية تتوقع نموا بنسبة 3.3 بالمئة في العام الجاري، وهو ما يقل عن التقديرات الأولية في ميزانية 2023، البالغة 4 بالمئة.
كما أن بنك المغرب خفض توقعاته للنمو في العام الجاري إلى 2.4 بالمئة، يتوقع بنك المغرب أن ينمو اقتصاد البلاد خلال العام الجاري، بنحو 2.4 بالمئة، بحسب تقديراته التي أعلنها في يونيو الماضي، وذلك مقابل 2.6 بالمئة كان يتوقعها في مارس، كما أنه خفض توقعاته للنمو في العام المقبل إلى 3.3 بالمئة، مقابل 3.5 بالمئة في توقعاته السابقة.
وبحسب تقديرات سابقة لمجموعة البنك الدولي، فمن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في المغرب 2.5 بالمئة في 2023، ثم 3.3 بالمئة في 2024 و3.5 بالمئة في 2025.