جاء إعلان الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، عن النجاح في اتخاذ خطوات لتحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط؛ تحقيقا لطموحات قديمة وضمانة لأمن البلاد، وسط تقلبات سوق الطاقة العالمية، وفق خبراء.

ويعرض خبيران اقتصاديان من الجزائر لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" معنى الاستقلال عن النفط، وكيف نجحت بلدهما في هذا الملف، وانعكاس ذلك على معيشة المواطنين.

وفي كلمة له خلال حضوره احتفالية جائزة الوسام الشرفي للتصدير، الثلاثاء، نشرتها وسائل إعلام محلية، أثنى الرئيس الجزائري على من وصفهم بـ"الخلَّاقين للثروة"؛ أي العاملين في تنويع الاقتصاد والبعد عن الاقتصاد الريعي "الذي يجمّد الأدمغة والابتكار"، حسب تعبيره.

وانعقدت الاحتفالية تحت شعار "التزام، إنجازات، وآفاق"، وكرم خلالها 14 مؤسسة ممن أسهموا في "زيادة التصدير وجلب الاستثمارات خارج المحروقات".

وأعلن تبون أن بلاده كانت تعتمد بنسبة 97 بالمئة من صادراتها على المحروقات حتى 2019، لكن هذه النسبة باتت تتراجع، ووصلت الصادرات بعيدا عن المحروقات إلى 11 بالمئة في 2022، طامحا في أن تصل في 2024 إلى 16-22 بالمئة.

أخبار ذات صلة

ارتفاع معدلات رفض إصدر تأشيرة "شنغن" في الجزائر
إيرادات الجزائر النفطية ترتفع لـ21 مليار دولار في خمسة أشهر

ما هو الاستقلال عن النفط؟

يفسّر الخبير الاقتصادي الجزائري، الدكتور مراد كواشي، معنى استقلال الجزائر عن اقتصاد النفط بأنه يعني استقلال اقتصادها عن الاعتماد الكبير على عائدات النفط، وهو الهدف الذي سعت إليه الحكومات المتتالية منذ الاستقلال عن فرنسا القرن الماضي.

يعود ذلك إلى أن اعتماد اقتصاد الجزائر على النفط جعله "متخلخلا وغير متزنا"، بتعبير كواشي، نتيجة تذبذب سوق الطاقة؛ فحين ترتفع أسعار المحروقات، يكون الاقتصاد في أريحية وعند انخفاضها يواجه "عسرا كبيرا".

كيف يحدُث التحرر؟

وضعت الحكومة خطة استراتيجية لإنعاش اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط، تضمنت حسب الخبير الجزائري:

⦁ دعم بقية القطاعات، مثل التجارة والخدمات والأسلحة وغيرها.

⦁ زيادة الصادرات التي بلغت قيمتها خارج المحروقات العام الماضي 7 مليارات دولار، وهي الآن على وشك بلوغ 13 مليار دولار؛ ما يمثل رقما قياسيا في تاريخ الجزائر الحديثة. 

⦁ وضعت قانونا جديدا للاستثمار يتضمن مزايا كبيرة للمستثمرين المحليين والأجانب. 

⦁ عمقت وجودها في أسواق إفريقيا، ونظمت معارض تجارية داخل الجزائر وخارجها، وزادت من رحلاتها الجوية والبحرية إلى القارة.

⦁ السير في اتجاه إنجاز مناطق تجارية حرة مع موريتانيا ومالي والنيجر.

⦁ الاهتمام بالمعادن؛ حيث يوجد في غرب البلاد منجم يضم ثالث أكبر احتياطي عالمي من الحديد، وشرقا توجد مشروعات ضخمة لاستخراج الفوسفات بالشراكة مع الصين، ومشروعات لاستخراج الذهب في الجنوب.

⦁ الحكومة أنشأت بنك البذور لتحسين كمية ونوعية وجودة الإنتاج الحيواني والنباتي محليا، بجانب الاهتمام بالصناعة.

أخبار ذات صلة

أكثر الشعوب استهلاكا للسعرات الحرارية..دولة عربية في الصدارة
اتفاقية بين "سوناطراك" و"توتال" لتطوير حقلي غاز بهذه القيمة

النمو في عالم متعدّد الأقطاب

يضيف الخبير الاقتصادي والأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبدالقادر سليماني، على ما سبق من نقاط أوردها كواشي:

⦁ اعتمدت الجزائر على دعم 5 قطاعات رئيسية، هي الطاقة المتجددة، الصناعة (كالصناعات البتروكيمائية والميكانيكية والإلكترونية والغذائية والنسيج والجلود)، وقطاع الزراعة، وقطاع الخدمات شاملا السياحة والنقل، وقطاع الذكاء الاصطناعي والمؤسسات الناشئة.

⦁ الدخول في تكتلات اقتصادية وتجارية، مثل بريكس وشنغهاي للتعاون لزيادة الصادرات؛ حيث تهدف للوصول إلى هدف 13 مليار دولار خارج المحروقات.

⦁ تأتي النقطة الأخيرة في إطار مراهنة الجزائر على عالم متعدد الأقطاب، بعد توجهها شرقا نحو روسيا والصين.

ما المردود على المواطن؟

يتفاءل مراد كواشي بتحسن أحوال المعيشة، بعد أن حققت بلاده معدل نمو يتجاوز 4 بالمئة، والناتج الوطني أصبح 170 مليار دولار، "ولا يوجد على الدولة أي مديونية".

وبالمثل، يتوقع سليماني أن ينعكس هذا النجاح على النمو من حيث المعيشة، وإنشاء مؤسسات ناشئة صغيرة ومتوسطة، وزيادة فرص العمل مع الاحتكاك بالشركات العالمية في مجال التصنيع والسياحة، وزيادة الناتج المحلي ليصل إلى أكثر من 200 مليار دولار.