توقع صندوق النقد الدولي، أن يحافظ الاقتصاد غير النفطي في السعودية، على زخم نموه القوي، بمتوسط 4.9 بالمئة، خلال العام الجاري، بفضل الطلب المحلي، وألا يتأثر النشاط غير النفطي، بتراجع النمو في إجمالي الناتج المحلي النفطي نتيجة قرارات خفض الإنتاج الطوعي.
وقالت بعثة صندوق النقد الدولي، في ختام مشاورات المادة الرابعة إنه "بينما يُتوقع تراجع إنتاج النفط (بالسعودية) في الأجل القريب -بناء على قرارات أوبك+- من المتوقع أن يظل زخم نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي قويا تدعمه قوة الإنفاق على الاستهلاك والإسراع في تنفيذ المشروعات".
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن السعودية تمكنت من احتواء التضخم عند 2.8 بالمئة في مايو 2023، كما أن البطالة وصلت إلى مستوى قياسي منخفض يبلغ 5.6 بالمئة، وسجلت مشاركة الإناث في القوى العاملة أعلى مستوياتها عند 36 بالمئة، متجاوزة الهدف المحدد عند 30 بالمئة.
وأشاد الصندوق بتحسن مستوى كفاءة الحكومة بفضل وسائل من بينها التحول الرقمي، مشيراً كذلك إلى إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية المالية والخارجية، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات في ظل رؤية السعودية 2030، التي ساعدت على المضي قدما في تنفيذ برنامج تنويع النشاط الاقتصادي والحد من الاعتماد على النفط.
وأوصى صندوق النقد الدولي السعودية بالحفاظ على زخم الإصلاحات من أجل تحقيق النمو الشامل وتعزيز الصلابة بصرف النظر عن مستوى أسعار النفط.
توقعات النمو
كان صندوق النقد الدولي، خفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال العام الجاري بشكل لافت، إلى 1.9 بالمئة، في تقريره الصادر يوليو الماضي، من 3.1 بالمئة في توقعات أبريل، بعد أن تصدرت المملكة اقتصادات دول مجموعة العشرين العام الماضي، بتحقيقها معدل نمو بلغ 8.7 بالمئة، وهو النمو الأعلى منذ نحو 11 عاما، عندما سجلت السعودية نموا اقتصاديا بنسبة 10 بالمئة في 2011.
كما يتوقع الصندوق نمو الاقتصاد السعودي في عام 2024، بنسبة 2.8 بالمئة، وأن يرتفع النمو إلى 4.2 بالمئة في 2025، و3.3 بالمئة في عامي 2026 و2027، ثم 3.1 بالمئة في عام 2028.
وفي الربع الثاني من العام الجاري، سجل الاقتصاد السعودي أبطأ نمو فصلي منذ منتصف 2021، بمعدل 1.1 بالمئة، بحسب التقديرات السريعة للنمو التي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء السعودية، في يوليو الماضي، وهو الانخفاض الذي جاء مدفوعا بانكماش الأنشطة النفطية بنسبة 4.2 بالمئة، في مقابل ارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 5.5 بالمئة.
وكان الاقتصاد السعودي، البالغ حجمه تريليون دولار، شهد ازدهارا كبيرا في 2022، وذلك بسبب الإنتاج القياسي من الخام والذي ناهز 10.5 مليون برميل يوميا، بمتوسط سعر 100 دولار للبرميل، لكن هذا الأمر تغير في العام الجاري، بالتزامن مع تخفيضات الإنتاج التي أعلنتها أوبك+ في ظل تعثر انتعاش أسواق الطاقة العالمية.
وتأثرت صادرات البترول السعودية، مع دخول خفض إنتاج النفط الطوعي البالغ 500 ألف برميل يوميا، حيز التطبيق بداية من مايو، وذلك ضمن التخفيضات التي أعلنتها المملكة ومنتجو نفط آخرون في تحالف "أوبك+"، بأكثر من مليون برميل يوميا، اعتبارا من بداية مايو، وبلغت حصة المملكة في هذا الخفض نصف مليون برميل يوميا.
وعادت السعودية وأعلنت عن خفض طوعي إضافي بمليون برميل يوميا اعتبارا من بداية يوليو، ليكون مجموع خفض المملكة التطوعي 1.5 مليون برميل يوميا، والذي سيستمر حتى نهاية ديسمبر المقبل.
توصيات صندوق النقد
حث صندوق النقد الدولي المملكة على "زيادة ضبط أوضاع المالية العامة للحفاظ على احتياطيات وقائية أقوى وتلبية احتياجات تحقيق العدالة بين الأجيال".
وأضاف الصندوق أنه لدعم هذه الاستراتيجية، لابد من البناء على جهود تعبئة الإيرادات غير النفطية، بما فيها الإبقاء على معدل ضريبة القيمة المُضافة، التي تبلغ حاليا 15 بالمئة.
وقال الصندوق إن "احتواء فاتورة الأجور وإصلاحات دعم الطاقة يشكل جزءا من هذه الاستراتيجية، وهو ما ينبغي أن يكون مصحوبا بالتوسع في البرامج الاجتماعية الموجهة بدقة للمستحقين للحد من تأثير هذه الإصلاحات على أضعف فئات السكان".
وأشار إلى أن "تشديد السياسة النقدية تماشيا مع الاحتياطي الفيدرالي سيظل يمثل دعما لنظام ربط سعر الصرف"، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي لا يزال محتفظا بقوته، تدعمه الجهود الجارية لتحديث الأطر التنظيمية والرقابية.
وذكر البيان أن السعودية حققت تقدما كبيرا نحو جدول أعمال الإصلاح الهيكلي، وأكد على أنه يتعين "معايرة برامج الاستثمار بدقة لتجنب مزاحمة القطاع الخاص".