تحولت وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ركيزة أساسية من ركائز الحياة اليومية للبشر، لما لها من دور كبير في جعل العالم أكثر ترابطاً.

فقد أسهمت هذه المنصات بربط مليارات الأشخاص حول العالم ببعضهم، ومع تعاظم دورها بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة، تحولت من مجرد منصات للتواصل بين الأفراد، إلى أدوات يستخدمها المشاهير والشركات ووسائل الإعلام والحكومات والسياسيين، للاتصال الاستراتيجي مع الجماهير والتأثير على اتجاهات الرأي العام.

ورغم تعدد منصات وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن السيطرة المطلقة في هذا المجال، تعود لشركة ميتا التي قارب عدد مستخدمي منصاتها نصف سكان العالم، حيث أعلنت الشركة خلال الكشف عن نتائج أعمالها للربع الثاني من 2023، أن هناك 3.88 مليار شخص في العالم، يستخدمون شهرياً واحداً من عائلة تطبيقاتها، التي تشمل واتساب وفيسبوك وانستغرام وماسنجر.

وفي الوقت الذي يمثل فيه رقم 3.88 مليار مستخدم الذي كشفت عنه ميتا قرابة الـ 50 بالمئة من سكان العالم، البالغ عددهم 8 مليارات نسمة، فإن هذا الرقم يشكل أيضاً نحو 75 بالمئة من مستخدمي الإنترنت في العالم، ونحو 81 بالمئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم.

فبحسب شركة "ستاتيستا" للأبحاث، وصل عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في جميع أنحاء العالم في أبريل 2023 إلى 5.18 مليار مستخدم، في حين بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 4.8 مليار مستخدم.

أخبار ذات صلة

"واتساب" تعلن التحدي على "زووم" بخاصية جديدة
غرامة كبيرة ضد "ميتا" في النرويج بسبب انتهاك الخصوصية

ثلاث مراتب لتطبيقات ميتا

وتحتل التطبيقات التي تملكها شركة ميتا ثلاثة مراتب، في قائمة أكثر 5 شبكات اجتماعية تملك عدد مستخدمين نشطين شهرياً في العالم حالياً، حيث يأتي فيسبوك في المرتبة الأولى، مع أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط، ومن ثم يوتيوب، مع أكثر من 2.5 مليار مستخدم، ليحل تطبيق واتساب في المرتبة الثالثة مع أكثر من ملياري مستخدم نشط، ثم انستغرام مع 2 مليار مستخدم، وفي المرتبة الخامسة تطبيق وي تشات مع 1.3 مليار مستخدم نشط.

وبعيداً عن الأرباح المالية التي تحققها ميتا من عائلة تطبيقاتها، فالرقم المذهل لعدد المستخدمين الذي تملكه الشركة، يثبت أن الامبراطورية التي بنتها، بعيدة كل البعد عن الموت، حيث لا تزال تطبيقات الشركة الخيار رقم واحد بالنسبة لسكان الكرة الأرضية، فأقوى المنافسين المفترضين لتطبيقات ميتا، والذي هو تيك توك، لا يملك سوى مليار مستخدم نشط شهرياً، ما يعني أنه لا يزال بعيداً جداً عن إمكانية التفوق عليها.

موازين القوى

ومع استمرار ميتا توسيع وتطوير أساليب نفوذها في عالم التواصل الاجتماعي إثر إطلاقها لتطبيق ثريدز، تبرز تساؤلات كبيرة حول موازين القوى في عالم منصات التواصل وانعكاسات سيطرة شركة واحدة على اهتمامات 80 بالمئة من مستخدمي تطبيقات التواصل في العالم.

ويقول مطور البرامج والتطبيقات أحمد الحركة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ما حققته ميتا لم يمكن ليسمح لها بالوصول إليه لو لم تكن شركة أميركية، فالهوية الأميركية للشركة ساعدتها في تمدد شبكة تطبيقاتها في مختلف المناطق الجغرافية في العالم بسهولة ودون أي مضايقات تذكر.

في حين أن أي تطبيق صيني للتواصل الاجتماعي يلاقي نجاحاً جماهرياً كبيراً، يتم صد تقدمه من خلال عراقيل تنظيمية، تحد من إمكانية توسعه على الصعيد الجماهيري، تماماً كما يحصل مع تطبيق تيك توك الذي يواجه عراقيل في أميركا وكندا وأوروبا تعيق تقدمه.

وبحسب الحركة فإن ما حققته ميتا ليس مستغرباً، فهي تملك إثنين من أقوى التطبيقات في عالم التواصل، الأول هو فيسبوك والثاني هو واتساب، حيث من النادر جداً وجود مستخدم للإنترنت في العالم لا يستخدم إحدى هاتين المنصتين، مشيراً إلى أن ما يظهر مدى السيطرة التي تتمتع بها تطبيقات ميتا خاصة تطبيق واتساب، هو ما يحصل عند توقف التطبيق عن العمل بسبب عطل، حيث يتصدر ذلك العناوين الإخبارية العاجلة في العالم، ما يؤكد أن التطبيق تحوّل الى نظام أساسي للاتصال والتواصل، على صعيد العالم أجمع.

ويضيف الحركة أن العوامل التي ساعدت ميتا على النجاح والنمو، هي القيمة المضافة التي تقدمها للمستخدمين مع كل ميزة جديدة، مشيرة إلى أن ميتا وبقيادة مارك زوكربيرغ، تبرع في إرضاء المستخدمين والمعلنين والسلطات السياسية دون أن يتأثر أحدهم بالآخر.

أخبار ذات صلة

زوكربيرغ مستعد للقتال "اليوم".. وموقف ماسك غامض
بالأرقام.. شعبية "ثريدز" تنهار

المنصات مناجم للذهب

من جهته يقول مهندس الاتصالات محمد شامي في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة هي بمثابة منجم ذهب يتجدد مخزونه على الدوام مع انضمام مستخدمين جدد، فالشركات المالكة لهذه المنصات تتيح للمستخدمين التفاعل مع خدماتها دون أي كلفة، وذلك كونهم المنتج الذي يتم استغلاله من عدة نواح.

وأشار إلى أن هذه المنصات ومقابل خدماتها المجانية، تريد أن تعرف كل شيء عن المستخدم، وذلك كجزء من استراتيجيتها في جمع البيانات والمعلومات عن المستخدمين بدون توقف.

ويكشف شامي أنه بعيداً عن الأرباح التي تحققها ميتا من الإعلانات التي يتم عرضها على منصاتها، فإن البيانات التي تجمعها عن 3.88 مليار مستخدم حول العالم تدر لها أرباحاً خيالية مع استغلالها لهذه المعلومات في سوق التجارة الإلكترونية، كاشفاً أن ميتا وغيرها من الشركات، تفهم وتراقب كل تصرف يقوم به المستخدم على شبكة الانترنت، حيث يتم بيع واستخدام هذه المعلومات مقابل مبالغ طائلة.

وبحسب شامي فإن التقديرات تشير إلى أن قيمة سوق منصات شبكات التواصل الاجتماعي العالمي، ستصل إلى نحو 940 مليار دولار أميركي بحلول عام 2026، حيث من المتوقع أن تنمو هذه الأرقام، مع تزايد استخدام الشبكات الاجتماعية، لافتاً إلى أنه من الناحية السياسية، فإن ميتا تضمن تفوق وهيمنة الولايات المتحدة الأميركية على واحدة من أهم الأدوات في الحرب التكنولوجية القائمة بينها وبين الصين، حيث أن أي منصة غير أميركية، لن يسمح لها بالوصول الى هذا العدد من المستخدمين، وكميات البيانات والمعلومات الهائلة المتعلقة بهم.

ويرى شامي أنه لا يمكن القول إن ميتا باتت إمبراطورية يستحيل كسرها، فالشركة تجذب المستخدمين بخدماتها وأي تأخر بمواكبة اتجاهات المستخدمين في العالم سيكلفها هذا اللقب.