بعد ساعات قليلة من إطلاقه، تمكن المولود الجديد لشركة ميتا وهو تطبيق Threads، من جذب أنظار العالم إليه، متصدراً عناوين الأخبار العالمية بوصفه "قاتل تويتر".
ويعمل ثريدز Threads كتطبيق مستقل للتدوينات، ولكنه يستند إلى تطبيق إنستغرام، وهو يشبه إلى حد كبير منصة تويتر، حيث أن هذا التشابه دفع بتويتر إلى اتهام ميتا بصفتها مالكة Threads بالاختلاس المنظم والمتعمد وغير القانوني لأسراره التجارية، إضافة إلى التعدي على حقوق الملكية الفكرية.
وتطبيق Threads متوفر حالياً في أكثر من 100 دولة حول العالم، ولكنه غير متاح بعد في دول الاتحاد الأوروبي، حيث أجّلت ميتا عملية إطلاقه هناك، حتى تتأكد من توافقه مع التشريعات والقوانين المنظمة للخصوصية.
ما هو تطبيق Threads؟
يحمل تطبيق Threads الجديد واجهة تشبه تطبيق تويتر، وهو يتيح مشاركة التغريدات النصية حتى 500 حرف بحد أقصى، بالإضافة إلى إمكانية نشر الصور ومقاطع الفيديو، وهو يوفر خيارات مختلفة للتفاعل مع المنشورات مثل الإعجاب والتعليق وإعادة النشر والمشاركة، تماماً كما يحصل عند استخدام تطبيق تويتر.
ويستخدم Threads خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتعرّف على تفضيلات المستخدم ونوع المحتوى الذي يعجبه، وعلى هذا الأساس يعرض له المحتوى في الصفحة الرئيسية.
ميزة نقل المتابعين
وما يميز Threads هو ارتباطه بإنستغرام، فالتطبيق الجديد يتيح للمستخدمين إنشاء حساب على المنصة باستخدام حساباتهم في إنستغرام، مع إمكانية نقل قائمة متابعيهم الموجودة هناك أيضاً، وهذا ما يفسر العدد الكبير من المستخدمين الذي حققه Threads خلال الساعات الأولى من إطلاقه، والذي وصل الى 30 مليون مستخدم في أقل من 24 ساعة.
ويأتي إطلاق Threads في وقت تواجه فيه تويتر انتقادات شديدة بعد إعلان مالك المنصة إيلون ماسك عن تقييد عدد التغريدات المسموح برؤيتها يومياً، بالإضافة إلى قرارات أخرى سابقة أثارت جدلاً واسعاً، في حين يأمل زوكربيرج في أن يكون Threads أول تطبيق للمحادثات العامة يستخدمه أكثر من مليار شخص.
ويقول أخصائي شؤون التكنولوجيا جورج داغر في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ثريدز لن يكون قاتلاً لتويتر لأن تويتر لديه جمهوره الثابت الذي لن يتخلى عنه بهذه السهولة، إضافة إلى أنه وحتى الآن، ليس هناك من قيمة مضافة يمنحها ثريدز للمستخدمين مقارنة بتويتر، مشيراً إلى أن مستخدمي إنستغرام الذين يتم نقلهم إلى ثريدز هم في الأغلب أصدقاء وفنانون ومؤثرون، واهتماماتهم تنحصر بنشر الصور والفيديوهات والاقتباسات، في حين أن منصة تويتر هي منصة معروفة بإثارتها للجدل، وتضم أشخاصاً يتحدثون في السياسة والتكنولوجيا ومواضيع خلافية أخرى، وبالتالي هذا المحتوى لن يتوفر على ثريدز.
وذكّر داغر أنه في عام 2010 أطلق مارك زوكربيرج ما كان يعرف بخدمة "فايسبوك إيميل" أو Facebook email والتي قيل أنها ستقتل خدمة جيميل من جوجل، ولكن في عام 2014 تم إيقاف "فايسبوك إيميل" بسبب عدم إقبال الناس عليها، وبالتالي فإن المراهنة على قتل ثريدز لتويتر، قد تلاقي نفس المصير، مشدداً على أن أي منصة جديدة تطرح في السوق، يتم النظر إلى سهولة الدخول إليها والبدء باستخدامها دون أي حواجز أو عوائق، كعدم فتح حساب وإدخال المعلومات الشخصية، وهذا ما يسهم بتزايد أعداد مستخدمي ثريدز.
وجدد داغر تأكيده على أن مستخدمي تويتر لن يتحولوا إلى ثريدز، لافتاً إلى أن إيلون ماسك لن يتراجع عن قراراته السابقة المتعلقة بتحديد عدد التغريدات المسموح برؤيتها وألزم الناس بالدفع مقابل توثيق حساباتهم.
وأضاف أن فكرة تقييد الوصول إلى التغريدات هدفها مواجهة الروبوتات ومن يقومون بتصرفات غير سليمة على تويتر ولن تؤثر على المستخدم العادي، مشيراً إلى أن تويتر سيتحول لاحقاً الى منصة "أكس" حيث سيتغير شكله وتصميمه وما إلى ذلك، وبالتالي فإن التغيير المنتظر سيحدث تحولاً كبيراً في مسار التطبيق.
من جهته يقول الكاتب المختص بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه من المبكر جداً الحديث عن تغلب Threads على تويتر، فالذي يحصل حالياً ينطبق عليه المثل القائل "كل جديد وله رهجته"، حيث يبقى الأهم أن يتمكن Threads من الاستمرار بتحقيق نسبة استخدام مرتفعة، لسنوات طويلة تماماً كما فعل تويتر.
وأضاف أنه لا يجوز تشبيه تطبيق تويتر الذي يبلغ من العمر 17 عاماً، والذي لا يزال يحافظ على وجوده حتى الساعة، بتطبيق عمره ساعات، مشيراً إلى أن المبالغات التي حصلت بتقييم Threads ووصفه بالتطبيق الرائع وبقاتل تويتر، مردها إلى شعور عدد لا يستهان به من الأشخاص بالكره تجاه إيلون ماسك، خاصة بعد فرضه أموالاً لقاء حصول المستخدمين على العلامة الزرقاء، وحرمان من حصلوا عليها مجاناً في السابق من حقهم المكتسب.
ماسك لم يعد وحيداً
وشدد القارح على أن المنافسة دائماً ما تصب لصالح المستخدمين، فإيلون ماسك لن يكون قادراً بعد الآن على التصرف وكأنه الوحيد في السوق، في حين لجأ مارك زوكربيرج وبخطوة نادرة منه، للسماح للمستخدمين من أفراد وشركات ومشاهير بنقل متابعيهم الموجودين على انستغرام إلى Threads، بينما كان على هؤلاء في السابق، ولدى تسجيل دخولهم على أي منصة جديدة القيام بجمع المتابعين من خلال نشر المحتوى الجذاب، وحتى من خلال الإعلانات المدفوعة، لافتاً إلى أن إتاحة إمكانية نقل مستخدمي إنستغرام إلى Threads ستساهم بتحقيق الأخير لأرقام كبيرة، ولكن هذا لا يعني بأنه بات فعلاً تطبيقاً ناجحاً على الصعيد الجماهيري، حيث يمكن لأي أحد تنزيل التطبيق وعدم العودة لاستخدامه لاحقاً، وبالتالي يجب الانتظار لفترة طويلة من الوقت لمعرفة نجاح Threads من عدمه.
وبحسب القارح فإن نقطة الضعف التي سيعاني منها Threads مقابل تويتر، ستكون بسياسة تشديد الرقابة على المحتوى التي تلتزم بها ميتا، والتي تسببت بحظر الكثير من الحسابات على فايسبوك وإنستغرام دون وجه حق، في المقابل فإن هامش الحرية سيكون أكبر على تويتر، متوقعاً أن يعمد ماسك الى إتخاذ خطوات تكتيكية، كالتراجع عن بعض القرارات السابقة التي رأى المستخدمون أنها مجحفة في حقهم.
ثريدز قد ينافس انستغرام!
وختم القارح حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بالتحذير من أن ينقلب السحر على الساحر، ويتحول Threads الى منافس لانستغرام بدلاً من تويتر، لافتاً إلى أن الكثير من الأشخاص عمدوا في الساعات الماضية إلى عرض ما كانوا ينشروه عادة على قصص انستغرام، كمنشورات على تطبيق Threads.