بعد اجتماعات تطرقت نقاشاتها إلى مختلف القضايا الاقتصادية والسياسية، اختتمت مجموعة "بريكس" أعمال قمتها بالإعلان عن ضم 6 دول جديدة إلى عضويتها.

وشملت قائمة الدول الجديدة 3 دول عربية، هي الإمارات والسعودية ومصر، بجانب الأرجنتين وإيران وإثيوبيا، ليرتفع بذلك عدد الأعضاء في المجموعة إلى 11 دولة تساهم بنحو 29 بالمئة في الناتج الإجمالي للاقتصاد العالمي.

وتستحوذ المجموعة، بعد انضمام قائمة الدول الجديدة، على 42 بالمئة من إنتاج النفط و38 بالمئة من إنتاج الغاز، و67 بالمئة من إنتاج الفحم في السوق العالمية.

انضمام الإمارات والسعودية ومصر يحمل في طياته شراكة اقتصادية استراتيجية بين هذه الدول ومجموعة بريكس.

الإمارات والسعودية تمتلكان اقتصادا قويا متناميا ومؤثرا، يمثل مكسبا مهما لمجموعة بريكس، ويرفع من حجم اقتصادها.

كما تعد الدولتان من اللاعبين الرئيسيين في أسواق الطاقة العالمية، وانضمامهما إلى مجموعة بريكس يحقق العديد من المزايا للمجموعة باستقرار أمن إمدادات الطاقة لكبار المستهلكين وتحديدا الصين والهند.

كما يفتح انضمام الدولتين الباب أمام آفاق جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع الكثير من دول العالم، وخاصة دول المجموعة التي تعد من أسرع اقتصادات العالم نموا.

أخبار ذات صلة

ماذا يعني توسيع "بريكس" بالنسبة للتكتل والدول الأعضاء؟
أبي أحمد: انضمام إثيوبيا لبريكس سيربط المجموعة بشرق إفريقيا

الإمارات والسعودية ومصر

إعلان مجموعة بريكس عن الترحيب بعضوية الدول الجديدة يأتي في وقت مناسب لكل من العواصم العربية الثلاث.

ويأتي انضمام دولة الإمارات العربية إلى بريكس في وقت تمكنت من تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع دول العالم، حيث وقعت العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، ما ساهم في تعزيز تجارتها غير النفطية عالميا وبلوغها مستويات تاريخية.

ويساهم انضمامها إلى بريكس في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى اقتصادها والعمل على تعزيزه وتقويته.

وتعد الإمارات والسعودية من أكبر الشركاء التجاريين لدول المجموعة في المنطقة، وانضمام الدولتين إلى بريكس يدعم استراتيجيتهما القائمة على الانفتاح والتنوع وتعزز من وصولهما إلى شبكة قوية من الشركاء الاقتصاديين في ظل التحولات العالمية الجارية التي يشهدها العالم وسط توترات جيوسياسية وعقوبات متبادلة بين موسكو من جهة، وواشنطن وعواصم دول أوروبية من جهة أخرى.

أما انضمام مصر فيحمل لها الكثير من الفرص والمزايا، خاصة على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، فحجم التبادل التجاري بينها وبين بريكس يتجاوز 31 مليار دولار، ويمنحها الانضمام متنفسا أوسع للتحرر من قبضة الدولار بتوسيع معاملاتها التجارية بعملات محلية.

كما يمثّل انضمام دول عربية إلى المجموعة، محطة مهمة في تحوّل موازين القوى الاقتصادية العالمية، فالإمارات والسعودية ومصر، مرشحة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، التي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.

فكيف ستؤثر الخطوة على الدول العربية والمجموعة؟ وما هو حجم المصالح التي يمكن الاستفادة منها بشكل متبادل؟

قال علي حمودي، الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في "ATA Global Horizons" إن الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية العالمية مثل مجموعة بريكس يعد مفيداً لجميع الدول، سواء الأعضاء الجدد أو الحاليون، لأنها تعمل على تحقيق الترابط، وتحقيق المنفعة للجميع.

وتعمل دول بريكس على توسيع حجم السوق وتحسين حركة الاستثمارات والأموال.

إضافة إلى ذلك، فالانضمام إلى بريكس من شأنه أن يحقق الاستفادة للدول من فائض القوى العاملة لديها، ويخلق الفرص في مواقع اقتصادية مختلفة، ويعمل على تزويد المستهلكين بسلع أرخص.

ويضيف حمودي أن خطوة الانضمام إلى تكتل كبير مثل بريكس يعمل على الحد من تأثير الصدمات الاقتصادية الخارجية على الاقتصاد الداخلي لكل دولة في التكتل، وذلك بسبب التنويع الذي يحققه التعاون بين الدول في الإنتاج ونقل الفائض.

ويضيف: "فضلا عن زيادة التجارة المتوقعة بين أعضاء بريكس الجدد، وزيادة التداولات والتسويات بالعملات المحلية، ستكون هناك فوائد أخرى مهمة، بالنسبة لمصر على سبيل المثال، قد تساعد عضوية بريكس في نقل التكنولوجيا والتصنيع من الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والهند وروسيا".

كما أشار إلى إمكانية فتح أسواق جديدة في التكتل أمام الصادرات المصرية، والعمل على تخفيف مشكلات العملة الأجنبية التي تواجهها القاهرة، "خاصة أن غالبية واردات مصر تأتي من الكتلة"، حسب تعبيره.

أخبار ذات صلة

ماذا تستفيد مصر من الانضمام إلى مجموعة "بريكس"؟
وزير الخارجية السعودي: المملكة شريك تجاري رائد لـ "بريكس"

أهمية "بريكس"

يقول الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في "ATA Global Horizons"  إن بريكس تعد مصدرا مهما للاستثمار الأجنبي المباشر في المجالات الرئيسية مثل التعدين وصناعة السيارات والنقل والطاقة النظيفة والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات.

وتؤدي هذه الاستثمارات والمشاريع، بحسب حمودي، إلى خلق فرص عمل كبيرة بين الدول الأعضاء، فضلا عن التجارة والاستثمارات المتبادلة، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة.

.

وأكد حمودي أن خطوة الانضمام إلى بريكس لا تعني الابتعاد عن الدول الغربية، التي تحتفظ الدول العربية معها بعلاقات قوية.

وقال: "تتمتع الإمارات والسعودية ومصر بعلاقة جيدة جدًا مع الولايات المتحدة والغرب، وكونها جزءًا من مجموعة بريكس لا يشكل تهديدًا لتلك العلاقة، فالصين نفسها التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، لذلك لا يمكن تصنيف دول بريكس على أنها كتلة مناهضة للولايات المتحدة أو الغرب".

وعن خطوة الابتعاد عن الدولار في التجارة العالمية، والتي أشار إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحاته خلال اجتماعات المجموعة في الأيام الماضية، أشار الحمودي إلى احتمالية قيام بعض الدول بالتجارة الثنائية وتسوية المدفوعات بعملاتها المحلية، مما يقلل الحاجة إلى التداول بالدولار الأميركي "لكن هذا لن يمثل تحولًا كبيرًا في وضع الدولار".

ويؤكد: "من أجل التداول بالعملة المحلية مع شريكك التجاري، يجب على كل دولة أن تحتفظ في احتياطياتها بالمزيد من هذه العملة، واحتفاظ دول بريكس بمزيد من الاحتياطيات من العملات المحلية هو استراتيجية "مشكوك فيها للغاية" حيث يجب أن تكون العملة الاحتياطية مستقرة مع إمكانية الوصول إلى الأسواق السائلة التي يمكن التحرك داخلها وخارجها بسرعة".

وأكد أن الدولار هو العملة الوحيدة التي تقدم كل هذه الفوائد في الوقت الحالي.

وحول إمكانية أن تشجع الخطوة دولا أخرى على الانضمام، قال حمودي إنه ينبغي على أي دولة عربية مستقرة أخرى لديها تجارة ثنائية مع واحدة أو أكثر من دول بريكس وتأمل في زيادة التجارة والاستثمار في اقتصادها أن تفكر في أن تصبح عضوًا في المجموعة.

من جانبه، قال محمد الحدب، الخبير في الاقتصاد والسياسة العامة وأستاذ المحاسبة المالية بجامعة آل البيت بالأردن إن خطوة الانضمام لـ بريكس "مهمة وجاءت في توقيت مهم جدا وستنعكس مستقبلا إيجابا على الأوضاع الاقتصادية لهذه الدول العربية".

ومن المتوقع، بحسب الحدب، أن تدفع الخطوة مستقبلا العديد من الدول لتقديم طلبات انضمام إلى هذا التكتل مما سيجعل عملية قبول مثل هذه الطلبات صعبا، لكونه من المستحيل أن تضم هذه المجموعة عددا لا متناهيا من الدول.

"لضمان نجاح مجموعة بريكس سيكون هنالك تشابه من حيث الدول الأعضاء من حيث قدرة الاقتصاد وغيرها من العوامل، وعليه كلما قدمت الدول طلبا مبكرا للانضمام زاد ذلك من فرص قبولها في المجموعة"، بحسب الحدب.

أخبار ذات صلة

بينها 3 دول عربية.. قائمة 5 دول قد تنضم إلى مجموعة "بريكس"
"بريكس" تتفق على آليات لضم أعضاء جدد للمجموعة

فوائد متبادلة كبيرة

أكد محمد الحدب أن الدول الأعضاء في بريكس ستستفيد بقوة من اتفاقيات التجارة البينية بين هذه الدول، والإعفاءات الجمركية والضريبية بما يزيد من حجم التبادل التجاري، إضافة إلى عملية التكامل في مجال الصناعة والسلع والمواد الخام اللازمة للإنتاج.

وأشار إلى الإمكانات الهائلة المتاحة لدول بريكس، إذ تمثل دول الأعضاء في المجموعة 40 بالمئة من مساحة العالم، وتعتبر ذات كثافة سكانية مرتفعة تشكل نحو 46 بالمئة من سكان العالم.

وقال الحدب: "هذه المجموعة بلا شك ستشكل ثقلا اقتصاديا وسياسيا كبيرا على مستوى العالم، وبالتالي فإن انضمام الدول العربية سيساعدها على الاستفادة من مزايا هذه المجموعة والتحوط ضد نظام الاقتصاد العالمي الحالي الذي يرتبط باقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، مثلما شهدنا كيف أثر رفع أسعار الفوائد في أميركا على باقي اقتصادات العالم وذلك للارتباط الوثيق بينهما ".

وأشار أيضا إلى استفادة الدول العربية من مجالات التصدير والاستيراد من مجموعة بريكس، من خلال اتفاقيات تفضيلية ستساعدها على تحقيق فوائض في الميزان التجاري.

واتفق الحدب على أن خطوة انضمام الدول العربية لا تعني في المقابل الابتعاد عن الدول الغربية، "بل هي خطوة للوصول في وضع توازن مع قوى الاقتصاد العالمي"، حسب تعبيره.

وأكد الخبير في الاقتصاد والسياسة العامة أن المعسكر الغربي لم يعد المسيطر على الاقتصاد العالمي، وأوضح أن ترابط الدول الغربية أصبح أضعف بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة التضخم العالمية.

"من حق الدول أن تولي مصالحها أولوية من خلال تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع القوى العالمية. وللتأكيد على ذلك فان مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي تفوق مساهمة مجموعة السبع"، بحسب الحدب.

مجموعة بريكس تعلن توسعها لتضم 6 دول أخرى بينها 3 عربية

من جهة أخرى، يرى الخبير في الاقتصاد والسياسة العامة أن انضمام الدول العربية من شأنه أن يقلل من اعتمادها على الدولار في معاملاتها التجارية، خاصة أن بعض الدول الأعضاء في مجموعة بريكس تتعامل حاليا بعملات غير الدولار في معاملاتها التجارية بالفعل، وعلى سبيل المثال بيع النفط الروسي لكل من الهند والصين بعملات تلك الدول بدلا من الدولار.

ويضيف: " لن يكون التحول عن الدولار بشكل سريع وذلك بسبب الحاجة إلى إيجاد عملة موحدة لمجموعة بريكس تستخدم على نطاق واضح، وخصوصا أن استخدام أي عملة من عملات الدول الأعضاء كعملة رئيسية لها مخاطر في رفع قيمة تلك العملة مما يسبب ضررا واضحا لصادراتها وبالتالي ينعكس على اقتصاد تلك الدولة".

ويعتقد الحدب أن انضمام الإمارات والسعودية ومصر يمثل دافعا لباقي الدول العربية أن تسير على نفس الدرب وتتقدم للانضمام إلى بريكس، مع الضوء الإعلامي الكبير الذي تشهده مجموعة بريكس حاليا، ومن غير المستبعد أن تقدم بعض دول الاتحاد الأوروبي أيضا طلب انضمام إلى هذه المجموعة مستقبلا.

لكن بعض الدول العربية لا تتوافر لديها المزايا الاقتصادية المناسبة التي تجعلها مؤهلة للانضمام إلى مجموعة بريكس، بحسب تعبيره.