ما بين الحلم بجني أرباح سريعة وكبيرة، والخوف من الخسارة، يقف البعض في حيرة بشأن خوض تجربة الاستثمار في أسواق المال، فكما هو الحال في أي نوع من أنواع الاستثمار هناك مكسب أو خسارة، لكن في كل الأحوال يتطلب الأمر دراسة حقيقية قبل اتخاذ أي خطوات للبدء في الاستثمار بأسواق المال، وحسابات المكسب والخسارة.
عادة ما يبدو الاستثمار في أسواق المال عالماً "صعباً" بالنسبة للكثيرين ممن هم خارج الأسواق، وفي بعض الأحيان تكون هناك صور ذهنية سلبية أو مُشوشة حول هذا العالم، خاصة في بعض المجتمعات العربية التي ترتبط فيها صورة "البورصة" على سبيل المثال بخسائر الثروة، كما رسمتها بعض المعالجات الدرامية والسينمائية.
ما المطلوب لدخول السوق؟ كيف أبدأ في سوق المال؟ ما هي الاستراتيجيات التي يُمكن اتباعها لتحقيق الربح؟ ما هي الأدوات الأكثر أمناً؟ كيف أتجنب الخسارة؟ وغيرها من الأسئلة التي عادة ما تكون حاضرة بقوة في ذهن ممن هم يترددون في الاستثمار بأسواق المال.
التحليل الفني والمالي
وللإجابة عن تلك الأسئلة، قال في البداية خبير أسواق المال والمحلل الاقتصادي، الدكتور حسام الغايش، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن من يقرر دخول عالم أسواق المال عليه قبل بدء الاستثمار دراسة الأدوات والقواعد التي سيعمل بها، والاختيار بين الأدوات الموجودة (الأسهم والسندات)، مؤكداً على أنه لابد أن يكون الشخص مُلماً بأساسيات القواعد الخاصة بالتحليل المالي والفني والاستعانة بمتخصصين، حتى يكون قادراً على توقع قوة السهم، ذلك من خلال المؤشرات المالية، وكذلك تقدير السعر الذي سيشتري به.
واستعرض خبير أسواق المال، مجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها من قبل من لديهم رغبة البدء بالاستثمار في الأسواق المالية، على النحو التالي:
- أن يمنح الراغب بالاستثمار نفسه وقتاً لدراسة ومتابعة السوق قبل بدء الاستثمار (الذي عادة ما يكون بتوظيف الفائض من المال لدى الفرد).
- تعلم أساسيات إدارة رأس المال والتحكم في المحفظة الاستثمارية، من حيث السيولة وحجم تركيز الأسهم فيها.
- أن يحاول بقدر الإمكان أن يحصل على مكاسب قليلة حتى تكون الخسائر قليلة أيضاً في البداية، وهي أفضل استراتيجية في سوق المال.
- لابد من التركيز في البداية على أسهم الشركات القوية مالياً، وهو ما يسمى في سوق المال الأسهم الدفاعية؛ فدائماً عندما تكون هناك حالة تذبذب أو اضطراب في السوق تتجه السيولة لهذه الأسهم، بهدف تقليل درجة المخاطر عن طريق شراء تلك الأسهم والاحتفاظ بها لفترة لحين استقرار السوق.
- يُفضل أن يتدرج المستثمر في البداية باستثمار مبلغ مالي معين (قليل)، وأن يضخ هذا المبلغ على أجزاء وفترات، وبعد ذلك ينوع بين الأسهم، فلا يعتمد على سهم أو قطاع واحد.
أفضل وسيلة للاستثمار
أما خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، فقد أوضحت لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن البورصة من أفضل وسائل الاستثمار، مشيرة إلى تنوع الخيارات أمام المستثمر من جهة أسعار تلك الأسهم، وبالتالي لا يُشترط توافر فوائض مالية كبيرة للبدء، إذ يمكن بدء الاستثمار بمبلغ زهيد على سبيل التجربة.
وذكرت مجموعة من الخطوات التي يمكن من خلالها أن يبدأ الفرد شق طريقه للاستثمار في أسواق المال، كالتالي:
- تحديد الفائض المالي الذي سيتم الاستثمار به، على أن يكون هذا الفائض بعيداً عن ما يحتاجه المستثمر من مال لسداد الفواتير وتدابير الحياة اليومية، خاصة وأن الاستثمار يحتاج إلى صبر وعوائده تكون بعد فترة من الوقت.
- تحديد المخاطر وكيفية تحملها، فهناك من يمكنه تحمل مخاطر عالية مثل تذبذب الأسعار أو انخفاضها، ومن يفضل وضع أمواله بأمان لدى البنوك تجنباً للمخاطر، وكلما كان المستثمر قادراً على التحمل أكثر كلما استطاع الدخول في استثمارات أكبر، خاصة في الاستثمارات التي تشهد تغيراً مثل أسواق المال والاستثمار في الأوراق المالية.
- اختيار التوقيت المناسب لبدء الاستثمار، إذ لا يفضل البحث عن استثمار وصل لذروته والبدء فيه، بينما يُفضل البحث عن استثمار يوفر هامش من الربحية.
- إذا كان الشخص سوف يستثمر في الأوراق المالية، فيفضل أن يختار شركة تداول (وسيط) لديها خبرة في هذا المجال، وأن يكون لديه مدير حساب يتم استشارته وتعلم ثقافة البورصة منه، وكذلك متابعة الأسهم لاتخاذ قرار مناسب للاستثمار.
- على الفرد الذي قرر البدء بالاستثمار اختيار قطاع قريب لمعرفته، فهناك قطاع الأغذية والمشروبات الذي يشهد استهلاك طوال العام ويمكن الاستثمار فيه، وكذلك قطاع العقارات.
وأوضحت الخبيرة في أسواق المال أنه في حال اتباع الشخص الخطوات المذكورة واستطاعته تحقيق عائد من أسواق المال يكون بذلك يسير في الاتجاه الصحيح، لافتة إلى أنه حال تحقيق مكسب جيد خلال فترة وجيزة عليه أن يبدأ الدخول في استثمارات جديدة وتوسعة محفظته.
تحديد رأس المال
وإلى ذلك، أشار خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أنه لابد أن يحدد الراغب في الاستثمار بداية رأس المال الذي سيستثمره ، مشيراً إلى أن قيمة ذلك المبلغ يفضل أن تمثل ثلث السيولة المتوفرة كفائض لن يكن هناك احتياج مُلح له في المستقبل القريب، حتى لا يضطر لاحقاً إلى الخروج من سوق المال في وقت غير مناسب.
ونوّه بأن سوق المال واحدة من أخطر الطرق للاستثمار، لذا على من يبدأ شق طريقه للاستثمار فيها أن يوجه في البداية هذا القدر المحدد من السيولة، مع توجيه المتبقي من الفائض المالي إلى وسائل استثمار أخرى.
وأوضح خبير أسواق المال أن هناك خطوات مهمة قد تفيد في الدخول إلى عالم أسواق المال والاستثمار الناجح فيه، دون التعرض لصدمات، ومن بينها:
- اختيار شركة وساطة لديها طريقة سهلة للتواصل مع الوسطاء "السماسرة"، على أن يكون بها منفذ مباشر من خلال الإنترنت، كما تحصل على عمولة منخفضة حتى لا تكون التكلفة عالية في إجراء العمليات، كما تقوم تلك الشركة بتقديم دراسات فنية ومالية عن سوق المال، تمنح المستثمر معلومات كافية لبناء القرار الاستثماري.
- البدء في تحديد الأسهم التي سيتم الاستثمار فيها، ولابد من الانتقائية في الأسهم، فيوجد أسهم كثيرة في البورصة ليس لها قيمة أو منعدمة، ويتم التعرف إليها من خلال قراءة ميزانيات وأرباح الشركة ونتائج أعمالها على مدار عدة سنوات، فإذا كانت تحقق أرباح فستكون مستمرة شرط أن تتسم أرباحها بالنمو.
- الاطلاع على سعر السهم الذي سيتم شراؤه، وإذا ما كان سعره مناسب أم مرتفع، فكلما كان منخفضاً عن سعره التاريخي كلما كانت فرصة جيدة لشراء الأسهم.
- الابتعاد عن المؤثرات المختلفة التي تضر صغار المستثمرين بشكل خاص، مثل السوشيال ميديا والصفحات التي تتداول أخبار غير حقيقية.. لابد من عدم الانصات للشائعات، واتخاذ القرارات بناء على أخبار حقيقية نُشرت على المواقع الرسمية الموثوق بها.
- بمجرد تحقيق السهم الهدف يتخارج منه المستثمر على مراحل لأخذ جولة جديدة في استثمار بسهم جديد.