بعد تردد استمر لعدة أشهر، قررت شركة أبل الانخراط علناً في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تقوم الشركة الآن بإعداد البنية التحتية المناسبة، التي تتيح لها دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي، في منتجاتها وعلى رأسها هاتف آيفون.
فمع التبني والانتشار المتزايد لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي تعتبر من أبرز التحولات التكنولوجية التي سيشهدها التاريخ الحديث، كشف تقرير لبلومبرغ أن صانعة الآيفون تعمل خلف الأبواب المغلقة، على مشروع ذكاء اصطناعي خاص بها يحمل اسم "Ajax"، ويتضمن إنشاء روبوت دردشة يطلق عليه المهندسون داخل الشركة Apple GPT وهدفه منافسة روبوتات مثل ChatGPT وبارد وغيرهما.
كما كشف التقرير أن أبل كوّنت الإطار الخاص بها، لإنشاء خوارزميات "نماذج اللغات الكبيرة"، وهي الخوارزميات المسؤولة عن جعل الذكاء الاصطناعي التوليدي، يقوم بمجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك إنشاء النصوص والصور، والإجابة عن الأسئلة بطريقة محادثة والتنبؤ بالكلمات وصياغة الجمل بطريقة مشابهة لطريقة البشر، إضافة إلى ترجمة النصوص.
وحتى الساعة لم تكشف أبل عن خططها لإطلاق أي خدمة أو منتج أو برنامج، مرتبط بمشروع "Ajax" الذي يبدو أنه تم إنشاؤه لأول مرة العام الماضي، تحت عنوان توحيد تطوير التعلم الآلي في الشركة.
وتجنبت أبل خلال الأشهر الماضية الحديث علناً، عن نيتها تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، ففي حين انخرط عمالقة التكنولوجيا الآخرون في سباق التسلح بالجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، كانت أبل مترددة في هذا الشأن، وقد ظهر ذلك جلياً خلال حفل إطلاق نظارة فيجن برو في يونيو 2023، عندما تجنب مديرو الشركة استخدام مصطلح "الذكاء الاصطناعي"، وبدلاً من ذلك أشاروا إلى أن المنتج يستخدم تكنولوجيا مدعومة بالتعلم الآلي.
وفي ذلك الوقت أيضاً، كان الرئيس التنفيذي لأبل تيم كوك، يؤكد خلال أحاديث صحفية أنه لا يزال هناك العديد من القضايا، التي تحتاج إلى حلّ بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي، معلناً أن الشركة ستضيف هذه التكنولوجيا إلى منتجاتها على أساس مدروس للغاية.
أبل أدركت أن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس فقاعة
يقول المحلل في شؤون التكنولوجيا ريان مرتضى، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن امتلاك الشركات لنهج خاص بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بات مطلباً رئيسياً لأي مؤسسة تسعى لتأمين مستقبل وجودها على الساحة، حيث أدركت أبل تماماً أن ما شهدته خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، على صعيد ظهور الجيل الجديد للذكاء الاصطناعي، وتدافع الشركات على تبني هذه التكنولوجيا، ليس مجرد فقاعة، وهذا ما دفعها إلى اقتحام ساحة السباق قبل فوات الأوان، كاشفاً أن الشركة تتهيأ حالياً، لخطوات لاحقة في هذا المجال، من خلال توظيف مهندسين من ذوي الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا ما يبرر وجود نحو 179 فرصة عمل متاحة لدى أبل حالياً، وجميعها مرتبطة بالتعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية.
التكنولوجيا ستتسلل إلى كل خدمات آبل
ويشرح ريان أن دخول أبل مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، لن يكون محصوراً في إطلاق Apple GPT لمنافسة Bard وChatGPT، فالتكنولوجيا الجديدة ستتسلل لتشمل كل خدمة، وميزة ومكوّن تقدمه أبل، في هواتفها أو منتجاتها الأخرى، وذلك من تقنية Face ID مروراً بالبطارية وصولاً إلى الكاميرا والصور ولوحة المفاتيح، والخرائط والتطبيقات وسيري وغيرها الكثير من الأمور.
أبل تهدد منافسيها
وبحسب مرتضى، فإن أبل لطالما سعت لتمييز نفسها عن الآخرين، وبالتالي فإن اقتحامها لسباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، يهدد بالإطاحة بالكثير من المنافسين في هذا المجال، وهذا الأمر مرتبط بالعديد من نقاط القوة، التي تمتلكها الشركة، أولها قاعدة المستهلكين الضخمة والمخلصة، التي تمتد عبر أجهزة أيفون وأيباد والساعات الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، مشيرا إلى أن سهولة التكامل بين Apple GPT ومنتجات أبل، قد تدفع أكثر من مليار شخص في العالم، من مستخدمي أجهزة iOS، إلى تبني البرامج التي تقدمها صانعة الآيفون، خاصة إذا كانت الخيارات التي تقدمها الشركات الأخرى، غارقة في مشكلات الخصوصية وعدم الدقة والهلوسة.
نهج الشركة يتيح لـ Apple GPT اكتساح المنافسة
ويرى مرتضى أن أبل لطالما ركزت على الخصوصية كأحد مبادئها الأساسية، خاصة في السنوات الأخيرة، وهذا ما سيجعل منتجاتها من الذكاء الاصطناعي التوليدي، أكثر إحكاماً من النماذج التي سارعت غوغل ومايكروسفت وأوبن أيه آي، إلى تقديمها والتي يمكن القول إنها بعيدة كل البعد عن الكمال، فنهج أبل غير المتسّرع لبناء نموذج ذكاء اصطناعي توليدي آمن وموثوق، ولا يعاني من الهلوسة، قد يتيح لـ Apple GPT اكتساح المنافسة، رغم وصوله متأخراً بعض الشيء إلى السباق.
Apple GPT مجرد خطوة أولى
من جهتها، تقول أخصائية شؤون التكنولوجيا دادي جعجع، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن دخول آبل مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، لن يشكل تكراراً لما قدمه منافسوها، بل لإضافة بصمة خاصة بها في هذا المجال، ومن هنا يمكن التأكيد على أن Apple GPT مجرد خطوة أولى، فالذكاء الاصطناعي التوليدي، سيحدث تحولاً في كيفية تفاعل الناس مع الهواتف، ومختلف الأجهزة الإلكترونية، ولذلك تعمل أبل على جعل منتجاتها مواكبة للتحولات التقنية، منعاً لتضرر مبيعاتها وتحديداً مبيعات آيفون، التي حققت عائدات بنحو 320 مليار دولار في السنة المالية الماضية.
انقلاب في صناعة الهواتف
وتضيف جعجع أن العالم وبفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيشهد انقلاباً في صناعة الهواتف، كاشفة أن دخول أبل هذا المجال، يعني أن آيفون سيتحول إلى جهاز فائق الذكاء، يملك القدرة على إنتاج الصور، وتوليد النصوص والتحدث مع المستخدمين، وإنتاج صوت شبيه بصوت حامله، وغيرها الكثير من الميزات المتقدمة، فبرمجيات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في البطارية والكاميرا ولوحة المفاتيح، ما يعني أن تجربة الاستخدام ستختلف كلياً.
وتوقعت جعجع أن يكون لدى أبل الكثير من المفاجآت لتقولها، عن برامج الذكاء الاصطناعي في عام 2024، أو حتى عند إطلاقها لهواتفها الجديدة في شهر سبتمبر 2023.